مؤشرات انتخابية تهدّد أحلام هيلاري كلينتون الرئاسية

استمرّت سورية تتصدّر اهتمامات وسائل الإعلام ومراكز الفكر والأبحاث المختلفة، وتزامنها مع عقد انتخابات محلية في عدد محدود من الولايات، ونتائجها التي تشكل مؤشراً على الانتخابات الرئاسية العامة العام المقبل.

سيستعرض بند التحليل النتائج «التمهيدية» واتّساقها مع الخريطة الانتخابية للمرحلة الحاسمة المقبلة، لا سيما في ما مثلته بعضها من تحدّيات جاءت عكس حسابات الحزب الديمقراطي في بعض مراكزه القوية. والتوقف ايضاً عند «أولويات» القاعدة الانتخابية عند هذا المفصل، وأبرزها السياسة الحزبية من مسألة الهجرة، وعزوف جزء غير بسيط من الناخبين عن دعم الحزب الديمقراطي وسياسات البيت الأبيض.

في الشق المقابل سيتمّ تناول النتائج وأهميتها للحزب الجمهوري، وما دلّت عليه مبكراً من حصر السباق الانتخابي بين مرشحين أربعة من الجمهوريين: دونالد ترمب، بن كارسون، تيد كروز، وماركو روبيو مقابل المرشح الأبرز عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون. ننبّه أيضاً إلى أنّ اللوحة الانتخابية الراهنة ستخضع لتعديلات واستقطابات واصطفافات جديدة وربما مغايرة للوضع الحالي، خلال العام المقبل.

استراتيجية أم سياسة أميركية في سورية

في معرض مراجعة لحيثيات السياسة الأميركية، وجه معهد أبحاث السياسة الخارجية سهام انتقاداته إلى هزال سياسة إدارة الرئيس أوباما في كلّ من سورية والعراق «وتلكؤها القيام بدور قيادي» في الحملة ضدّ تنظيم «داعش»، مستدركا أنّ الإدارة قد تكون محقة أحياناً، خاصة في ظلّ غياب إجماع بين الساسة الأميركيين من الحزبين «لتحديد دقيق لماهية عناصر المصالح الأميركية في سورية او في ما يخصّ «داعش» على المدى الطويل». وذكر صنّاع القرار بأنّ «الهدف المركزي لأيّ استراتيجية تخصّ «داعش» ينبغي ان ينصّ على وضع نهاية للأزمة السورية… رغم ما ينطوي عليه من ترتيبات وعقد مقايضات مع الخصمين روسيا وإيران».

وحذر واشنطن انّ الساحة السورية «لا تحمل ايّ خيارات جيدة للولايات المتحدة… وتؤدّي بها في المحصلة الى الإقلاع عن الانخراط». واثنى المعهد على سياسة الانخراط الحذر للإدارة الأميركية عملاً بنصيحة وزير الخارجية رئيس هيئة الاركان الأسبق، كولن باول، «الانخراط يعني تحمّل المسؤولية… اذ انّ توجه الولايات المتحدة في سورية انطوى على إهمال التعامل مع الأزمة، لكنها ليست مسؤولة بشكل تامّ عن تفاقمها».

أصدر معهد كاتو حكماً مسبقاً بفشل سياسة أوباما إرسال قوة متواضعة من القوات الخاصة الأميركية الى سورية، على الرغم من «إخفاق الحملة الراهنة تحقيق تراجع في اندفاع تنظيم «داعش»، بل حققت نجاحاً أكبر في احتوائه بفضل الغارات الجوية… وحرمته من السيطرة على مزيد من الاراضي».

وأعرب عن اعتقاده أنه بالإمكان «تعزيز جهود احتوائه عبر أساليب غير عسكرية، وبشكل خاص، توجيه حلفاء مثل تركيا والسعودية وقطر استهداف مصادر تمويل التنظيم… ووقف تدفّق المقاتلين الأجانب لصالحه». وحذر من نزعة المضيّ بتوسيع حجم التدخل العسكري ضدّ التنظيم «لما ينطوي عليه من تداعيات محتملة لامتداد الصراع في سورية والعراق الى مناطق أخرى في الاقليم».

تجدّد النقاش في مسألة إنشاء منطقة حظر للطيران في سورية وتناول معهد الدراسات الحربية استعراض ما أسماه الخيارات المتوفرة في هذا الشأن، منها «تحديد نطاق منطقة الحظر بأفق جغرافي، وتغطيتها فضاء محدوداً من الأجواء السورية، والنظر إليها من زاوية تخفيض الموارد المطلوبة والمخاطرة الماثلة أمام الأسلحة والقوات الأميركية وفي نفس الوقت توفير منطقة حظر للطيران قابلة للاستمرار والتنفيذ». واستدرك بالقول انّ ما سبق عرضه من «خيارات يفترض تأييد ودعم كلّ من الأردن وتركيا».

السعودية

حذر معهد كارنيغي السلطات السعودية من استمرارية التعامل «بنهج العنف والإقصاء، مع المتظاهرين الشيعة وتباينه في التعامل مع الجهاديين السنة، وانه سيؤدّي الى مزيد من العنف محليّ المنشأ». وأوضح المعهد مخاطر الحكم بالإعدام الصادر بحق الشيخ نمر النمر بحجة «عصيان الحاكم» اذ انّ «القرار لا يسلّط الضوء على هذه القضية وعقبات سلامة سير الإجراءات فحسب، بل على تداعيات الانقسامات المذهبية على شيعة السعودية». وأشار المعهد الى سعي السلطات السعودية «إعادة تعريف الجهاد ومكافحة الإرهاب ببرنامح المناصحة» الذي أقرّه ولي العهد محمد بن نايف، والذي أضحى بمثابة الفيصل في اعتبار «الجهاد الشرعي الوحيد هو الذي يأمر به الملك… وطغيان الكراهية ضدّ الشيعة في الخطاب السنّي». ومضى المعهد محذراً السلطات السعودية من خطورة نهجها الراهن، لا سيما بعد «مواجهة رجل شيعي وزير الداخلية السعودي بحذر»، عقب تفجير مسجد للشيعة في 22 أيار الماضي وقوله انّ «الدولة شريكة في الهجوم لأنها فشلت في تأمين إجراءات أمنية فعّالة لحماية الشيعة. وزير الداخلية ردّ بحزم أنّ الدولة هي الكيان الوحيد المخوّل فرض الأمن». وخلص بالقول الى انّ البلاد مقبلة على «مزيد من العنف المحليّ الصنع… وصعوبة احتوائه مع تراجع اسعار النفط ولن يكون بوسعها الاستمرار في شراء الصحافيين او الواعظين على المدى الطويل لنشر الرسالة الرسمية المفضلة».

أردوغان زوّر الانتخابات

أعرب معهد المشروع الأميركي عن ثقته بتزوير نتائج الانتخابات التركية الأخيرة استناداً الى معلومات ودلائل مادية توضح «ضلوع الرئيس أردوغان في التلاعب» بالنتائج لضمان تفوّق حزبه. واوضح انّ بعض التدابير المتبعة شهدت «تعدّد تسجيل مؤيدي حزب العدالة والتنمية في أكثر من دائرة انتخابية، وبالتالي الإدلاء بالأصوات مرتين او اكثر». واضاف انّ المجلس التركي الأعلى للانتخابات، الذي ينظر في المخالفات «أضحى بعيداً عن استقلالية قراره، بل تحت قبضة أردوغان». وخلص إلى القول انّ «الأرقام لا تكذب، أردوغان سرق نتائج الانتخابات، ببساطة».

اعتبر معهد كارنيغي فوز حزب العدالة والتنمية بأغلبية الأصوات بأنه دليل على «نجاحه في إقناع شريحة واسعة من الناخبين بأنه الحزب الوحيد القادر على الحفاظ على الاستقرار الداخلي«، على الرغم من الاعتقاد الشعبي السائد بأنّ «حزب العدالة والتنمية… حدّد أهدافه ببسط الاستقرار وتوفير الأمن ووحدة البلاد، وضحّى بالسلام من أجل الفوز بانتخابات خاطفة». واضاف انّ أردوغان نجح في «ترسيخ قبضته على السياسة المحافظة اليمينية وعدم فسح المجال أمام ظهور خصم يلتقي معه حول العقيدة نفسها»، في إشارة الى ما تردّد قبل الانتخابات من عودة الرئيس السابق عبد الله غول، وربما بروز «حزب جديد منشقّ عن حزب العدالة والتنمية». وخلص إلى القول انّ الانتخابات أسفرت عن «انقسامات عميقة في تركيا… وعدم استعداد النخب السياسية الإصغاء للطرف «الآخر»، بسبب الغشاء على عيونها انطلاقاً من «شعورها بالاطمئنان وبقائها في مناصبها».

آفاق انتخابات تمهيدية

جرت انتخابات «فرعية» في عدد محدود من الولايات الأميركية، مطلع الأسبوع الماضي، ومغزى نتائجها على الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة في ظلّ أداء متواضع للحزب الديمقراطي في بعض مراكزه القوية، وفوزه في البعض الآخر، ودلالات نجاح خصومه في الحزب الجمهوري وما يشكله من تحديات إضافية لقيادة الحزب.

من بين الولايات «الإشكالية» للحزب الديمقراطي كينتاكي وفرجينيا، اذ تصوّت الأولى عادة لصالح الحزب الجمهوري لكن مجلسي النواب والشيوخ يخضعان لسيطرة تيار محافظ في الحزب الديمقراطي، والذي لا يتورّع عن تسجيل اختلافه مع قيادة الحزب. ولاية فرجينيا اتخذت نقلة نوعية في العقد الحالي بالتصويت لصالح الحزب الديمقراطي، مما أسفر عن منصب حاكم الولاية لصالحه، في السابق، بينما أخفق مرشحوه عن حصد أغلبية في مجلسي النواب والشيوخ للولاية.

ما يثير الانتباه والقلق في آن للحزب الديمقراطي انّ منصب حاكم ولاية كينتاكي فاز به المرشح الجمهوري مات بيفن ونائبته السوداء من اصول افريقية جنين هامبتون، بنسبة 53 مقابل 44 للحاكم الديمقراطي الحالي جاك كونواي، الذي بشرت استطلاعات الرأي بفوزه قبل بضعة ايام من إجراء الانتخابات وهي المرة الثانية لحاكم جمهوري منذ عام 1971، وفاز الحزب الجمهوري ايضاً بمناصب رفيعة اخرى في الولاية.

لا يستبعد ان يراهن الحزب الجمهوري على جنين هامبتون لكونها امرأة بالدرجة الاولى، والتعويل على تسويقها في مرحلة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وما ترمز اليه تلك الخطوة من التقرّب لشريحة السود من اصول افريقية، وامتداداً للأقليات العرقية الاخرى أبرزها الناطقة باللغة الاسبانية، وكسب اكبر تأييد ممكن لمرشحيه.

كنتاكي، الولاية الهامشية في التوازنات الحزبية الداخلية، فاجأت قادة الحزب الجمهوري ايضاً لتأييدها مرشح تيار حزب الشاي، مات بيفن، والذي «تجرّأ» على منافسة الابن المدلل للمؤسسة ورئيس مجلس الشيوخ، ميتش ماكونل، العام الماضي. وبلغ استهتار قيادة الحزب، ممثلة بجمعية حكام الولايات الجمهوريين، ان أحجمت عن دعم بيفن إعلامياً في بداية الحملة، ثم تراجعت عن قرارها وضخت نحو 2.5 مليون دولار في الاسبوعين الاخيرين. تصالح الصديقين اللدودين، بيفن وماكونل، بعد وساطات من شخصيات نافذة في الحزب جسّدها الاخير بتأييد بيفن في عدد من الدوائر الانتخابية.

أيضاً، هزم المحاسب العام للولاية، ادم ادلين، في انتخابات كنتاكي وهو الذي كان الحزب الديمقراطي يعول عليه لمنافسة النائب في مجلس الشيوخ عن ولاية كنتاكي، راند بول، الجولة المقبلة عند اضطراره التخلي عن منصبه في الكونغرس ليخوض حملة الانتخابات الرئاسية.

في ولاية فرجينيا المحافظة، احتفظ الحزب الجمهوري بأغلبيته في مجلس شيوخ الولاية ثمرة حملة انتخابية شرسة للطرفين، وما سيسفر عنه من استمرار حالة الشلل التشريعي لحاكم عن الحزب الديمقراطي ومجلس تمثيلي تحت سيطرة الحزب الجمهوري اسوة بالشلل الراهن بين الرئيس أوباما ومجلسي الكونغرس. من اهمّ تداعيات نتائج فرجينيا تقويض حظوظ الحاكم الحالي، تيري مكوليف، حشد الولاية للتصويت لصالح المرشحة هيلاري كلينتون عام 2016.

يُشار في هذا الصدد الى الجولة الانتخابية المكثفة التي قام بها مكوليف، نيابة عن مرشحي الحزب الديمقراطي، في عموم الدوائر الانتخابية، وحضوره نحو 24 نشاطاً انتخابياً في الأيام الأربعة التي سبقت الانتخابات، خاصة انّ كافة المقاعد النيابية في المجلسين وعددها 140 مقعداً كانت مدرجة على قوائم الاقتراع. الحزب الجمهوري فاز بأغلبية بسيطة من مقاعد مجلس الشيوخ، 21 مقابل 19، واحتفظ بأغلبية بيّنة في مجلس النواب.

تعد ولاية فرجينيا أحد المعاقل الرئيسة لجماعة الضغط المرتبطة بسوق اقتناء الاسلحة، واحتفظت بتلك الميزة على الرغم من ضخ الملياردير وحاكم ولاية نيويورك السابق، مايكل بلومبيرغ، موارد كبيرة لتعديل النتيجة. وعليه، تراجع او هزيمة التيار المعتدل المطالب بوضع قيود على اقتناء السلاح أتى مؤشراً على إدراج الحزب الديمقراطي للمسألة من عدمها، المحكوم بفشلها مسبقاً. بل سجلت الأشهر الستة السابقة من العام الجاري تزايداً مضطرداً لمبيعات الأسلحة الفردية.

ركيزة الحزب الديمقراطي الاخرى كانت قضية التسامح والاعتدال في مسألة الهجرة المتفاقمة دون علاج، وتلقى مرشح الحزب المؤيد للهجرة، روس ميركاريمي، هزيمة وصدمة في أشدّ المدن الأميركية اعتدالاً وقدوة استشرافية في المجتمع، سان فرانسيسكو.

استغلّ خصوم ميركاريمي إقدامه مطلع العام الجاري على إطلاق سراح معتقل مصنّف «مهاجر غير شرعي»، وفق صلاحياته القانونية، على الرغم من طلب سلطات الأمن الفدرالية مواصلة احتجازه. من سوء حظ ميركاريمي انّ المفرج عنه اتهم بارتكاب جريمة قتل مواطنة بلغت 32 عاماً، مما عرضه لمزيد من الانتقادات ومضيّه في الدفاع عن حصافة قراره السابق.

خصمه المرشحة فيكي هنيسي استغلت هاجس الأمن للمواطنين واتهمته برفض التعاون مع الأجهزة الفيدرالية المختصة بشؤون الهجرة خلال حملة الترشيح. نتائج الانتخابات تدلّ على مدى الاعياء لدى المواطن العادي من قضية الهجرة واستيعاب المهاجرين وتداعياتها على برنامج الحزب الديمقراطي، وربما إلحاق الضرر بحملة المرشحة هيلاري كلينتون.

أفضل النتائج للحزب الديمقراطي جاءت من ولاية بنسلفانيا المحورية، واستطاع مرشحوه الثلاثة الفوز بالمناصب الشاغرة في المحكمة العليا للولاية، وما يمثله من نفوذ يحدد ملامحه المستقبل القضائي للولاية. بينما فاز الحزب الجمهوري بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ في الولاية، 31 مقابل 19 للخصم الديمقراطي.

كذلك سجل الحزب الجمهوري بعض التقدّم في المجالس النيابية لولاية نيوجيرسي، التي يتربّع على منصب حاكمها الجمهوري كريس كريستي الى جانب بعض الإنجازات في تشريعات مقترحة في أماكن عدة، من بينها مدينة هيوستن التي صوت فيها الناخبون بمعارضة اقتراح للحزب الجمهوري «لحماية الهوية الجنسية/الجندرية»، لخشيته من اقدام «رجال على ارتداء ملابس نسائية ودخول المراحيض المخصّصة للمرأة».

استناداً الى اللوحة الأولية السالفة الذكر، فإنّ أوضاع الحزب الديمقراطي لا تبشر بالخير في الانتخابات الرئاسية. وعبّرت اسبوعية «ذي اتلانتيك»، الليبرالية عن قلق الحزب من خسائره بأنها تنبئ بفوارق حضارية بين الحزب الديمقراطي والناخب الأميركي، فضلاً عما ينطوي عليها من «سوء تقدير اليسار لجهوزية القاعدة الانتخابية تحمل تبعات تغيّرات اجتماعية، مما أثار ردود فعل عنيفة من قبل التيار الرئيسي للناخبين والذين لديهم مصلحة في الحفاظ على الوضع الراهن».

وأوضحت المجلة انّ جولة الانتخابات المتواضعة «شهدت إقبالاً ضعيفاً من الناخبين، جرت في حفنة من المجالس المحلية»، وحثت التيار الليبرالي الجاهز لتبرير قصوره النظر الى «لماذا ينحو معظم الناخبين المواظبين على مناوئة مستمرة لوجهات نظرهم، او التعرّف على سرّ عزوف جمهور الناخبين عن تبني المواقف الاجتماعية الليبرالية… وأسفرت عن هزيمة عميقة للديمقراطيين في انتخابات غير رئاسية تجري في عهد أوباما، وخففت من حظوظ الحزب على مستوى المجالس التشريعية المحلية، وحكام الولايات، ومجلسي النواب والشيوخ» في الولايات.

مرشحو الحزب الجمهوري للرئاسة

تقدّم نحو 18 مرشحاً عن الحزب الجمهوري للتنافس على ترشيح الحزب وخوض الانتخابات الرئاسية، وتناقص العدد تباعاً لاعتبارات عدة، ليس أقلها تواضع الأداء وإحجام المموّلين عن فتح خزائنهم امام هذا العدد الكبير. استطلاعات الرأي رست على اعتبار مرشحين اربعة لديهم أفضل الحظوظ للمضيّ بالسباق، ابرزهم دونالد ترمب بن كارسون تيد كروز وماركو روبية. المرشح المفضّل والمتعثر، جيب بوش، لم يتخط سقف الحدود الدنيا من رضى القاعدة الانتخابية على الرغم من الارث العائلي ونفوذها المالي والصناعي الواسع.

اللوحة الانتخابية النهائية لم ترسُ على مرشحين بعينهم، وكلّ المؤشرات الراهنة تدلّ على تفوّق دونالد ترمب يليه بن كارسون في المرتبة الثانية، ويتصارع كلّ من روبيو وكروز على المرتبة الثالثة. اما باقي المرشحين فلم يحالفهم الحظ لتخطي عتبة 5 من تأييد الناخبين.

أحدث استطلاعات الرأي الرصينة أجرته جامعة «كوينيباك» المتخصصة بقياس توجهات العامة، نشرته في الرابع من الشهر الحالي، أوضح انّ نسبة 24 من المشاركين أعربوا عن استعدادهم تأييد دونالد ترمب، مقابل 23 مؤيّد لبن كارسون. تقارب النتائج يؤشر على تقلبات حادّة في الرأي العام، يغذي بعضها كبريات وسائل الإعلام ومصالحها المتشابكة، اذ جاء في استطلاع لشبكة ان بي سي للتلفزة تقدّم بن كارسون بنسبة 29 مقابل 23 لصالح ترمب.

نتائج جامعة «كوينيباك» أوضحت البون الشاسع بين الثنائي المذكور والآخرين، اذ اعرب 14 عن تأييدهم لماركو روبيو، و 13 لتيد كروز، وجاء جيب بوش بنسبة ضئيلة مهينة لا تتعدّى 4 . الاستطلاعات تعكس حالة شعبية محكومة بأفق زماني ومكاني محدّد، ولا يزال من المبكر لأوانه اعتماد تلك النتائج كقواعد لإصدار الأحكام والاستنتاجات.

على الطرف الآخر من السباق، تفوّقت هيلاري كلينتون على منافسها بيرني ساندرز بنسبة 53 مقابل 35 . تشكل المصداقية نقطة قاتلة لكلينتون امام جمهور الناخبين بنسبة 60 وفق استطلاع جامعة «كوينباك».

المثير انّ المرشح بن كارسون حصد أعلى نسبة في بند المصداقية بين كافة أقرانه وخصومه من المرشحين، بلغت 62 .

كلينتون تعاني ايضاً من هوة ديموغرافية عمادها الجيل الناشئ المؤيد للحزب الديمقراطي تسعى لسدادها بشق النفس. ودلّ أحد استطلاعات الرأي أجرته شبكة ان بي سي للتلفزة تراجع نسبة تأييدها الـ33 بين الفئة العمرية من 18 الى 29 عاماً، على امتداد رقعة الولايات المتحدة مقابل 48 أيدوا منافسها بيرني ساندرز. يذكر انّ كلينتون تفوّقت على ساندرز قبل مدة قصيرة في ولاية ايوا، بنسبة 3 ، ما لبثت ان تراجعت بين ذات الفئة العمرية.

المقرّبون من حملة كلينتون يشيرون الى نيّتها تعويض الخسارة بنسج علاقات أفضل مع قطاعات المرأة التي تشكل ايضاً قلقاً للحملة نظراً لتعاطف نسبة معتبرة مع خطاب ساندرز المناهض لرؤوس الأموال الكبيرة.

أشّر استطلاع «كوينيباك» إلى إمكانية خسارة كلينتون الانتخابات العامة أمام بن كارسون بنسبة 50 مقابل 40 لها، رغم فوزها بترشيح الحزب الديمقراطي. واضاف انّ نسبة تفوّق كلينتون تتبخّر هباء بين قطاع المرأة الذي من المرشح ان يدعم كارسون بنسبة 45 مقابل 44 لصالح كلينتون اما قطاع الذكور فسيصوّت بأغلبية 55 لصالح كارسون مقابل 35 لكلينتون.

الاستاذ المشرف على استطلاع «كوينيباك»، تيم مالوي، اوضح انّ شعبية كارسون «استأصلت جراحياً كافة منافسيه من الجمهوريين باستثناء واحد ويحتفظ بمشرطه ليطرح به تفوّق هيلاري كلينتون»، في إشارة الى مهنته كطبيب جراح.

الاستطلاعات المشار اليها اشارت ايضاً الى امكانية هزيمة كلينتون امام منافسيها الآخرين، تيد كروز وماركو روبيو، وبالكاد تتفوّق على المرشح دونالد ترمب.

وبرّر مالوي أسباب تراجع كلينتون المرئية بانها «ستهزم لسجيتها وطباعها، امام هجوم متتالٍ من قبل كارسون ومواجهة تحديات كلّ من تيد كروز ودونالد ترمب وماركو روبيو».

واستدرك مالوي بالقول انه يفصلنا عن موسم الانتخابات فترة زمنية «تعدّ فيها السنة بأنها أزلية وأدّى السباق الراهن إلى إحالة بعض المرشحين المتقدّمين التمسك بنظام الحفاظ على الحياة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى