الطيونة تنفض عنها غبار التفجير الإرهابي وتودع اليوم الشهيد عبدالكريم حدرج الذي افتداها بدمه

لا يزال التفجير الانتحاري الذي ضرب مدخل الضاحية الجنوبية عند دوار شاتيلا منتصف ليل أول أمس والذي راح ضحيته شهيداً و20 جريحاً يلقي بثقله على الساحة اللبنانية، حيث تتابع الأجهزة الأمنية والقضائية تحقيقاتها لحسم هوية الإنتحاري، فيما أكد بيان قيادة الجيش أنّ انتحارياً نفذ تفجير الطيونة وزنة العبوة 25 كلغ.

وقد انضم المفتش الثاني في الأمن العام عبدالكريم حدرج إلى قافلة شهداء التفجيرات الإرهابية ليفتدي أقرانه الأبرياء ومنطقته بدمه، حيث أثبتت فحوص الحمض النووي أنّ حدرج هو الشهيد الذي قضى في تفجير الطيونة، وقد تبلغت عائلته أمس نبأ استشهاده.

واستفاق أهالي منطقة الطيونة أمس، من كابوس التفجير الإرهابي على ما خلفه التفجير الحاقد من خراب في المنازل والسيارات والممتلكات الأخرى، شاكرين العناية الإلهية التي أنقذت أبناءهم من حقد الإرهاب.

وبعد أن كان موقع التفجير مقفلاً ومحاطاً بتدابير أمنية مشددة منعت أي شخص من الاقتراب، وإثر انتهاء الأدلة الجنائية من مسح موقع الجريمة ورفع الأدلة والبصمات وأخذ العينات، عملت بلدية الغبيري على رفع السيارات المتضررة من المكان وباشرت أعمال التنظيفات، وأعادت فتح الطريق في الاتجاهين.

كما قام سكان المباني وأصحاب المحال التجارية المجاورة والتي تضررت واجهاتها بفعل عصف التفجير وتحطم زجاجها، بتفقد الأضرار التي أصابت منازلهم، وسجلت الهيئة العليا للإغاثة أسماء المتضررين تمهيداً للتعويض عليهم، وقال رئيس الهيئة اللواء محمد خير: «نحن جاهزون للإغاثة وكل القوات المسلحة جاهزة لمساعدة أي مواطن لبناني وفي أي مكان كان، علينا أن نكون حذرين في عملنا وعلى المواطنين أن يتواصلوا مع القوى الأمنية في أي شيء مشبوه».

وخلال معاينته موقع الانفجار أمس، أعلن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، أن زنة العبوة كما أفادته العناصر الأمنية، تتراوح ما بين 35 و40 كلغ. وقال: «ما زلنا في المرحلة الأولى من التحقيق، ونقوم بتجميع المعلومات والأدلة والجميع يعمل على الأرض ونحن نتابع التحقيقات والإجراءات، وعندما نتوصل إلى نتائج نعلن عنها».

ورداً على سؤال عما إذا كانت السيارة المرسيدس البيضاء المفخخة قد بيعت لشخص سوري، أجاب: «هذا الموضوع قيد التحقيق وما زلنا نعمل لمعرفة الحقيقة». وعن وجود أية معلومات أولية عن هوية الانتحاري، قال: «ما زلنا نقوم بالتحقيقات ولا يمكن أن نعطي كلاماً نهائياً حتى تصدر النتائج».

بيان قيادة الجيش

وصدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه أمس البيان الآتي: «عندالساعة 23:40 من ليل أمس أول من أمس أقدم أحد الانتحاريين وهو يقود سيارة نوع مرسيدس 300 لون أبيض تحمل الرقم 324784/ج على تفجير نفسه بالقرب من حاجز تابع للجيش في مستديرة الطيونة، ما أسفر عن إصابة عدد من المواطنين بجروح مختلفة، وفقدان مفتش من المديرية العامة للامن العام، إضافة إلى حصول أضرار مادية جسيمة في الممتلكات.

وقد فرضت وحدات من الجيش طوقاً أمنياً حول المكان المستهدف. كما حضرت وحدة من الشرطة العسكرية، وعدد من الخبراء المختصين الذين قاموا بالكشف على موقع الانفجار، حيث تبين أنّ السيارة كانت مفخخة بنحو 25 كلغ من المواد المتفجرة».

الأمن العام ينعي الشهيد حدرج

وأصدرت المديرية العامة للأمن العام بياناً نعت فيه شهيدها المفتش الثاني عبدالكريم حدرج الذي «دفع حياته ثمناً للمهمة التي كلف بها أثناء قيامه بواجبه الوطني وفي التصدي للإرهاب».

وأضاف البيان: «إنّ المديرية العامة للأمن العام تؤكد أنّ شهيدها إفتدى بجسده عدداً غير قليل من المدنيين والعسكريين الأبرياء الذين كان من الممكن أن يكونوا ضحية للعملية الإرهابية، وجنّب المنطقة كارثة حقيقية في ما لو نجح الإرهابي في الوصول الى أي تجمع مدني أو عسكري لتنفيذ جريمته».

كما وزعت المديرية نبذة عن الشهيد حدرج الذي «تطوع لصالح المديرية العامة للأمن العام بتاريخ 1/9/2012 برتبة مفتش درجة ثانية، رقي إلى رتبة مفتش أول بعد استشهاده».

ويقام مأتم للشهيد عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم في جبانة روضة الشهيدين، حيث يوارى الثرى.

استنكار واسع للجريمة الإرهابية

وقد أثار التفجير الإرهابي جملة من ردود الأفعال المستنكرة من شخصيات سياسية رسمية وأحزاب وقوى حيث أجمعت المواقف على أنّ لبنان لن يكون ساحة للعبث الطائفي أو المذهبي وأنّ أيادي الفتنة والإرهاب تحاول النيل من السلم الأهلي ودعت اللبنانيين إلى التحلي بأقصى درجات الوعي، والأجهزة الأمنية للتنسيق بينها لمواجهة الأخطار».

سلام

واستنكر رئيس الحكومة تمام سلام في تصريح تفجير الطيونة ووصفه بـ«أنه عمل إرهابي بشع»، داعياً اللبنانيين إلى اليقظة والوعي «لقطع الطريق على العابثين بأمن البلاد ومحاولات زرع بذور الشقاق بين اللبنانيين». وقال: «إنّ هذا العمل الإجرامي الذي استهدف مدنيين أبرياء في منطقة سكنية آمنة، هو محاولة مكشوفة لزعزعة استقرار لبنان وضرب وحدته الوطنية، بل والعبث بأسس الكيان، عبر استيراد الفتنة المذهبية التي تدور رحاها للأسف في جوارنا الإقليمي».

كما بحث سلام الأوضاع الأمنية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في اتصال هاتفي.

ثم أجرى سلسلة اتصالات لمتابعة الوضع الأمني شملت نائبه وزير الدفاع سمير مقبل ووزير الداخلية نهاد المشنوق وقادة الأجهزة الأمنية، وطلب منهم «التشدد في الإجراءات والخطط الأمنية التي ينفذونها وعدم التهاون في ملاحقة الإرهاب والإرهابيين وجلبهم إلى العدالة».

حزب الله

وأعرب حزب الله في بيان عن «ألمه العميق لاستمرار مسلسل الإرهاب الإجرامي ضدّ الوطن وأهله»، ودان: «بشدة هذا العمل الجبان ومن يقف وراءه».

وأشاد حزب الله بـ«الإنجازات الأخيرة للمؤسسات العسكرية والأمنية المعنية»، ودعاها: «للاستمرار في جهودها المباركة من أجل إفشال المؤامرات والمخططات الإجرامية ضد لبنان واللبنانيين»، مهيباً: «باللبنانيين التحلي بأعلى درجات الوعي والمسؤولية لتفويت الفرصة على المتربصين بالوطن وأهله شراً».

جنبلاط

ودعا رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط «القوى السياسية مجدداً إلى جعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار من خلال تفعيل عمل المؤسسات وعدم تعطيلها»، مشدداً على «ضرورة التنسيق والتكامل بين الأجهزة الأمنية المختلفة لمواجهة الأخطار الأمنية المحدقة».

السنيورة

واعتبر رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة «أنّ الإرهاب لا دين له، بل هو وباء وآفة يجب القيام بكل الإجراءات والاحتياطات والتدابير لمواجهتهما واستئصالهما وملاحقة المخططين والمرتكبين وسوقهم إلى العدالة».

وأشار أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان بعد اجتماع التكتل في الرابية أمس، إلى أنّ «الموضوع الأمني يجب أن يعالج أمنياً ووطنياً، فالأجهزة والإدارة والحكومة موجودة. وذلك لا يعني أنه يمكن الاستغناء إطلاقاً عن أي موقع دستوري، لا سيما الرئاسة الأولى، ولكن لا يحق لأحد أن يربط أو يستغل هذه الملفات المؤسفة التي تطاول جميع اللبنانيين من دون تمييز ووضعها في إطار سياسي معين لفرض أمر واقع أخطر على اللبنانيين على المستوى الدستوري».

حزب الاتحاد

واعتبر حزب الاتحاد أنّ «أيادي الفتنة والإرهاب تحاول مرة جديدة النيل من السلم الأهلي اللبناني على أبواب شهر رمضان المبارك، مستهدفة الآمنين بتفجير إرهابي في الضاحية الجنوبية للنيل منها وتسعير نار الفتنة المذهبية».

شكر

وقال الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الوزير السابق فايز شكر: «مرة جديدة يضرب الإرهاب لبنان متزامناً مع العدوان المستجد على العراق الذي يقوده الإرهاب التكفيري، فبعد تفجيري ضهر البيدر ومنطقة الشياح، يتبين أنّ المخطط المرسوم لهذه القوى الإرهابية والذي ابتدأ بالتعاون على سورية وامتد إلى لبنان والعراق، جاء مترافقاً مع إعلان الكيان الغاصب عن نيته إعلان دولته اليهودية على أرض فلسطين المحتلة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى