بان كي مون إلى الرياض فهل بدأ التحضير لـ «جنيف» اليمني؟
ن. ش.
التدخل السعودي في اليمن دخل مرحلته الثانية، وهي الأخطر، حين قررت دول التحالف العربية بقيادة المملكة بدء عملياتها العسكرية البرية ضد الشعب اليمني في تموز من العام الحالي، حيث قررت دول هذا التحالف إرسال ألوية عربية للانضمام إلى نظيراتها السعودية والإماراتية الموجودة في مأرب وعدن ومدن يمنية أخرى.
وبعد مرور أشهر عدة على التدخّل العسكري في اليمن الذي طرح في بداياته تساؤلات كثيرة حول تكلفة ومخاطر هذا التدخل، منها: هل تطيل الحرب البرية أمد الصراع بفتح جبهة حرب العصابات التي تعجز عنها القوات البرية نظراً للطبيعة الجبلية لليمن التي يدركها أبناؤها؟ وعما إذا كان هذا التدخل يشكل مستنقعاً جديداً تتورّط فيه السعودية وتحالفها؟ فالتدخل العسكري السعودي في اليمن كان مستبعَداً أن يصل إلى تدخل بري. وهذا ما أكده رودجر شانهان الأستاذ المساعد وزميل الأبحاث في معهد لوي في 26 آذار، حيث قال سأندهش إذا التزم السعوديون بعملية برية واسعة النطاق، لأن اليمن مجتمع ذو تركيبة معقدة وآخر مرة تصدّى فيها السعوديون للحوثيين لم يكن أداء القوات البرية السعودية جيداً.
فالتورط البري في اليمن من قبل السعودية التي وصلت إلى قناعة أن المجموعات التي تقاتل الحوثيين وبدعم منها تحت مسمّى المقاومة الشعبية فشلت، وأن استمرار الضربات الجوية بات محرجاً، ولم يصل للنتيجة التي تطمح لها السعودية في استعادة المناطق التي فرض جماعة أنصار الله سيطرتهم عليها، لذا قررت التدخل برياً. هذا التدخل الذي كان طوق النجاة بالنسبة للحوثيين الذين مازالوا يسيطرون على محافظات يمنية عدة، واستعادوا المبادرة في جنوب اليمن بعدما تمكّنوا في 8 تشرين الثاني من السيطرة على مديرية دمت في محافظة الضالع وتقدّمهم في محافظة لحج ومدينة ذباب مركز مديرية باب المندب في محافظة تعز، التي لم يستطع التحالف فرض سيطرته عليها منذ بدء العملية البرية.
فصمود الجيش اليمني واللجان الشعبية التابعة لحركة أنصار الله حقق تقدماً نوعياً في محافظات عدة، واستطاعوا فرض سيطرتهم الكاملة على مديرية دمت التي تُعدّ بوابة الجنوب اليمني وثاني كبرى مدن الضالع بعد معارك عنيفة خلال اليومين الماضيين مع المسلحين الموالين للتحالف العربي، وهذا ما أكده مصدر عسكري يمني، مضيفاً أن الجيش واللجان تمركزوا في جبل اليأس المطلّ على قاعدة العند الجوية في محافظة لحج الجنوبية، مؤكداً أن هذا التمركز يمثل خطراً حقيقياً على القوات الموالية للشرعية والتحالف العربي. وأشار المصدر إلى أن الجيش واللجان الشعبية سيطرا على مقر اللواء 117 قرب باب المندب في تعز.
يؤكد المراقبون أن هذا التقدم للجيش اليمني واللجان الشعبية والإخفاقات التي تشهدها صفوف التحالف العربي، حيث شهد هذا التحالف مقتل عدد كبير من أنصاره في 9 تشرين الثاني أثناء إحباط محاولة تقدم في منطقة الجحملية شرق تعز، حسب ما أكدته وزارة الدفاع اليمنية، فالوقائع الميدانية تظهر قدرة الحوثيين الذين يتمتعون بخبرة كبيرة في ما يتعلق بالعمليات على الأرض واستعدادهم لحرب طويلة الأمد، وتذكّرنا بالقاعدة العسكرية التي تقول بأن الأرض تحارب دائماً إلى جانب أصحابها، فهذه الوقائع زادت من قلق دول الخليج المحكوم على جيوشها بالفشل في اليمن، حيث أكد خبراء عسكريون أن الأرض اليمنية ستكون مصيدة لمقتل الآلاف من الجنود السعوديين والجنود المستأجَرين من دول عربية وأجنبية بسبب التضاريس الصعبة وبسبب مواجهتهم للمقاتلين اليمنيين المحترفين.
فمع التطورات الميدانية التي تشهدها معظم المحافظات اليمنية وتظهر تقدماً واضحاً للجيش اليمني واللجان الشعبية ومع القلق الخليجي، يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بزيارة إلى العاصمة السعودية الرياض الأحد المقبل وسيجري محادثات مع المسؤولين السعوديين، حسب ما جاء في بيان صادر عن الأمم المتحدة التي تأمل أن تعلن الأسبوع المقبل موعداً لعقد محادثات سلام بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله فمع زيارة بان كي مون للرياض، هل سنشهد في مفاوضات السلام التي من المتوقع عقدها في جنيف أو في مسقط عاصمة سلطنة عمان بين 10 و15 من الشهر الحالي للتوصل لاتفاق يصل باليمن إلى بر الأمان ووقف إطلاق النار، والتوصل إلى تسوية سياسية للازمة اليمنية؟
ناديا شحادة