صحافة عبريّة

ترجمة: غسان محمد

في البيت الأبيض لا يصدّقون نتنياهو

كتب شلومو شمير في صحيفة « معاريف» العبرية:

لا يمكن لأيّ جهد يتّخذه مكتب رئيس الوزراء ومسؤولون رسميون كبار في محاولة لتجميل اللقاء الذي سيعقد اليوم بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، أن يشوش حقيقة أن هذا ـ في واقع الأمر ـ استسلام كامل من نتنياهو.

على السطح سيبث الطرفان رسالة الاعمال كالمعتاد. لأنه في كل ما يتعلق باستضافة قادة الدول، لا تذاكي في البيت الأبيض. فرئيس الوزراء سيستقبل بحسب كل قواعد الطقوس في الغرفة البيضوية. وفي الحديث بين الزعيمين ستكون ابتسامات، وسينظران إلى الكاميرات وسيتبادلان كلمات جميلة. سنشهد بوادر طيبة وربما تربيت على الكتف. ستنشر أيضاً تصريحات عن الأجواء الطيبة والعملية، التي سادت الحديث. وبالطبع لن تغيب العبارة الثابتة عن «الحلف المتين وغير القابل للشك بين الدولتين»، وعن «التزام الولايات المتحدة الحفاظ على تفوّق إسرائيل العسكري».

ومع ذلك، فاللقاء الحالي هام لـ«إسرائيل» وضروري لأوباما. هام لـ«إسرائيل» بسبب الاتفاقات المرتقبة بين الزعيمين على رزمة المساعدة العسكرية السخية التي ستتم في السنوات التالية. وضروري للرئيس الأميركي لأنه سيكون من جهته دليلاً قاطعاً ـ وأخيراً في نهاية ولايته ـ على حرصه على أمن «إسرائيل»، ودليلاً آخر على ادّعاء البيت الابيض وكبار رجالات الادارة أنّ أوباما ساعد «إسرائيل» أكثر من أيّ رئيس أميركي قبله.

ولكن الصورة التي تطرأ على البال عند الحديث عن الزيارة الحالية، تكمن في لقاء اضطراري بمشاركة زوجين يلتقيان بعد شقاقات، مواجهات وإهانات متبادلة. كلاهما مصابان ومستاءان ويلتقيان كي يتحدثا ويتفقا على ترتيبات مالية قبل الطلاق. يأمل الطرفان ألا يرى الواحد الآخر وجهاً لوجه.

«هذا لن يكون حديثاً سهلاً ومريحاً»، قال السفير السابق في واشنطن مايكل أورن في مقابلة نُشرت في موقع الأخبار «نيوزماكس».

لم ينسَ الرئيس ودائرة مستشاريه ومساعديه ولا يعتزمون أن ينسوا ظهور رئيس الوزراء في آذار أمام الجلسة المشتركة للكونغرس. فهم لم يغفروا ولا يعتزمون أن يغفروا له الخطاب الذي ألقاه هناك، وهاجم فيه بشكل فظّ وجارف سياسة الرئيس حيال إيران، وذلك في ساحة الرئيس الخلفية.

لاعتبارات الكياسة لن يذكر أحد نتنياهو ولن يروي له أنّ من بادروا إلى ظهوره في الجلسة المشتركة دفعوا ثمناً شخصياً وسياسياً باهظاً. جون بيكر، خجل ومهان، اضطر لأن يعتزل مهام منصبه كرئيس للكونغرس في أعقاب ثورة ضدّه من المشرّعين الجمهوريين اليمينيين. سفير «إسرائيل» في واشنطن رون ديرمر الذي كان شريكاً في مبادرة دعوة نتنياهو إلى الكونغرس، هو اليوم سفير منبوذ في البيت الأبيض ومعزول سياسياً في تلة الكابيتول.

مفهوم أنه في الحديث في البيت الابيض ستطرح مواضيع سياسية كالجمود المتواصل في المسيرة السياسية وسيسعى الرئيس إلى أن يسمع ما هو مصير فكرة الدولتين للشعبين ومستقبلها. وسيتحدث الزعيمان عن الإرهاب المعربد في الشرق الأوسط، ولكن ذكر هذه المواضيع سيكون رفعاً للعتب وظاهراً فقط. في هذه المجالات من غير المتوقع سماع أنباء خاصة. ففي البيت الابيض فقدوا منذ زمن بعيد الثقة برئيس الوزراء نتنياهو ولا يصدقون التصريحات التي ينثرها. ففي حديث منذ أيام مع صحافيين أوضح روب مالي، المستشار الكبير في البيت الابيض لشؤون الشرق الأوسط، أنّ النزاع ليس في جدول أعمال الرئيس ولا يعتبر هدفاً في متناول اليد حتى نهاية ولايته.

هيلاري كلينتون مدّعية!

كتب جدعون ليفي في صحيفة «هاآرتس» العبرية:

هيلاري كلينتون هي عدوّة «إسرائيل». وانتخابها لرئاسة الولايات المتحدة سيضمن استمرار عملية غرق «إسرائيل» ودمارها. لذلك فإن كلينتون ليست صديقة إنما عدوة. محظور أن نسمح لها أن تقدّم نفسها على أنها صديقة لـ«إسرائيل» كما حاولت من خلال المقال الذي نشرته في «فور وورد» وفي «هاآرتس» منذ يومين. إن تذكر مساعدتها «نجمة داود الحمراء» في أن تُعتمد كمنظمة صليب أحمر دولية مؤثر حتى الدموع، كما تفاخرت في مقالها، لكن هي ومن يشبهها من أصدقاء الكذب لـ«إسرائيل»، لعنة من اللعنات على هذه الدولة منذ سنوات. فبسببهم تستطيع «إسرائيل» الاستمرار في فعل ما تريد وإدارة الظهر للعالم وعدم دفع أيّ ثمن وبسببهم تستطيع سحق نفسها من دون أيّ عائق.

وسواء آمنت بما كتبته أو أنها أرادت مرّة أخرى أن تبيع روحها للحصول على حفنة من الدولارات من حاييم سبان ومتبرّعين يهود آخرين، فإن النتيجة واحدة وهي مخزية جدّاً. كتابة التملّق لـ«إسرائيل»، لا يكتب مثلها أيّ سياسي أميركي لأيّ دولة اخرى. «إسرائيل في نظر الأميركيين هي أكثر من دولة… إنها حلم». معظم العالم يقول كابوس وكلينتون تقول حلم.

أي حلم بالضبط؟ حلم السيطرة القمعية على شعب آخر؟ العنصرية؟ القومية المتطرّفة؟ قتل الأولاد والنساء في غزة؟ ماذا حدث لهيلاري رودهام التي ناضلت وهي شابة من أجل حقوق السود وضدّ حرب فييتنام وتخصّصت كمحامية في حقوق الأولاد؟ ألم تسمع ما تفعله دولة الحلم بالأولاد الفلسطينيين؟ ماذا حدث للمرأة التي اعتبرت ذات مرّة ليبرالية وتريد العدل؟ كل شيء نُسي وكأنه لم يكن؟ الأموال تشتري كل شيء؟ أم أن الامر عندما يصل إلى «إسرائيل» تتبدل المبادئ فوراً؟

لم تسمع وزيرة الخارجية السابقة عن الاحتلال «الإسرائيلي» ـ وهي لم تذكره ولو مرّة واحدة في مقالها. هذا ليس الوقت ولا المكان لإغضاب سبان. «إسرائيل» في نظرها «ديمقراطية مزدهرة» وليذهب إلى الجحيم النظام العنيف والمطلق في ساحتها الخلفية. لذلك فإن كلينتون أيضاً عدوة العدل والسلام: لن تجدوا عندها ولو رمزاً لإلحاق الضرر بحقوق الفلسطينيين. «الإسرائيليون» يُطعنون في القدس ـ مرة أخرى هم الضحايا الوحيدون ـ كلينتون متزعزعة الفلسطينيون الذين يُقتلون من دون عدل ـ لا يؤثرون فيها في الجادة الخامسة سيحبّونها جداً. رجال الدين الذين يشجّعون القتل هم مسلمون فقط، والأمن يجب أن يُضمَن لـ«إسرائيل» فقط. وهذا أيضاً سيحبونه في كنيس منهاتن. تتعهّد كلينتون أنها ستلتقي بنيامين نتنياهو في الشهر الأول من تسلّمها الحكم وأنها سترسل قادة الجيش الأميركي إلى «إسرائيل». لماذا؟

بالنسبة إليها، المسألة ليست فقط سياسة، إنما «تعهد شخصي للصداقة والحلم». يمكننا اعتبار أنّ الدافع من وراء أقوالها الحاجة إلى تبرّعات اليهود. لكننا لا يمكننا تجاهل الجوهر. كلينتون هي المرشحة المتفوّقة لمنصب رئاسة الولايات المتحدة، وتعهّدها باستمرار الاحتلال «الإسرائيلي» وتمويله، قد أُثبِت في الماضي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى