تقرير
تناولت صحف أميركية عدّة التدخل العسكري الروسي المباشر في الحرب المستعرة في سورية منذ سنوات، وبينما حذّر بعضها من اشتباك روسي ـ «إسرائيلي» في سورية محتمل، قالت أخرى إن روسيا تحاول عرض قوة جيشها على المستوى العالمي.
فقد أشارت مجلة «ناشونال إنترست» إلى التدخل العسكري الروسي المباشر في الحرب التي تعصف بسورية منذ نحو خمس سنوات، وطرحت فكرة وصفتها بالمرعبة تمثلت في تساؤلها: هل تشتبك روسيا و«إسرائيل» في سورية؟
وأوضحت أن تدخل روسيا في سورية جعلها تكون على عتبة «إسرائيل». وقالت إنه على رغم أن روسيا و«إسرائيل» نسّقتا الوضع الأمني في ما بينهما من أجل تجنّب أيّ صراع محتمل في سورية، فإن القوتين «الإسرائيلية» والروسية تبقيان عرضة للاصطدام في ظلّ الأزمة السورية المتفاقمة.
وأشارت المجلة إلى أنها لن تكون المرة الأولى التي يشتبك فيها طيران الدولتين إذا حصل ذلك هذه المرة، وأوضحت أن المقاتلات الروسية سبق أن اشتبكت مع «الإسرائيلية» إبان حرب الاستنزاف بين «إسرائيل» ومصر في سبعينات القرن الماضي.
وقالت «ناشونال إنترست» إن خطورة الأوضاع في سورية لا تتمثل في اندلاع حرب بين روسيا و«إسرائيل»، وذلك على رغم كونهما دولتين نوويتن، ولكن الأخطر ما سيحدث في حال اندلاع حرب بين الطرفين، وبالتالي اضطرار الولايات المتحدة الأميركية إلى خوضها إلى جانب شقيقتها الصغرى «إسرائيل».
وحذّرت «ناشونال إنترست» من صدامات محتملة بين المقاتلات «الإسرائيلية» والروسية في حال اخترق بعهضا المجال الجوي للأخرى، وقالت إن الشرق الأوسط سيكون بئية مناسبة لإجراء اختبارات للأسلحة الدولية، خصوصاً في ظلّ توقع استلام «إسرائيل» مقاتلات أميركية من طراز «F35» السنة المقبلة.
وأضافت أن حرباً في الفضاء الإلكتروني قد تنشأ أيضاً بين الجانبين الروسي و«الإسرائيلي». وأشارت إلى أن روسيا نشرت تقنيات تشويش متقدّمة في سورية، و«إسرائيل» وروسيا تمتلكان أنظمة صواريخ جوّية موجّهة متطوّرة.
وفي مقال آخر كتبه نيكولاس غيفوسديف، أشارت المجلة نفسها إلى أنّ «الدبّ الروسي» يستيقظ، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول استعراض قوة جيشه على المستوى العالمي. وأوضحت أن القوات الروسية تتألف من مليون جندي وأنها تملك آلاف الدبابات والطائرات الجديدة.
وأضافت أن الجيش الروسي يملك كذلك مئات الأقمار الاصطناعية وأجيالاً جديدة من الأسلحة التي تدخل ضمن استراتيجية الرئيس بوتين لاستعادة دور القوة الروسية المتقدّمة والمتطوّرة على المستوى العالمي في أقرب وقت ممكن، ما يثير قلقاً كبيراً لدى حلف شمال الأطلسي «ناتو».
وفي السياق ذاته، أشارت مجلة «فورين بوليسي» إلى أنّ التطرّف الإسلامي شكّل كابوساً مرعباً بالنسبة إلى الرئيس الروسي، وقالت إن التدخل العسكري الروسي في سورية جعل هذا التهديد أسوأ بدلاً أن يكون قابلاً للاحتواء.
وأضافت المجلة في مقال كتبه مارفين كالب أن بوتين أدخل نفسه في «عشّ الدبابير» في سورية، وأوضحت أنه يحاول دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد ويحاول المناورة عن طريق اجتماعات فيينا. وتساءلت هل سينجح بوتين في ما فشل فيه الآخرون؟
وأشارت «فورين بوليسي» إلى أن الرئيس الروسي يقصف مناطق السُنّة في سورية وتساءلت: هل نسي بوتين أن أكثر من 20 مليون من سكان روسيا البالغ عددهم 144 مليون نسمة هم من المسلمين السُنّة؟
وقالت المجلة إن ملايين المسلمين السنّة في روسيا يتعاطفون مع ملايين السنّة في سورية، وأشارت إلى أن أيّ خطأ في حسابات بوتين في الحرب المستعرة في سورية سرعان ما ينعكس سلباً على الداخل الروسي، وذلك بحيث يقوّض قاعدته الشعبية في عقر داره.
وقالت المجلة إن أخطاء بوتين في سورية لم تتوقف عند قصفه مناطق المسلمين السنّة، لا بل إنه زاد على ذلك بتشكيله تحالفاً شيعياً من كل من النظام السوري والعراق وإيران برئاسة روسيا، ما يفتح الباب أمام صراع أكثر شراسة وأشدّ خطورة مع العرب السنّة بقيادة السعودية المتحالفين مع الولايات المتحدة.
وأوضحت أن الشرق الأوسط صار يشهد حالة خطيرة من الاضطرابات والكراهية والانقسامات المتنامية بين تحالف شيعيّ تقوده روسيا وائتلاف سنّي تقوده الولايات المتحدة، ما يشكل تحدّيات كبيرة أمام الرئيس بوتين.
وأشارت «فورين بوليسي» إلى أن الرئيس الروسي قد لا يجد حلّاً للمعضلة الديمغرافية في بلاده نفسها، وذلك في ظلّ تدخله في الحرب السورية. لكن بوتين يزعم أنه يحاول إنقاذ أوروبا من خطر الإرهابيين المنتشرين في سورية.