المخلافي يعلن في مؤتمر صحافي توصيات الدورة الـ25 للمؤتمر القومي العربي: للإقلاع عن سياسات التحريض ضدّ الشعب الفلسطيني بذريعة خطأ من فرد أو خطيئة من جماعة

عقد أمين عام المؤتمر القومي العربي عبد الملك المخلافي، مؤتمراً صحافياً في دار الندوة ـ الحمرا ـ بيروت، أعلن فيه البيان الصادر عن الدورة الخامسة والعشرين للمؤتمر القومي العربي التي عُقدت في بيروت يومي 20 و21 حزيران الجاري، بحضور الأمين العام السابق للمؤتمر معن بشوّر، والمنسق العام للمؤتمر القومي ـ الإسلامي منير شفيق، وأمين عام المؤتمر العام للأحزاب العربية قاسم صالح، وأعضاء الأمانة العامة: الدكتور زياد حافظ، الدكتور هاني سليمان، فيصل جلول، ومساعدة الأمين العام للشؤون الإدارية والتنظيمية رحاب مكحل، كما حضر عدد من أعضاء المؤتمر في لبنان وحشد من الإعلاميين والسياسيين.

وفي ما يلي نص البيان الذي تناول فيه المؤتمر شؤون «الوحدة العربية»، والأوضاع العربية، والقضية الفلسطينية، والشؤون: المصري، والسوري، والعراقي، والتونسي، والليبي، واليمني، والخليجي، والبحريني، واللبناني، كما تناول العلاقات مع دول الجوار ودول العالم.

وتطرّق البيان إلى موضوع اللغة العربية، والشأن الاقتصادي، ودور الشباب، ودور المرأة العربية.

كما توقف أمام قضايا التطرف والإرهاب، وقضية الاعتقالات والإخفاء القسري.

وشكر المؤتمر في ختام بيانه كل من ساهم بإنجاحه، تنظيماً وإعداداً، خصوصاً وسائل الإعلام اللبنانية والعربية التي واكبت أعماله، وعاهد بالمضي قدماً في مساره النهضوي المستمر منذ ربع قرن، آملاً أن يكون انعقاد دورته المقبلة، بعد مرور ربع قرن، فرصة لمراجعة نقدية موضوعية عميقة يشارك فيها أعضاء المؤتمر وأصدقاؤه المهتمون بمسيرته، من أجل تجديد هذه المسيرة على طريق تحقيق أهدافه وتطوير آلياته.

البيان

في بيروت عاصمة الحرية والعروبة والمقاومة والانتصار، عقد المؤتمر القومي العربي دورته الخامسة والعشرين ما بين 20 و21 حزيران من العام 2014، ليجدّد نظرته إلى لبنان كوطن حريات وأرض مقاومة، متمنياً لشعبه تعميق وفاقه، ولدولته الحفاظ على مؤسساتها الدستورية، ولمقاومته مضاعفة قدراتها القتالية، ليبقى لبنان المثل والمثال في المصالحة الوطنية وبناء الدولة الديمقراطية ومقاومة العدوان الأميركي ـ الصهيوني.

وعلى رغم التوترات الأمنية في لبنان التي تزامنت مع افتتاح المؤتمر، فقد أصرّ أعضاء المؤتمر على انعقاده واستكمال برامجه على مدى يومين مشاركين الشعب اللبناني تصميمه على مواجهة كل ما يحيط به ويتهدد أمنه من مخاطر إرهابية ـ عدوانية.

كان عدد الحضور في المؤتمر 340 مشاركاً ومراقباً وإعلامياً تحملوا كامل نفقات سفرهم وإقامتهم ، وهو عدد قياسي بالنسبة إلى مؤتمرات سابقة، وتأكيد على أن المؤتمر ما زال بعد ربع قرن على تأسيسه يعبّر عن حاجة عميقة لدى نخب وشرائح واسعة من أبناء الأمّة التي ترى في تكوينه الجامع لكل أقطار الأمّة ومكوناتها، والحامل للمشروع النهضوي العربي، والمنفتح على كل الآراء والرؤى النهضوية، رداً على كل محاولات التقسيم والتفتيت والتكفير والتهميش والإقصاء والاجتثاث والتسلط التي تنتشر في أرجاء واسعة من العالم العربي.

ناقش المؤتمر على مدى يومين كاملين، الأوضاع العربية والدولية، في ضوء التقارير المقدمة إلى المؤتمر، كما توقف مطولاً أمام التطورات المتصلة بعناصر المشروع النهضوي الست: الوحدة العربية، الديمقراطية، الاستقلال الوطني والقومي، التنمية المستقلة، العدالة الاجتماعية، والتجدد الحضاري، وحرص المؤتمر أن يكون منبراً حراً لكافة الرؤى والآراء التي يحملها أعضاؤه الذين حرصوا بدورهم على إبقاء أي تباين بينهم في إطار الحوار الديمقراطي والحضاري مؤكدين بتنوعهم، أن المؤتمر ليس امتداداً لأي جماعة أو حزب أو نظام أو منظومة، كما أنه ليس حزباً أو تنظيماً أو نقابة أو مركز أبحاث، بل هو كيان حرّ جامع مستقل يعبّر عما يتفق عليه أعضاؤه على تنوعهم، ويتجنب ما يختلفون عليه، يدخل إلى نقاط الاختلاف من ساحات المشترك بينهم فيسعى إلى حلّها بدلاً من الدخول إلى ساحات المشترك من مواقع الاختلاف فيخسرها.

في «الوحدة العربية»

وفي هذا الصدد، توقف المؤتمر بشكل خاص أمام قضية «الوحدة العربية»، بغضّ النظر عن أشكالها الدستورية، ورأى ضرورة إعادتها إلى الصدارة في اهتمامات الفكر والنضال العربيين، باعتبارها ضمانة الاستقلال الوطني والأمن القومي، وتعبيراً عن إرادة الأمّة الحرّة وحامية لها، وسداً بوجه محاولات التفتيت والتمزيق وإثارة شتى أنواع العصبيات العرقية والطائفية والمذهبية.

ودعا المؤتمر أعضاءه وكل القوى الوحدوية في الأمّة إلى تشكيل لجان عمل وحدوية في كل الأقطار تسعى إلى تبني نداء «صنعاء للوحدة العربية» الذي أطلقه المؤتمر في 22 شباط عام 2013، عبر برنامج بخطوات متدرّجة على طريق الوحدة، كالسوق العربية المشتركة، وإقامة سكة عربية واحدة تخترق «الوطن الكبير» من أقصاه إلى أقصاه، وإلغاء تأشيرات السفر والإقامة للمواطنين العرب بين الدول العربية.

كما دعا المؤتمر إلى عدم تفويت فرصة أي شكل من أشكال الوحدة بين أي قطرين عربيين أو أكثر كلما توفرت شروط إقامة حدّ معقول من العلاقات الوحدوية بينها، مشدّداً في هذا الإطار على ضرورة مراجعة جريئة وجذرية لتجارب العمل الرسمي العربي الراهن ومؤسساته، وعلى رأسها جامعة الدول العربية، بعد أن أمّعن القيمون عليها في انتهاك ميثاقها ونظامها الأساسي وحولوها إلى مظلة لاستدعاء الناتو والتدخل الأجنبي للعدوان على دول عربية وانتهاك سيادتها واستقلالها.

في الأوضاع العربية

قبل الدخول في الشؤون القطرية العربية، لا بدّ من التأكيد على مجموعة من المبادئ العامة والإجراءات الضرورية في معالجة كافة التوترات القائمة:

ـ تعزيز التوافقات الوطنية داخل الأقطار حول أولوية الوحدة الداخلية، وحدة القطر والدولة والشعب والأرض، ومقتضيات حمايتها تمهيداً لإعادة بناء مؤسسات الدولة الوطنية على قاعدة المواطَنة المتساوية.

ـ تحقيق الانتقال الديمقراطي بالوسائل الديمقراطية فيصار إلى بناء الدولة المدنية الحديثة وفق مبادئ دستورية وقانونية تحترم حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتعالج مسألة الأقليات وفق ما يقتضيه مفهوم دولة المواطنة الكاملة في الحقوق والواجبات والقانون العادل.

ـ فضّ النزاعات بين مكوّنات المجتمع بالحوار والوسائل السلمية والإقلاع عن استخدام العنف والعنف المضاد في العمل السياسي فيتمّ الانتقال السلس من مجتمع التسلّط والنزاعات المسلّحة إلى آخر سلمي حضاري، من مجتمع الاحتكار أو الاستحواذ السياسي العنفي إلى مجتمع المشاركة السياسية والمصالحة بعيداً عن الارتباط بأجندات خارجية أو مصالح خاصة فئوية، وفي هذا السياق يعلن المؤتمر تأييده ودعمه لمبادرات الحوار الوطني التي أطلقت في عدد من الساحات العربية ويدعو إلى أوسع مشاركة فيها كي تعكس التنوّع السياسي والفكري والاجتماعي بغية الوصول إلى تفاهمات وطنية تقيها شرّ الانزلاق مجدّدا» في مواجهات دامية.

ـ تطبيق مبادئ العدالة الانتقالية كشرط لازم لتحقيق المصالحة الوطنية.

ـ المباشرة الفورية بوضع خطط لمكافحة الفساد ومحاسبة شبكاته واسترداد الأموال المنهوبة، وتبنّي سياسات رشيدة تقوم على توظيف العائدات الوطنية في إعادة الأعمار وتحسين أوضاع المواطنين الاجتماعية والمعيشية، مع تأكيده على حق الشعب في السيادة على ثرواته، وفي هذا الإطار يؤكّد المؤتمر على دعم عددٍ من منظمات الشفافية ومكافحة الفساد وفي مقدّمها المنظمة العربية لمكافحة الفساد التي دعا المؤتمر إلى تأسيسها في استراتيجيته التي أقرّها مؤتمره الرابع عام 1993.

ـ جعل الوفاق الوطني هدفاً لكلّ حوار سلمي بين أطراف الصراع. فالوفاق يرسّخ السلم الأهلي ويتيح العمل السياسي أمام جميع القوى التي لا تعتمد العنف للوصول إلى السلطة.

هذه الإجراءات وسواها، التي يرى فيها المؤتمر إعادة بناء الدولة الوطنية ووحدتها الداخلية، لا قيمة لها في المنظور القومي ما لم تقم في الدول القطرية أنظمة ديمقراطية متطلّعة إلى الوحدة العربية هدفاً استراتيجياً لبناء المستقبل العربي.

في القضية الفلسطينية

جدّد المؤتمر التزامه الثوابت القومية التي ترى في القضية الفلسطينية القضية المركزية للأمّة، وفي الصراع العربي الصهيوني صراع وجود لا صراع حدود، ودعا إلى ترجمة الالتزام بهذه الثوابت في الواقعين الشعبي والرسمي إلى سياسات وممارسات تتمسك بالتحرير وحق العودة، كما توفّر الدعم لمقاومة الشعب الفلسطيني وصموده في الأرض المحتلة، وتصون عروبة القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وتناهض التمييز العنصري الصهيوني باعتباره أكبر وأخطر أشكال التمييز العنصري، وتقاوم التطبيع، وفي هذا الإطار يدعو المؤتمر أعضاءه في الأقطار العربية كافة إلى العمل على الدفع بإصدار قوانين تجرّم التطبيع وتعاقب المطبعين في أقطارهم.

توقف المؤتمر أمام ظاهرة التنامي المتصاعد لأشكال المقاومة ضد العدو الصهيوني والتي كان آخرها عملية أسر المستوطنين الثلاثة داخل مناطق السيطرة الأمنية الكاملة للاحتلال، وارتباطها بنضالات الحركة الأسيرة في فلسطين وإضرابات أبطالها عن الطعام وقد تجاوزت الشهرين من دون توقف، كما توقف أمام تزايد مظاهر العزلة والمقاطعة الدولية لهذا الكيان والتي تعبّر عن نفسها كل يوم بمبادرات وملتقيات وتحركات، داعياً أعضاء المؤتمر حيث هم إلى الانخراط في هذه الحركة العالمية لعزل الكيان الصهيوني باعتبار أنها تساهم في دكّ أحد مرتكزات هذا الكيان الذي قام طويلاً على التضليل الإعلامي، كما في التذكير الدائم بكل جرائمه وملاحقة مرتكبيها قانونياً وإعلامياً وأخلاقياً، والسعي إلى إطلاق تحرّك عربي وعالمي في مئوية «وعد بلفور» تدعو إلى تحميل الحكومة البريطانية المسؤولية المادية والمعنوية عن الأضرار الهائلة التي لحقت بالشعب الفلسطيني والأمّة العربية من جراّء ذلك الوعد المشؤوم وسياسات الانتداب البريطاني التي مهّدت السبل لقيام هذا الكيان الغاصب.

وفي هذا الإطار دعا المؤتمر أيضاً إلى اعتبار عام 2016 «عام القدس عاصمة للمقاومة ومناهضة التطبيع»، كما دعا إلى دعم المقاومة والانتفاضة بكل أشكالها والمشاركة في مؤتمر «فلسطين للمقاومة الشعبية» ومبادراته في بناء القرى مثل «باب شمس» و«العودة» و«ملح الأرض» لمواجهة الاستيطان وتثبيت حق العودة، وفي الملتقى الدولي لمناهضة العنصرية الصهيونية والحملة القانونية الدولية لملاحقة جرائم الاغتيالات الصهيونية، والمسيرات العالمية لحق العودة والقدس وغيرها من الفعاليات المتصلة بالقضية الفلسطينية.

