كويرس على طاولة فيينا: دحرنا «داعش» في أربعين يوماً
عامر نعيم الياس
التقت وحدات من الجيش السوري مع حامية مطار كويرس العسكري المحاصَر منذ ثلاث سنوات من جانب إرهابيي تنظيم «داعش». سقطت «الشيخ أحمد» وما هي إلا ساعات حتى سقط كويرس الشمالي والشرقي، وحصلت الثغرة التي دخل منها الجنود السوريون إلى المطار البالغة مساحته 15 كيلومتراً مربّعاً، ويعدّ أكبر كلّية جوية في الشرق الأوسط.
السيطرة على مطار كويرس أتت عشية تسريب وكالة «رويترز» مسودّة روسية عن الحلّ في سورية خاصة بالجولة الثانية من محادثات جنيف. تلك المسودّة التي نفى وجودها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، وعلى رغم هذا النفي، ومن دون الدخول في بنود ما سرّبته «رويترز»، يمكن القول إن فك الحصار عن مطار كويرس في ريف حلب الشرقي يرتبط مباشرةً بالجولة الثانية من محادثات فيينا. وما قبل كويرس غير ما بعده سواء بالنسبة إلى العملية السياسية التفاوضية، أو بالنسبة إلى معركة الشمال السوري وعاصمته حلب، والتي نعيد ونكرّر أنها معركة الأطلسي في سورية، وبالتالي المعركة الفاصلة على مختلف المستويات.
وفي جملة التغيّرات والإشارات التي يحملها نصر كويرس المعنوي والمادي يمكن الإشارة إلى ما يلي:
أولاً، المعركة في سورية معركة مطارات بالدرجة الأولى، وكنّا قد أشرنا إلى ذلك سابقاً. فالسيطرة على أيّ مطار تؤمن قدرات أفضل لسلاح الجوّ وللقوات على الأرض من أجل التقدّم الميداني على المحور المراد التقدم فيه. هنا تزامن الإعلان عن السيطرة على مطار كويرس مع وجود تقدّم نوعي للقوات المسلّحة السورية على محور مطار مرج السلطان العسكري في الغوطة الشرقية.
ثانياً، الجيش السوري ما زال قادراً على خوض أعقد المعارك وتحقيق التقدم الميداني في أيّ مواجهة يريدها. هنا يحضر الإنجاز النوعي الأول في مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، ويحضر أيضاً ما أعاد الروس التأكيد عليه يوم أمس أن «العملية العسكرية الروسية مرتبطة بالتقدّم الميداني للجيش السوري»، هذا العنوان الذي يتبلور على الأرض ويرسم حدود التدخل والتواجد الروسيين في سورية يوماً بعد يوم.
ثالثاً، بعد استكمال تنظيف محيط كويرس، يمكن القول إن غالبية الريف الشرقي لمحافظة حلب صار تحت سيطرة الجيش السوري والقوات الرديفة، وهو ما يفسح في المجال أمام تطوير العمل العسكري البري على محاور أربعة، أولها محور دير حافر الرقة، وثانيها محور غرب حلب والربط بين مطار النيرب حلب الدولي ومطار كويرس، وثالثها محور تادف والباب حيث التواجد الأكبر لتنظيم «داعش» الإرهابي، فضلاً عن محور باشكوي والتوجّه نحو فكّ الحصار عن نبّل والزهراء. محاور لعمليات الجيش يملك هو وحده القرار في تحديد أرجحية التقدّم وأهميته في محور على الآخر.
رابعاً، على طاولة فيينا، يذهب الروس والإيرانيون وفي جعبتهم إنجازٌ نوعي يؤكد الطرح الروسي الذي يقول إن الجيش السوري هو القوة الوحيدة «إلى جانب الكرد» القادرة على محاربة الإرهاب في سورية، كما أن هذا الإنجاز يقطع الطريق على أيّ محاولة إعلامية للتشويش على أداء الجيشين الروسي والسوري في الحرب على الإرهاب، أو الرهان على استنزاف الحملة الروسية مع مرور الوقت.
إن كل ما سبق يستند أولاً وأخيراً على الميدان، ويجعل من كل ما هو سياسي حملة علاقات عامة حتى اللحظة تنتظر أن يتنازل الطرف المتعنّت والمراهن على عاملَي الوقت والاستنزاف لمصلحة الطرف المركزي في الحلّ والربط في سورية، والمتمثل بموسكو التي ستجيّر هذا الإنجاز في خدمة سياستها التي أفرزت «إطار فيينا 1» الشامل والفضفاض والمرتبط بتوازن القوى على الأرض، والذي يشرّع استمرار العمل الميداني بالتوازي مع بلورة الشكل السياسي للحل في سورية.
كاتب ومترجم سوري