نصرالله: لتسوية وطنية تشمل رئاسة الجمهورية وعمل الحكومة والمجلس وقانون الإنتخاب
أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أنّ المقاومة ستبقى على جهوزيّتها لحماية لبنان من العدو الصهيوني ومن الخطر التكفيري و»لكي نبني وطننا على مستوى تطلّعات الشهداء»، ودعا إلى «تسوية سياسية شاملة على المستوى الوطني تشمل رئاسة الجمهورية وعمل الحكومة والمجلس النيابي وقانون الانتخاب، وعدم انتظار شيء من الخارج».
البلد هشّ
وأسف السيد نصرالله في كلمةٍ له في الاحتفال المركزي بيوم شهيد حزب الله في «مجمع سيد الشهداء» في الضاحية الجنوبية لبيروت أمس، «للأوضاع التي وصلنا إليها، وقال: «نرى حالة تهرّب من المسؤولية وإلقاء التّهم وتقاذفها، ولكن الأخطر هو هشاشة البلد والدولة والمجتمع اللبناني إلى درجة أنّه عندما نختلف على موضوع واحد تشعر أنّ البلد سينهار وكذلك التركيبة المجتمعية، لذلك يخرج المحلّلون ويقولون إنّ التحالفات انهارت، وفي الدستور كل أحد يفسّر الأمور على مزاجه».
وأشار إلى أنّ «الأيام التي مضت كانت صعبة، ولكن الفرج قريب. هناك دعوة لعقد جلسة تشريعية لأنّ هناك قضايا ملحّة، فدخَلَ البلد في نقاش»، مضيفاً: «البعض قال إنّ مجلس النواب لا يحقّ له أن يشرّع بغياب رئيس للجمهورية، أما الرأي الآخر فقال: ليس طبيعياً أن يجتمع المجلس في غياب رئيس، أما إذا كان من أجل إعادة تكوين السلطة فلا مانع، والرأي الثالث يرى أنّ المجلس النيابي سلطة مستقلة»، متسائلاً: «الحق مع من؟»، معتبراً أنّ «القصة ليست نقاشاً فكرياً، بل هي رؤية يتوقف عليها موقف».
ولَفَتَ إلى أنّ «هناك رأياً يقول إنّ الميثاقية غير صحيحية، والنصف زائداً واحداً يحق له أن يصوّت، ورأي آخر يقول إنّ الجلسة تفقد ميثاقيتها بغياب أي مكوِّن. وظهر بحث جديد في الأيام القليلة الماضية، حول الحضور الذي يؤمّن الميثاقية، وحضور نواب لا يمثّلون الطوائف»، متسائلاً: «من يحسم المسائل؟». وتابع: «هناك آراء مختلفة، البعض يرى أنّ رئيس الجمهورية يفسّر الدستور، وآخر يقول إنّ المجلس النيابي هو الذي يفسّر»، معتبراً «أنّنا نكتشف من خلال أزماتنا أنّ هناك مشكلة كبيرة وفراغاً بحاجةٍ إلى سدّ، ولا ينتظر مؤتمراً تأسيسياً أو تعديل اتفاق الطائف، بلد من دون مرجعية نهائية تحسم خلافاته هو بلد لا قابلية له للحياة».
أضاف: «حول الجلسة التشريعية دعونا إلى النقاش والحوار لأنّ الأفضل للبلد أن نحضر جميعاً هذه الجلسة، والأمور كانت قابَ قوسين من الحل»، وهنا أُعطي السيد نصر الله ورقة تلا مضمونها قائلاً: «رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، أعلن باسم التكتل أنّه سيشارك الجلسة التشريعية، ونشكر كل من بذل جهداً وتعاطى بمسؤولية، بناء على هذه التجربة والأوضاع التي وصلنا إليها، يبدو أنّ المعالجة على «الحبة» لا تنفع، وعلى الجميع أن يقف من دون تبادل التهم وأن نقول نحن اللبنانيين حكومة وشعباً وأحزاباً، عجزنا عن حل مشكلة النفايات، وكذلك هناك سلسلة الرتب والرواتب وموضوع العسكريين، الهجرة، البطالة، الفراغ الرئاسي، الحكومة مُعطّلة ومجلس النواب مُعطّل».
ودعا السيد نصرالله «ببركة دماء الشهداء، إلى تسوية سياسية شاملة على المستوى الوطني»، معتبراً أنّ «قانون الانتخاب هو العامل الأساس في إعادة تكوين السلطة، وهذا الموضوع ليس بسيطاً، بل بحاجة إلى نقاش حقيقي، ونحن جاهزون لوضع الأمور الأساسية في سلّة واحدة وأن نعمل تسوية من أجل مصلحة البلد وألاّ ننتظر الخارج، وألاّ ننتظر حدثاً داخلياً، أنا أقرأ بعض الأحيان مقالات تحليلات تقول إنّ هناك أناساً ينتظرون 7 أيار جديداً أو شيئاً مشابهاً».
تفكير خطأ
وتابع: «هذا التفكير خطأ، 7 أيار لم تكن من أجل إعادة تكوين سلطة ولا من أجل مؤتمر دوحة، كانت ردّ فعل على 5 أيار ودفاعاً عن سلاح المقاومة، هذا هدفها، لكن نتيجتها كانت مؤتمر الدوحة. لكن لو اليوم أي أحد فعل شيئاً مثل 7 أيار، لا يوجد أحد في العالم العربي يستطيع أن يأتي ويلمّ العالم ويضعهم في طائرة ويأخذها، لا إلى الدوحة ولا إلى الرياض ولا إلى القاهرة ولا إلى دمشق ولا إلى بغداد ولا إلى أي مكان في العالم العربي، وهناك أماكن نحن لا نذهب إليها، وهناك أماكن هم لا يذهبون إليها. إذاً بدون تضييع الوقت، وبدون هذا الاستنزاف في أعصاب الناس ومصيرهم وحياتهم وعيشهم وصحتهم، القوى السياسية الحقيقية في لبنان مدعوة إلى أن تدخل، الآن، الحوار نفسه الذي يرعاه الرئيس نبيه بري في المجلس النيابي، أو شكلاً آخر لا أعرف. هذا في النهاية آليات نقاش. نبحث عن تسوية سياسية حقيقية، هذا هو المخرج، إذا كنا نريد أن نبقى نعالج بالحبّة غير معلوم إذا كنا نستطيع أن نحل مشاكلنا».
وأكّد «أننا في حزب الله سنستمر في تحمل مسؤولياتنا إلى جانب الجيش والشعب إن في الجنوب أو في الحدود الشرقية، وفي الداخل نسعى جهدنا إلى التعاون لبناء وطنٍ لائقٍ وجديرٍ بمستوى تضحيات الشهداء».
معادلة الرّدع
في سياقٍ آخر، لفَتَ السيد نصر الله إلى أنّه «عندما نتحدث عن زمن الانتصارات، فهي تمت ببركة الدماء الزكية وهم شهداء المقاومة والجيشين اللبناني والسوري والفصائل الفلسطينية، الشهداء قدّموا كل شيء، وأقصى ما يمكن أن يقدّمه الانسان هو ما قدمه الشهداء، هذه انتصاراتهم هم، وإنجازاتهم ونحن نعيش في ظلها»، معتبراً أنّ «لبنان اليوم بمنأى عن الخطر بنسبة كبيرة بفضل الجيش والمقاومة».
وأشار إلى أنّه «عندما نتطلّع إلى الوقائع الخارجية، والنتائج المحسوسة، نجد أرضنا التي عادت إلينا من دون قيد أو شرط بعد سنوات الاحتلال الطويلة. أسرانا الذين أُخرجوا من السجون، والأمن خصوصاً في الجنوب بسبب معادلة الرّدع في مواجهة التكفريين»، مضيفاً: «من أهم إنجازات هذه الدماء هي هذه الروح التي بعثها الشهداء في شعبنا، روح الجهاد والمقاومة والعزّة والكرامة ورفض الذّل والتخلّي عن القعود والتنبلة والكسل، اليقظة الروحية والمعنوية، هذا الإحياء للنفوس، دماء الشهداء أحيَت نفوس شبابنا، وقدّمت ضمانة الاستقرار في طريق المقاومة والجهاد لتحرير الأرض والمقدّسات، وتحقيق حلم الاستقلال والسيادة والحرية. هذا التحول في العائلة والبيئة العامة ما كان ليتحقّق بالكلمة والوعظ، إنّ دماء الشهداء كانت الأقوى على بعث الوعي وشحذ الإرادات».
وأشار إلى أنّه «منذ البداية كانت الروح الجهادية الاستشهادية هي سلاحنا الأقوى في وجه العدو والدعم الأميركي الهائل لترسانة «إسرائيل»، لو انتظرنا للحصول على الإمكانات والتوازن الاستراتيجي مع العدو لما كانت مقاومة وتحرير، وكان العدو سيطر وحقّق الهيمنة، وكذلك الأمر في فلسطين. هذه الروح تبعث من جديد المقاومة والانتفاضة وتفرض من جديد قضية الأقصى والمقدسات»، لافتاً إلى أنّ «حكومة العدو تحاصر الشعب الفلسطيني وتفصل غزة عن الضفة والضفة عن أراضي الـ48، وتمنع وصول الأسلحة والذخيرة، تستطيع من خلال عمل أمني أن تراقب الفصائل وتفكّك الشبكات الجهادية، لكنها لا تستطيع أن تحاصر الأفراد وتمنع وصول سكين إلى يد رجل أو امرأة، وأن توقف هذه المواجهة».
أميركا ملتزمة مصالح «إسرائيل»
ورأى أنّ في أجواء زيارة رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض «يظهر الموقف الأميركي الصلب إلى جانب «إسرائيل» والتزامها بمصالحها، وهم لا يسألون عن أحد من حلفاء وأصدقاء»، مشيراً إلى «أننا شاهدنا التغطية الأميركية للقتل والقمع والتأييد لحقّ «إسرائيل» بالدفاع عن نفسها».
وتوجّه إلى المراهنين على أميركا بالقول: «في موضع «إسرائيل» لا خصومات شخصية، لا حزب جمهورياً ولا حزب ديمقراطياً، أميركا تتبنّى «إسرئيل» بالمطلق. البيت الأبيض أعلن أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما يبحث مع نتانياهو بموضوع «حزب الله»، نحن نعتزّ بهذا الأمر عندما يجلس الشيطان الأكبر وأدواته ويعتبرون أنّ هناك أماكن تهدّد مشروعهم وتقف عقبة في طريقهم، وهم يبحثون في كيفية التعاطي مع الحزب، هذه شهادة جديدة على أننا موجودون في الموقف الصحيح، لأنه عندما تمدحنا أميركا يجب أن نعرف أننا في الموقف الخطأ».
ولفتَ إلى «أننا في موقع التأثير الحقيقي في معادلات المنطقة، الحرب العسكرية على لبنان قائمة في أي وقت لكننا نستبعدها، سيستمرون بالحرب الناعمة والاتهامات وموضوع المخدرات وتبييض الأموال، والضغط الاقتصادي على كلّ من يعتقدون أو يشتبهون بأنه يساعد بالبنية المالية للحزب، هم قتلوا خيرة قادتنا، والحرب الناعمة مارسوها منذ عشرات السنين، وهذا يدعونا إلى الوعي واليقظة، ويدعو من هم في لبنان وغير لبنان إلى ألّا يكونوا شركاء أوباما ونتنياهو في استهدافهم للمقاومة».
أميركا غير قادرة على الحسم
ومن جهةٍ أخرى، أشار السيد نصر الله إلى أنّ «في سورية واليمن تتأكّد أميركا يوماً بعد يوم، أنها غير قادرة على حسم المعركة، والواقع الميداني والصمود يؤكد هذا الأمر، وما على مستوى فكّ الحصار عن مطار كويرس، أمر بالغ الدلالة، هناك ضباط محاصرون منذ 3 سنوات داخل المطار لكنهم ثبتوا حتى فكّ الحصار، وذلك دلالة على إرادة القتال والصمود والثبات، وردّ على الذين يقولون أنّ الجيش السوري منهار».
ورأى أنّ هذه العملية النوعية التي نُفّذت عبر المشي بالألغام عشرات الكيلومترات تُعبّر عن العزم والتصميم. هذه الوقائع الميدانية هي رسالة لأميركا لإسقاط الخيار العسكري والتوجّه إلى حل سياسي واقعي من دون شروط استعلائية».
تكريم الشهيد قصير
وبمناسبة يوم شهيد حزب الله، احتفلت جماهير المقاومة وعوائل الشهداء بالذكرى من خلال نشاطات في مختلف المناطق اللبنانية.
وفي مدينة صور، أقام الحزب مراسم تكريمية في مكان العملية الاستشهادية التي نفذها الشهيد أحمد قصير في 11 تشرين الثاني سنة 1982 عند مدخل المدينة، بحضور قيادات من الحزب وعدد من العلماء والفعاليات.
ووضع مسؤول الحزب في منطقة الجنوب أحمد صفي الدين إكليلاً من زهر في المكان، كما وضع إكليلين باسم المهن الحرة في حزب الله والهيئة الإسلامية الفلسطينية.