شدّد المؤتمر على ترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية القائمة على التمسك بثوابت هذه القضية، وفي مقدمها العودة والتحرير واعتماد المقاومة طريقاً لمواجهة العدو، معتبراً المعادلة التي ينبغي أن تقوم عليها أي مصالحة في فلسطين هي أن قضية فلسطين ليست قضية سلطة أو حكم بل قضية تحرير، وبالتالي فإن أي مصالحة تقوم مدعوة لأن تكون خطوة على طريق تعزيز المقاومة بكل أشكالها، بعيداً عن مسيرة المفاوضات التي لم تؤد إلاّ إلى المزيد من التنازلات من قبل المفاوض الفلسطيني، والمزيد من المستعمرات والاغتيالات والاعتقالات وتهويد المقدسات وتشديد الحصار وإقامة جدار الضم والتوسع العنصري على يد المحتل الصهيوني.

ورأى المؤتمر أن مركزية القضية الفلسطينية تتطلب احترام حقوق الشعب الفلسطيني الاجتماعية والإنسانية والسياسية في بلدان الشتات، لا سيّما دول الجوار، والإقلاع عن سياسات التحريض ضدّ الشعب الفلسطيني بذريعة خطأ من فرد أو خطيئة من جماعة، بل أن مقياس الالتزام بهذه القضية المركزية لا يقاس فقط بالمواقف المعلنة من الكيان الصهيوني، وإنما بالمواقف العملية الداعمة لمقاومة هذا الكيان داخل فلسطين وخارجها، والقائمة على احترام كرامة الفلسطينيين وحقوقهم، وفي هذا الإطار يؤكّد المؤتمر على أهمية فتح معبر رفح لإنهاء الحصار الظالم على قطاع غزّة، وعلى أهمية إلغاء كافة القيود الاستثنائية التي تفرضها بعض الحكومات على حرية انتقال الفلسطينيين بين أقطارهم العربية.

في الشأن المصري

إذ يؤكّد المؤتمر احترامه الكامل لإرادة الشعب المصري كما عبّر عنها في أكثر من استحقاق، فإنه يدعو إلى الالتزام الكامل بمطالب ثورة الشعب المصري بموجاتها المتعدّدة وهي مبادئ الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني والقومي، ويرى في هذا الالتزام البداية السليمة لاستعادة دور مصر الريادي، القومي والإقليمي والعالمي، وهو دور تحتاجه الأمّة كلها في مواجهة العدوان الصهيوني الأميركي، كما في المساهمة في إيجاد حلول عادلة للأزمات التي تعصف بالعديد من دول المنطقة، بما يضمن الأمن القومي العربي لكل دول المنطقة، وإطلاق مشروع عربي قادر على التكامل والتفاعل مع كل مشروع تحرري في الإقليم وعلى مستوى العالم.

وفي هذا الإطار يشدّد المؤتمر على أهمية الحوار الوطني الواسع بين المصريين غير الملوثة أيديهم بالدماء، وإطلاق روح المصالحة الوطنية القائمة على احترام الحريات الشخصية والعامة، وعلى إعادة النظر بأحكام الإعدام الجماعية المتعارضة مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان والأصول القضائية.

ويشدّد المؤتمر، في سياق الكلام على الدور المصري المرتقب، على تعذّر القيام به ما لم ينجز التوافق بين القوى الوطنية لإنجاح عملية التحوّل الديمقراطي الإصلاحي التحرّري تحقيقاً لأهداف الثورة في مواجهة الاستبداد والفساد والتبعية، لاسيّما التوافق على قانون الانتخابات البرلمانية بما يؤمن صحة التمثيل الشعبي الوطني.

كما يدعو المؤتمر الحكومة المصرية إلى فتح معبر رفح لإنهاء الحصار الظالم على قطاع غزّة، لأنه لا يجوز معاقبة شعب بجريرة شخص أو جماعة أو تنظيم.

وفي موضوع مياه النيل يدعو المؤتمر حكومتي مصر والسودان إلى الاهتمام بهذه القضية، كما يدعوهما وبقية دول حوض النيل إلى التوافق على استراتيجية مائية تراعي الحقوق التاريخية ومتطلبات التنمية في دول الحوض.

في الشأن السوري

في الوقت الذي جدّد فيه المؤتمر تأكيده على حق الشعب العربي السوري في الإصلاح الديمقراطي والعدالة الاجتماعية، رأى أن تطورات الأحداث الدامية في سورية قد أكّدت سلامة وجهة نظره منذ بداية الأحداث، وهي أن المستهدف في سورية الوطن والدولة والجيش والمجتمع، إضافة إلى استهداف دور سورية القومي وموقعها ومواقفها الثابتة من قضايا الأمّة العادلة ومن دعمها للمقاومة العربية في مواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري.

وفي هذا الإطار، يندّد المؤتمر بأي تدخل أجنبي في الأزمة السورية، كما يندّد بالجماعات الإرهابية التكفيرية التي تعبث بحياة السوريين وعمرانهم وتراثهم الحضاري، وتدعو كافة الدول المعنية، القريبة والبعيدة، إلى وقف دعمها لهذه الجماعات عبر التمويل والتسليح والتضليل الإعلامي وإلى إغلاق الحدود أمام تسللها إلى داخل سورية لتدميرها.

كما يجدّد المؤتمر في دورته الخامسة والعشرين دعوته التي أطلقها في دورته الثالثة والعشرين في حزيران 2012 في تونس، بضرورة إلغاء كل العقوبات الاقتصادية والمالية بحق الشعب العربي السوري، وإلغاء كل القرارات الرسمية العربية ضد الدولة السورية وهي القرارات المخالفة لميثاق جامعة الدول العربية، وفي مقدمها تعليق عضوية سورية في الجامعة، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، لا سيّما أن العلاقات الدبلوماسية هي بين دول وشعوب لا بين أنظمة وحكومات.

في الشأن العراقي

يرى المؤتمر أنّ العراق ما زال يعيش في أزمة مستمرّة منذ الاحتلال الأميركي تطاول كيان الدولة وهويّتها ووحدتها الوطنية ونظام الحكم فيها، ومواردها وإمكاناتها، ويجد أنّ ما يجعل هذه الأزمة مستمرّة هو العنف والتمييز الطائفي والنزاع العرقي والفساد المستشري والتدخلات الخارجية، فضلاً عن تمدّد أعمال الإرهاب في غير محافظة.

وإذ يجدّد المؤتمر رفضه لأيّ شكل من أشكال التقسيم للدولة العربية العراقية وإقليمها الجغرافي، وهو ما تضمنه دستور بريمر وأفصح عنه مشروع جوزف بايدن، فأنه يرى في هذا التقسيم ما يسقط الهوية العراقية الوطنية الجامعة، الأمر الذي يحتم التمسك بوحدة العراق وعروبته.

وتأييداً منه للمقاومة العراقية التي تصدّت للاحتلال منذ وقوعه عام 2003 التي ساهمت في ولادة عالم جديد متعدّد الأقطاب، يرى المؤتمر أنّ الخروج الفعلي من الأزمة العراقية لن يحدث ما لم يحصل تغيير في العملية السياسية يفضي إلى المشاركة في حكومة وطنية جامعة خارج العنف الطائفي والصراع الاثني ورفضه لممارسات التنظيمات التكفيرية والميليشيات الطائفية المسلّحة.

من هنا، يدعو المؤتمر إلى مصالحة شاملة لا تقصي أيّ مكوّن من مكوّنات الشعب العراقي تعيد إلى العراق هويّته العربية الوطنية ودوره القومي وموقعه، كما يدعو المؤتمر إلى عدم التدخّل في شؤونه الداخلية وإلى مواجهة جعله ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.

في الشأن التونسي

ينوّه المؤتمر بنجاح القوى السياسية في تجاوز الخلافات وفي صياغة دستور جديد لدولة تونسية ديمقراطية حديثة، وهو، في الوقت نفسه، يبدي استنكاره الشديد لاغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمّد البراهمي داعياً إلى تثبيت الأمن والتصدّي للعنف والإرهاب.

وإذ يثمّن المؤتمر ما أنجزه التفاهم الوطني المعبّر عن الإرادة الشعبية خصوصاً بناء التوافق الوطني بحيث لا يسعى أيّ طرف للاستحواذ على السلطة بإقصائه الأطراف الآخرين فإنّه يجد بإجراء انتخابات رئاسية ونيابية نزيهة تكريساً للدولة المدنية الديمقراطية العتيدة، ويدعم المؤتمر التوجهات الوطنية التونسية المطالبة بتشريع تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني.

في الشأن الليبي

منذ العدوان الأطلسي الذي أدّى إلى احتلال ليبيا وإسقاط الحكم السابق حتى اليوم يرى المؤتمر أنّ ليبيا لم تنعم بسلطة مركزية انتقالية قادرة على فرض سيطرتها على كامل أراضيها فالسلاح الميليشيوي والقبلي منتشر على نطاق واسع.

وإذ يدعو المؤتمر جميع الليبيين إلى إنهاء حالة الفوضى في بلدهم، يتمنّى للهيئة التأسيسية لإعداد الدستور النجاح في مهمّتها فيتمّ التوافق على دستور مدني يؤسّس لقيام دولة واحدة تضمن حقوق جميع الليبيين بمختلف مكوّناتهم الاجتماعية والثقافية على أساس المواطنة المتساوية.

وفي سياق مسيرة التوافق يعلن المؤتمر تأييده لاتفاق مبادئ الحوار الوطني والبرنامج الإنقاذي الذي قدّمه تحالف القوى الوطنية، خصوصا» تأييد البنود المتعلّقة بالمصالحة الوطنية ورفض التدخّل الأجنبي تكريسا» لسيادة الشعب العربي الليبي وإرادته الجامعة والحرّة في إعادة بناء الدولة وتكوين السلطة.

في الشأن اليمني

يؤكّد المؤتمر على موقفه الثابت بدعم وحدة اليمن واستقلاله وأمنه وسيادته على كامل أراضيه، وإدانته لكل جماعات العنف والإرهاب. وينوه المؤتمر بتجربة مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ويتطلع إلى التزام الأطراف كافة بنتائجه وتنفيذ مخرجاته، بما يحول دون تفاقم التدخلات الأجنبية، ودون السقوط في مهاوي الانفصال والتمزّق المدمّر، وعلى قاعدة رفض تهميش أي فئة أو جهة يمنية.

كما يتطلع المؤتمر إلى أن تكون ثمرة مخرجات الحوار الوطني الشامل صياغة الدستور اليمني الجديد وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة والحفاظ على السلم الأهلي مدعوماً بالعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.

في الشأن الخليجي

توقف المؤتمر أمام تنامي حجم المبادلات التجارية والعلاقات غير المعلنة بين دول مجلس التعاون الخليجي وبين الكيان الصهيوني، ورأى فيها، كما في وجود القواعد العسكرية الأميركية والغربية على أراضيها، والتنصّل التدريجي لبعض الحكومات من اعتماد اللغة العربية والحفاظ عليها، وتزايد أعداد العمالة الأجنبية غير العربية بشكل غير متناسب مع السكان الأصليين مهدّدات حقيقية لأمن الخليج ولعروبة دوله، ويدعو دول الخليج وشعوبها لاتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بحماية استقلال هذه المنطقة وعروبتها.

في الشأن البحريني

يدعو المؤتمر إلى الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين في البحرين، بمن فيهم أعضاء المؤتمر، وإلى وقف إشاعة الكراهية بين أبناء البلد الواحد، وتمكين شعب البحرين من ممارسة حقوقه الديمقراطية ودعم مطالبه بالحرية والكرامة والعدالة من خلال تحقيق الانتقال الديمقراطي وفق مبدأ حاكمية الشعب كمصدر للسلطات جميعاً ومحاكمة المتسببين بانتهاك حقوق الإنسان والقتل والتعذيب أياً كانوا.

في الشأن اللبناني

يؤكّد المؤتمر تمسّكه بوحدة لبنان وعروبته واستقلاله وسيادته الوطنية ويدعو اللبنانيين بفئاتهم السياسية كافة إلى احترام الدستور وميثاقهم الوطني كي يتمكّنوا من إيجاد الحلول الناجعة لأزماتهم السياسية وحماية مؤسساتهم الدستورية من الشلل والانهيار.

ومن منطلق حرصه على حقّ لبنان الطبيعي في الدفاع عن نفسه بوجه العدو الصهيوني واعتداءاته المتكرّرة على أرضه وجوّه وبحره يؤيّد المؤتمر إقرار استراتيجية دفاعية للبنان مبنية على التكامل بين الجيش والشعب والمقاومة بما يمكّن لبنان من تحرير ما تبقّى من أراضيه المحتلّة ويحصّن وحدته الوطنية ويحمي مصالحه ويحفظ مقدّراته خصوصا» المائية منها والنفطية والغازية.

وفي الذكرى الرابعة عشرة للتحرير وإلحاق الهزيمة المذلّة بالجيش الصهيوني يكرّر المؤتمر تهنئته للشعب اللبناني ومقاومته بهذا الانتصار التاريخي داعياً أبناء الأمّة العربية في جميع أقطارها إلى التمسّك بنهج مقاومة العدو سبيلاً وحيداً لتحرير فلسطين وسائر الأرض العربية المحتلّة وإسقاط للتسويات التي يدبّرها ويديرها العقل الأميركي – الصهيوني والتي لا تعيد حقّاً لأصحابه ولو كان منقوصاً.

في العلاقات مع دول الجوار

يؤكّد المؤتمر على ضرورة أن تقوم بين الأمّة العربية ودول جوارها الحضاري أفضل العلاقات على أساس احترام السيادة الوطنية لكل الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ويرفض المؤتمر كل الدعوات التي تسعى إلى استبدال الصراع مع العدو الصهيوني إلى صراع عربي إيراني وجعل إيران عدو للعرب، ويرى أن هذه الدعوة تخدم المخططات الصهيونية الأميركية، وتتجاهل دور إيران الهام في دعم المقاومة للاحتلال الصهيوني.

وفي الصدد ذاته، يؤكّد المؤتمر على احترامه الروابط الحضارية التاريخية بين الشعبين العربي والتركي، وعدائهما المشترك للصهيونية والاستعمار، فإنه في الوقت ذاته يسجل على الحكومة التركية الحالية مخالفتها لهذه الحقائق وتورطها في تأجيج صراعات طائفية ومذهبية دموية في أكثر من قطر عربي، خصوصاً سورية، ومن هنا فإن المؤتمر يدعو حكومة أنقرة إلى مراجعة جذرية لسياساتها الراهنة وإلى التراجع عن كل مخططاتها التي تساهم في تمزيق دول ومجتمعات عربية، بما يحافظ على مصالح الأمتين وروابطهم التاريخية، مع ثقته الكاملة بأن الشعب التركي نفسه قادر على تصحيح المسار الراهن واستعادة تركيا لدورها الهام في الانتصار لقضايا المنطقة ولأمن الإقليم بأسره.

في العلاقات مع دول العالم

توقف المؤتمر أمام المتغيرات الهامة التي تشهدها العلاقات الدولية، وبداية تشكّل نظام عالمي جديد متعدّد الأقطاب الدوليين والإقليميين، ومع تصاعد الأزمات البنيوية التي يعاني منها المركز الإمبريالي الأميركي، وتعثّر مشاريعه في عدد من مناطق العالم نتيجة المقاومة البطولية التي واجهها في عدد من بلدان المنطقة، لا سيّما على يدّ قوى المقاومة والممانعة في أمّتنا ودول الإقليم، والتي تجلّت تحديداً على يدّ المقاومة العراقية التي أفشلت اندفاعة مشروع الشرق الأوسط الكبير الأولى، فيما اربكته المقاومتان اللبنانية عام 2006، والفلسطينية عام 2009 و 2012، ودفعت بقواه إلى هجمات مرتدّة نلمس تجلياتها تحديداّ ضدّ سورية، وغيرها من دول المنطقة.

ويعلن المؤتمر وقوفه إلى جانب القوى المناهضة للهيمنة الأميركية في المنطقة والعالم داعياً إلى تجميعها في خط استراتيجي واحد دفاعاً عن حرية شعوب العالم ومصالحها وحقوقها وإلى المزيد من الانفتاح والتعاون مع الدول الأجنبية المؤيدة لقضايا الأمّة العربية والداعمة لها في المحافل الدولية وفي رأسها الاتحاد الروسي والصين وسائر دول البريكس وكوبا وفنزويلا وكوريا الشمالية ودول صديقة أخرى.

في اللغة العربية

يشدّد المؤتمر على المخاطر المتزايدة على اللغة العربية ومستقبلها، داعياً أعضائه إلى المساهمة في أوسع تحرك للدفاع عن هذه اللغة على كافة المستويات، محيياً بشكل خاص المبادرات التي قامت وتقوم بها جمعيات ومنتديات الدفاع عن اللغة العربية، والتي يلعب أعضاء المؤتمر دوراً رئيسياً في تأسيسها وتحركها.

كما ينّبه المؤتمر إلى مخاطر استبدال اللغة العربية بلغات أجنبية في بعض الجامعات والمعاهد العربية، كما على استخدامها أحياناً كلغة بديلة في المعاملات الرسمية أو لافتات المؤسسات والمحلات، معتبراً أن إضعاف اللغة العربية هو إضعاف للهوية العربية والكيان العربي على حدّ سواء.

في الشأن الاقتصادي

يرى المؤتمر أنّ الاقتصادات القُطرية عاجزة عن تحقيق مشروعات التنمية المستقلة فضلاً عن وقوعها في قبضة المصالح الخارجية والفساد الداخلي ما يفضي إلى فقدانها لسيادتها الوطنية وتزايد نسب البطالة والفقر والأمّية وتراجع مستوى الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية. لذلك،

يرى المؤتمر ضرورة السعي الدؤوب إلى تطبيق آليات الاقتصاد المنتج في إطار خطة تكاملية تقود إلى وحدة اقتصادية عربية تربط بين التنمية المستقلّة والعدالة الاجتماعية وتحسّن شروط التعامل مع الاقتصاد العالمي بدون الخضوع لمقتضيات الالتحاق به وبدون تعظيم دور المؤسسات المالية الدولية والشركات الأجنبية في بنية الاقتصاد العربي وتوجيه أدائه وتحديد وظائفه وإخضاعه لسياسات الليبرالية الجديدة، ويشدّد على دور الدولة في رسم السياسات التنموية وتطبيقها.

ويرى المؤتمر أنّ الارتباط والاندماج على نحو فردي بالاقتصاد العالمي يلحق أفدح الأضرار بالاقتصادات الوطنية وبالاقتصاد العربي فتزداد تشرذماً وتبعية فضلاً عن الخلل البنيوي في وظائفها.

ويرى كذلك أنّ اتّساع دور المؤسسات المالية الدولية والشركات العالمية على حساب كلّ ما هو وطني أو قومي تكاملي يقف حائلاً دون التنمية المستقلّة فضلاً عن مساهمته في شيوع الفساد وإسقاطه دور الدولة الوطنية الإنمائي والاجتماعي.

من هنا يؤكّد المؤتمر ضرورة اتخاذ مجموعة إجراءات تصحيحية، منها:

ـ تقليص مساحة الانكشاف الاقتصادي أمام الخارج.

ـ وضع استراتيجيات للعمل الاقتصادي العربي المتكامل.

ـ التخطيط لنمو متوازن للقطاعات الاقتصادية والخدمية.

ـ التخفيف من حدّة تركّز الثروة الناجم عن سوء التوزيع وعدم التكافؤ والعدالة.

ـ تضييق مساحة السوق الاستهلاكي للسلع والمنتجات الأجنبية يقابله دعم النشاط في القطاعات الإنتاجية الوطنية.

ـ رفض سياسات البنك الدولي وسياسات الخصخصة وبيع أصول القطاع العام.

في دور الشباب

في الوقت الذي تتضح فيه، وبشكل متزايد، أهمية الشباب ودورهم في عملية التغيير التي يشهدها عدد من أقطارنا، يذكّر المؤتمر أنه منذ تأسيسه أطلق، وبشكل موازٍ له، مخيمات الشباب القومي العربي منذ عام 1990، والتي تخرّج منها الآلاف من الشباب ممّن لعب بعضهم وما زال دوراً فاعلاً في الحراك الشعبي في بلادهم، إضافة إلى إطلاق ندوات التواصل الشبابي الفكرية 2010 والتي جمعت المئات من الشباب المثقف في تفاعل فكري أصيل، وهو اليوم يؤكّد على ضرورة أن يولي أعضاؤه تجربة مخيم الشباب بكل اهتمام ودعم، ويسعون إلى استضافتها في كل أقطار الأمّة مع تأكيده على استمراره في توفير الفرصة الدائمة في عضويته للشباب الذي تتوفر فيه شروط العضوية لتحقيق التكامل بين حكمة الشيوخ وخبرتهم وحيوية الشباب واندفاعهم انطلاقاً من أن الشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل.

في دور المرأة العربية

يرى المؤتمر القومي العربي في المرأة العربية طاقات كامنة وإمكانات إنتاجية وإبداعية ونضالية جرى تعطيلها على مدى قرون من الزمان في إطار مشروع منع نهوض الأمّة كلها، يسجل المؤتمر دوراً متصاعداً ملحوظاً للمرأة العربية في سائر الأقطار العربية سواء في مقاومة الاحتلال أو واقع الفساد والاستبداد والتبعية، ويدعو الأمانة العامة إلى وضع الخطط والآليات الكفيلة بزيادة فعالية المرأة في المؤتمر نفسه وعلى مستوى المجتمع، ويدعو الأعضاء، لا سيّما البرلمانيين منهم، إلى وضع التشريعات التي تزيل العوائق أمام هذا الدور وتحمي نشاط المرأة وحقها في المساواة الكاملة مع الرجل.

في التطرّف والإرهاب

ثمّة قاسم مشترك يشكّل الأساس الذي يتحكّم بشؤون هذه الأقطار وسواها. إنّه التطرّف الديني التكفيري المسلّح الذي يمارس العنف والإرهاب ويسيطر على مساحات واسعة من أراضيها. يرى المؤتمر في انتشاره وأفعاله خطراً على الأمّة، يفتّ في عضدها، ويفتك بقواها ويسيء إلى الإسلام وقيمه وتعاليمه السامية وأخلاقه الحميدة ويشوّه صورته الحضارية المشرقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى