من أول السطر نريد حماس حركة مقاومة
رامز مصطفى
الثالث والعشرون من نيسان الفائت، والثاني عشر من حزيران الجاري، تاريخان سجل فيهما حدثان بارزان ظلّلا المشهد الفلسطيني، وكان لهما وقعهما المؤثر في أكثر من اتجاه أو مستوى، إن وطنياً أو سياسياً أو أمنياً أو عسكرياً. الحدث الأول اتفاق حماس وفتح على تنفيذ اتفاق المصالحة، والثاني اختفاء ثلاثة مستوطنين جنود في خليل الرحمن، والمتهم بالعملية مباشرة حركة حماس وعلى لسان أكثر من مسؤول في الكيان الصهيوني، في مقدمهم رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو الذي جزم بشكل قاطع أنّ حماس هي التي تقف وراء عملية الاختطاف، قائلاً إنه سيقدم ما لدى كيانه من أدلة دامغة في هذا الشأن نتنياهو وجميع قادة الكيان كاذبون والشواهد لا تحصى… .
الحاضر المشترك في الحدثين هي حركة حماس المستهدفة اليوم أكثر من أي وقت مضى من قبل الكيان على مختلف مستوياته السياسية والعسكرية والأمنية وحتى الدبلوماسية. وهذا الاستهداف المُغطى من قبل دوائر أميركية وغربية يتم على خلفية أن حماس حركة مقاومة، بغضّ النظر عن اعتبار البعض أنها مكوّن في حركة «الإخوان المسلمين».
يبدو أنّ المسافة الزمنية التي فصلت بين حدثي التوقيع على اتفاق تنفيذ المصالحة واختفاء المستوطنين الجنود الصهاينة الثلاثة خدمت حركة حماس كثيراً في ظلّ ما يشهده قطاع غزة من عدوان واعتداء متواصلين منذ الثاني عشر من حزيران الجاري تحت ذريعة اختفاء هؤلاء الجنود. ومثل تاريخ توقيع الاتفاق مع حركة فتح نقطة مفصلية بالنسبة إلى حركة حماس التي حرّرها هذا الاتفاق من أعباء وأثقال كبيرة وكثيرة كانت ملقاة على عاتقها على نحو مباشر منذ عام 2007. وبهذا المعنى، فإنّ تشكيل حكومة التوافق الوطني برئاسة الدكتور الحَمدَ الله أخلى ساحة حماس من أي مسؤولية مباشرة عن القطاع وأهله، إذ لم تعد هي الحكومة التي كان يترأسها اسماعيل هنية، وأصبحت المواجهة المباشرة مع نتنياهو وحكومة الاحتلال من مسؤوليات الحكومة والسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس.
صحيح أنّ الحملة الصهيونية المحمومة لقوات الاحتلال بمستوييها العسكري والأمني بلغت الذروة ضدّ الضفة الغربية وقطاع غزة، والذهاب مباشرة الى اتهام حماس، لكن الصحيح أيضاً أنّ نتنياهو وسائر جوقته السياسية والعسكرية والأمنية وجدوا أنفسهم عاجزين عن تسويق الفكرة وهي تتهاوى وتتلاشى تدريجياً مع مرور الوقت.
مضت حركة حماس في اللحظة التاريخية المناسبة في المصالحة التي حرّرتها من كامل مسؤولياتها كحكومة ملزمة بتأمين متطلبات واحتياجات لا تستطيع في ظلّ الحصار المطبق لها تحمّلها. جرّبت بالتالي أن تزاوج بين السلطة ومتطلباتها والمقاومة التي أصيبت بكبوة، ولم تُفلح لأسباب لا يتسع المقال لذكرها الآن. آن الأوان لإعادة الاعتبار إليها كخيار أوحد لتحقيق تطلعات شعبنا وأمانيه في التحرير والعودة.