متضامنون عرب ـ أوروبيون: سورية حاضرة في السياسات الخارجية بشكل دائم

حاورهم سعدالله الخليل

في الجزء الثاني من الحوار المشترك بين صحيفة «البناء» وشبكة «توب نيوز» مع أعضاء الوفد الأوروبي ـ العربي الذي يزور سورية، والذي يضمّ شخصيات سياسية وبرلمانية وإعلامية وصحافية، تناولنا أبرز جوانب التوافق بين ما تمرُّ به سورية وما شهدته دول عربية مغاربية، كتونس والجزائر، من أحداث مشابهة ومساحة العمل العربي والعروبة في المشهد السياسي في تلك الدول.

ملازم: الحرب على سورية هدفها اقتصادي أكثر منه إيديولوجي

ورأى رئيس جمعية «ديفون» وسام ملازم وممثل الغرفة التجارية التونسية ـ الصينية الممثلة بأسعد العياري «أنّ الحرب على سورية هدفها اقتصادي أكثر منه إيديولوجي، لأنّ هدف دول الخليج واضح وهو ضمان ممرّ الغاز والنفط عبر سورية لزيادة أرباحها من جهة، وكسر الاقتصاد الروسي من جهة أخرى، وهذا معروف لأي مُتابع لقضايا الاقتصاد».

وسأل: «ما الذي يجمع أميركا الليبرالية والسعودية الوهّابية وقطر الإخوانية؟ بالطبع لن يلتقوا إيدلوجياً، وإنما اقتصادياً بهدف تحطيم العالم العربي من أجل مصالحهم وكان تنظيم داعش حصيلة هذا التلاقي».

وأكد «أنّ ما حدث في تونس كان مخططاً له، وقد نفذه الغرب بدقة»، لافتاً إلى أنّ «العالم أجمع يعرف أنّ ما حدث في تونس بدءاً من عملية طرد الرئيس السابق زين العابدين بن علي مروراً بإقحام حركة النهضة الإرهابية في السياسية وصولاً إلى تسلمها الحكم في البلاد». وقال: «الشعب التونسي متفتح، لذلك لم يدم طويلاً مفعول المال الوهّابي وتأثير 400 قناة وهابية دينية وغير دينية. إنّ ذكاء الشباب التونسي أسقط حركة النهضة في الانتخابات واختار حزب نداء تونس والحزب الوطني الحر وحزب آفاق تونس وهو ما أزاح تنظيم الإخوان المسلمين من الحكم، رغم شعبيته».

وحول الآفاق الاقتصادية في سورية ودور تونس والصين المستقبلي في مرحلة إعادة إعمارها، لفت ملازم إلى «وجود برامج مشاريع كبرى بانتظار الحصول على الموافقة من الحكومة السورية»، ورأى «أنّ الآفاق واعدة في التجارة والاقتصاد بين تونس وسورية، لأنّ البلدين ينطلقان من منطلق قومي»، وطالب الدول العربية بأن «تتكاتف اقتصادياً اليوم أكثر من أي وقت مضى لأنّ الاقتصاد جزء من الحلّ، فتشغيل الشباب العاطل عن العمل يمنع انجراره وراء القنوات الوهابية ليصبح إرهابياً».

وعن الحضور الكثيف للشباب التونسي في صفوف المجموعات الإرهابية، أجاب: «للأسف تكرّر الحدث نفسه في سورية، ففي ظرف أشهر، وفي ظلّ استغباء الإعلام الوهّابي للعقل العربي، ورغم ارتفاع نسبة الثقافة والتعلم وجد الإرهاب ضالته لدى شريحة غرّر بها».

وأكد أنّ المدّ العروبي والقومي ما زال حاضراً في تونس، لافتاً إلى أنّ حزب «نداء تونس» نجح في الانتخابات «لأنه وعد بإعادة العلاقات مع سورية، وهذا دليل واضح على الحضور القوي للمدّ العروبي والقومي في تونس، ولو لم يكن هذا المدّ لما نجحوا ووصلوا إلى الحكم».

صياح الوريمي: دعم الإرهاب يهدّد أوروبا

وأكد عضو المجلس الوطني لحزب «نداء تونس» صيّاح الوريمي «أنّ الحزب ورث إرثاً ثقيلاً في ما يتعلق بالمشهد السوري، منذ انعقاد ما سُمّي مؤتمر أصدقاء سورية وطرد السفير السوري من تونس وقطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين». وقال: «نحن لم نرتض هذا الإجراء وشدّدنا في حملتنا الانتخابية على إعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، ولا نزال عند مبدئنا ووعدنا ولكن هنالك ترتيبات ديبلوماسية وبروتوكولات يجب احترامها وهي مسائل تتعلق بالخارجية التونسية».

وبعد بروز الدور العربي وخصوصاً الخليجي، في ما يجرى من أحداث على امتداد المنطقة، ما طرح تساؤلات حول العروبة كمحتوى جامع للشعوب، أشار الوريمي إلى «أنّ العروبة مقولة سياسية ونهج حياة وتحديد للاستراتيجية السياسية العربية وليست مسألة جمع الدول العربية فقط»، موضحاً «أنّ الغاية القصوى هي وحدة الأمة العربية وهذا مطلب». وأضاف: «في اعتقادي سيكون مستقبل الأمة العربية على طريقة الاتحاد الأوروبي عندما تستقرُّ الدولة الوطنية وتتماسك، ولا توجد عروبة من دون تقوية الدولة الوطنية المهدّدة حالياً عبر هذه الحروب في ليبيا واليمن وسورية وغيرها من الدول». ورأى «أنّ تقوية الدولة الوطنية وأجهزتها الخاصة الديمقراطية من برلمانات وحكومات قوية توحّد هذه الدول»، لافتاً إلى أنّ «الاتحاد الأوروبي لم يكن ليتشكل لولا تقوية الدول الوطنية بعد أن خاضت الحروب فيما بينها الحربين العالميتين الأولى والثانية».

وأسف الوريمي «للخلاف الظاهر إلى العلن في صفوف حزب نداء تونس واتجاه بعض النواب إلى الانشقاق وتشكيل كتلة برلمانية أخرى، مع الإبقاء على نوع من المساكنة مع الحزب كي لا تنهار الحكومة».

وقال: «حزب نداء تونس نشأ كبيراً وفي وقت قصير جداً واستحقّ الحكم ولم يكن يستطيع أن يحكم بمفرده وهذا ربما جزء من المشكلة. لكن الحزب استطاع أن يكون الأول في الانتخابات، وقد أظهرت النشأة السريعة أنه استجاب للتونسيين، أي أنه ضمن للتونسيين تونسيتهم التي كانت مهدّدة بحزب النهضة الإخواني، وأتوقع أن يكون النداء على شاكلة الحزب الاشتراكي الفرنسي بأجنحة بعضها قريب إلى اليمين والآخر إلى اليسار ضمن كتلة واحدة لأنه سيعبِّر عن كلّ التونسيين ويشبه كلّ التونسيين» .

وعن تطورات المشهد السوري والدخول إلى الحلّ السياسي للأزمة السورية، رأى الوريمي أنه «لولا صمود الجيش السوري لما وصلنا إلى النقاش حول المسألة السياسية في فيينا وغير فيينا، فصمود الجيش خمس سنوات، مدعوماً بالمقاومة الشريفة والأصدقاء والحلفاء، جعل الأميركيين ودول البترو دولار ينسون مسألة تقويض الدولة السورية كون تقويضها بات خطراً على أوروبا، فتقوية داعش تهدّد أوروبا».

وعن تعاطي الدول الأوروبية مع التنظيمات الإرهابية، رغم إدراكها خطورة تلك التنظيمات، أجاب: «اللوبيات المتحكمة بسلطة القرار العالمي، وخصوصاً اللوبي الصهيوني واللوبي الأميركي والمحافظون الجدد تثير العديد من التشكيلات المتداخلة التي تخدم مصالحها بجعل الشرق الأوسط دولاً طائفية أو دولاً صغيرة مفتتة حتى يُمكِّن إسرائيل، من الحفاظ على هيمنتها وسط هذه الدول الصغيرة والضعيفة، على الأقلّ، إذا لم تتحقق حلمها بإنشاء إسرائيل الكبرى».

كمال الوريمي: الملف السوري حاضر

وأكد القيادي في حركة الشعب كمال الوريمي «أنّ الملف السوري، سلطة ومعارضة، مرتبط ارتباطاً كلياً بالداخل التونسي وهناك من اتخذه مدرجاً لكي يصل إلى البرلمان التونسي عبر إعادة السفير السوري ونحن ننتظر هذه العودة». وقال: «هناك مجموعات من الشباب التونسي تظاهرت للمطالبة بعودة السفير السوري وهذا حراك شبابي وشعبي دائم في تونس منذ بداية الأزمة. إنّ قطع العلاقات بين البلدين هو خطأ كبير وفادح وهذا ما أضرَّ بالشعب التونسي قبل الشعب السوري».

وأكد «أنّ الازمة السورية لم تُقسِّم الشارع العربي إلى ضفتين بل قسمت حتى العائلات، وهذا تفوُّق في البصيرة لأنّ الفرق في المواقف التي اتخذت في شارعنا العربي وعلى امتداد الأقطار العربية كافة، هو مدى الوعي الفكري لهذه الشعوب. هناك مناطق معروفة بعروبتها وعلاقتها بالفكر القومي المتغلغل فيها تاريخياً، وفي المقابل، هناك مناطق استطاع التيار الإخواني أن يأخذ منها مأخذاً، لذلك كان موقفها سلبياً إلى أبعد الحدود».

وأضاف: «لم أستغرب كثيراً ما رأيته من الدمار الذي هو نتيجة حقد وبشاعة وبربرية تتار هذا العصر، لكن ما عدا ذلك، نحن متأكدون من أنّ هذا الشعب، بجيشه وقيادته، سوف ينتصر لأنّ الثورات لا يمكن أن تندلع في الدول الناجحة ونحن لنا قواعد نبني عليها ونحلل على أساسها كيف تكون الثورات. ففي تونس كانت هناك مطالب اجتماعية واضحة للعموم ومن حقّ الشعب التونسي أن يتظاهر، ومن حقه أيضاً أن يزيح بن علي، أما ما وقع في سورية وليبيا فهو مخالف لإرادة الشعوب، هو مؤامرة حيكت في دهاليز القوى الاستعمارية واستعمل فيها العربان للأسف البترودولار، واليوم نرى تغيراً ملحوظاً في الشارع العربي وسرّ نجاح الدولة السورية وصمودها طوال السنوات الخمس الماضية يعود إلى خيارات القيادة السورية وحكمة تحالفاتها لأنّ التحالفات هي سر الانتصار».

وقارن الوريمي بين الدولة السورية والدول الأخرى، معتبراً «أنّ سورية هي الدولة الوحيدة الناجحة على المستوى الاقتصادي والتعليمي، فالشعب السوري من الشعوب المثقفة والواعية، ونقرأ اليوم فرزاً في المجتمع السوري الذي شهد انخفاضاً في مستوى الوطنية التي هي مثار مدّ وجزر يصعد مستواهما وينخفض، وقد تمكنت الطائفية في مرحلة معينة من ملئه، وجاء من يستخدم الإسلام وسيلة للفتنة».

وختم كمال الوريمي بأنّ «صمود الجيش السوري وإطالة مدى المعركة ساهما في فضح الفريق الآخر لأنه لا يملك الحجة وهو مفلس سياسياً لذلك لا يستطيع أن يواجه، فغير مسار الصراع إلى صراع مسلح. نحن العرب في العاصمة باريس مطبخ للسياسات العالمية ونستطيع أن نلتقي بشخصيات يمكن أن تفيدنا، فهناك تقارير دولية نجد فيها معطيات لأنّ90 في المئة من السياسة معطيات والـ10 في المئة الباقية، هي كيفية ترتيب هذه المعطيات للخروج بنتائج مفيدة».

العوفي: فرض الموقف بالقوة دليل ضعف

وأكد الناشط السياسي الجزائري محمد العوفي «أنّ الشعب الجزائري يشعر بالصدمة لما تمرّ به سورية، لذلك جئنا لتقصّي الحقائق، ومعرفة كيف يعيش السوريون». وأضاف: «الجزائر عانت أيضاً من التيارات التكفيرية ولم تنتعش بعد، فما زالت الآثار كبيرة وكما ابتلى الجزائريون بالسلفية، وما زال الجرح قائماً، نراه اليوم في سورية».

وعن مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تدّعي الإسلام مثل «داعش» و»جبهة النصرة» والتيارات التي يحاول البعض من الغرب تصنيفها في خانة المعارضة الإسلامية المعتدلة، أكد العوفي «أنّ الفكر الوهابي موجود منذ عام 1890 وهو يقتل المسلمين إلى يومنا هذا. هذا الفكر الظلامي ليس لديه حضارة ولا قيماً ويفرض السيطرة على الناس، فهو دين ظلمات وليس من دين الإسلام». وختم: «إنّ فرض الرأي بالقوة دليل ضعف ولأنّ هذه التنظيمات تفتقد إلى الحجة نراها تلجأ إلى العنف. من الصعب إجبار الناس على الإيمان وفرضه عليهم والله يخلق الإنسان بحرية تامة، فلا إكراه في الدين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى