قرار المفوضية بوسم المنتجات «الإسرائيلية»
ناديا شحادة
القرار الذي اتخذته المفوضية الأوروبية في بروكسيل في 11 تشرين الثاني بشأن وسم منتجات المستوطنات «الإسرائيلية» في الأسواق الأوروبية بعلامة خاصة تدل على مكان إنتاجها وإزالة علامة صنع في «إسرائيل»، هذا القرار الذي أُجِّل لمرات عدة بحسب مراقبين أثار غضب الكيان «الإسرائيلي» وأحدث حالة من الهستيريا داخل الكيان، وأثار ردوداً «إسرائيلية» غاضبة في خطوة وصفت بالخطيرة، وهاجم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو القرار بشدة قائلاً في تصريحات أوردتها الإذاعة العبرية: «إن قرار الاتحاد الأوروبي هو عبارة عن نفاق وسياسة الكيل بمكيالين لأنه يشمل فقط «إسرائيل» وليس 200 نزاع آخر يدور في العالم». مضيفاً أن «إسرائيل» لا تقبل بإقدام الاتحاد على وسم الطرف الذي يتعرض لأعمال إرهابية على حد تعبيره.
ويؤكد المراقبون أن حالة الغضب والسخط التي شهدتها الأوساط السياسية «الإسرائيلية» الناتجة من هذا القرار هي دليل على قلق «إسرائيلي» واضح من أن هذه الخطوة تشكل انتقالاً رسمياً أوروبياً من حملات المقاطعة الفردية المنتشرة في أوروبا كالبي دي أس، فحركة المقاطعة بي دي أس هي الحملة الدولية الاقتصادية التي بدأت منتصف عام 2005 بنداء من 171 منظمة فلسطينية غير حكومية دعت الى المقاطعة وسحب الاستثمارات وتطبيق العقوبات ضد «إسرائيل» حتى تنصاع للقانون الدولي والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان، فالقلق «الإسرائيلي» ناتج من تخوّف من انتقال المقاطعة الفردية الى سياسة رسمية أوروبية تزيد من عزلة هذا الكيان الذي بات قادته يتوقعونها، إذ حذر سابقاً رئيس الوزراء السابق ايهود باراك في 19 كانون الثاني من العام الحالي من أن «اسرائيل» صارت عرضة للمقاطعة أكثر من ذي قبل مع تطور حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.
فقرار المفوضية الأوروبية سينعكس سلباً على داخل هذا الكيان حسب مراقبين من الناحية السياسيــة والاقتصادية، وسيؤثر سلباً في الاقتصاد «الإسرائيلي» الذي يعتمد بشكل كبير على السوق الأوروبية، فاقتصادياً تعتبر أوروبا هي الشريك الاقتصادي الأول لـ«إسرائيل»، ففي عام 2010 حصل هذا الكيان على المرتبة 26 في قائمة الدول التي يستورد منها الاتحاد الأوروبي، فخسارة السوق الأوروبية تعني تدهور الموارد الاقتصادية للكيــان، وهذا ما يفسر الاتصالات المكثفة التي أجراها الكيان خلال الأسبوعين الماضيين في محاولة لإيقاف القرار الأوروبي حسب ما كشفه مسؤولون كبار لصحيفة «هآرتس»، مؤكدين أنه خلال المحادثات مع مستشاري موغريني في بروكسيل اتضح أن الطريقة الوحيدة لتأخير القرار تكمن في متابعة المفاوضات مع الفلسطينيين، وهي مسألة لا تبدو قريبة حسب ما ذكرى المسؤولون للصحيفة.
فالكيان «الإسرائيلي» بات يعيش حالة مــن القلــق والإربــاك، خصوصاً أن قرار الاتحاد الأوروبي يوزاي الانتفاضة الفلسطينيــة المندلعة في الضفــة الغربية، وانتفاضة مماثلة داخل البيت «الإسرائيلي» طالت رئيس الوزاراء بنيامين نتنياهو، محملة إياه مسؤولية الفشــل في إدراة هــذه الأحداث حيث استغل المنافسون السياسيون لنتنياهــو ما يحــدث الآن فــي الضفة، وحمل رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيـغدور ليبرمان المسؤولية الكاملة لتصاعد وتيرة العمليات بالضفة الغربية.
فنتنياهو يعيش حالياً مأزقاً حقيقياً إثر تصاعد أحداث الانتفاضة الفلسطينية وبدت ظاهرة ملامح عجزه في تخطي هذه الموجة واضحة، وقد أعرب غالبية «الإسرائيليين» عن عدم رضاهم من طريقة تعامل نتنياهو مع تطورات الأحداث، وأظهر استطلاع أجرته القناة الثانية العبرية أن 73 من المستوطنين غير راضين عن إرداة نتنياهو للمرحلة الراهنة، ومع استمرار الانتفاضة الفلسطينية واتخاذها النمط التصاعدي في وتيرة العمليات جاء قرار المفوضية الأوروبية ليزيد الموقف المرتبك لحكومة الاحتلال.