برج البراجنة تنتفض على القتلة: لن تُرهبونا ولن نستسلم
بدأت برج الراجنة تُلملم جراحها بعد الجريمة الإرهابية التي استهدفتها أول من أمس وأوقعت 43 شهيداً وأكثر من 239 جريحاً، مع عزم على الاستمرار على خط القاومة مهما كانت التضحيات البشرية والمادية، وتدليلاً على ذلك نصب الأهالي المنكوبين أعلام حزب الله وحركة أمل فوق الأنقاض، ولافتات كُتب عليها «بالأمس إسرائيل، اليوم التكفيريون، لن ترهبونا… الضاحية لن تركع» و«هيهات منّا الذلة»، وأجمعوا على التأكيد أنّ «رغم الحزن على الشهداء، فإنّنا لن نستسلم أمام التكفيريين وسنستمر في مواجهة الإرهاب بقيادة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله»، على حدّ تعبيرهم.
وفي وقت أنهت الأجهزة الامنية المسح الميداني لموقع الانفجار كما رفع الأدلة الجنائية، أوضح المدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، بعد تفقّده ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر المكان، أنّ «العملية كانت مزدوجة، وهما تفجيران ولم يثبت إلى الآن أنّ الانتحاريين كانوا ثلاثة، والموضوع قيد المتابعة. وإن شاء الله يكون لدينا قريباً قيود وإثباتات بشأن هذا الموضوع». أضاف: «المتفجرة الأولى كانت على دراجة نارية، وزِنتها 7 كلغ والثانية حزام ناسف على «الخصر» زِنتها 2 كلغ، ونحن في طور دراسة وتحديد نوعها». وقال «نترحّم على شهداء التفجيرين، ونتمنّى للمصابين الشفاء العاجل»، واصفاً هذا العمل بـ«الإرهابي».
أما صقر فقال «المعلومات المتوافرة نتابعها من خلال المعطيات للتأكد ممّا إذا كان هناك انتحاري ثالث، وما يظهر حتى الآن أنهما اثنان، وخلال ساعات ينتهي الكشف. وتركيزنا هو على الجهة التي أتى منها الانتحاريان ومن وراءهما، كما نركّز على كل المعطيات لتبيان الحقائق». وأشار إلى أنّ هناك رابطاً بين الانتحاري الذي ألقى الجيش القبض عليه أول من أمس في طرابلس والانتحاريين اللذين فجّرا نفسيهما في برج البراجنة، لافتاً إلى «أنّ الجيش أنقذ طرابلس من انفجار كان سيحصل فيها».
حي «عين السكة» امتلأ بالسيارات المتفحّمة وشرفات المباني المحطّمة كما واجهات المحال التجارية، إضافةً إلى الزجاج المتناثر، فيما باشرت جرّافات بلدية البرج واتحاد بلديات الضاحية إزالة آثار التفجيرين ورفع الأضرار من الموقع المستهدَف، واستعانت برافعة لإزالة السيارات المتضرّرة، وهَدَم عمالها بعض شرفات المباني المحيطة، خوفاً من سقوطها، فيما عمل آخرون على كنس الركام وجمعه.
وتفقّد وزير الدفاع سمير مقبل، موقع التفجيرين وأكّد أنّ «الجيش اللبناني مجهّز ومستنفر في المناطق اللبنانية كلّها»، وقال «كلّنا شعب واحد ولا فرق بين طائفة وأخرى، والأهم دعم الجيش والقوى الأمنية والتنسيق للدفاع عن اللبنانيين، فلنترحّم على شهدائنا وعلينا أن نتعلّم من هذه الكارثة، وليتكاتف الجميع لمصلحة المواطنين».
وجال الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة، اللواء الركن محمد خير، في المنطقة المنكوبة واطّلع على الأضرار التي أحدثها الانفجار، معطياً تعليماته للجان الكشف بالبدء بمسحٍ سريع من أجل توزيع التعويضات. وتعهّد بإيجاد مأوى لكل من تضرّر منزله، مناشداً المواطنين عدم تكرار ما حدث أول من أمس من تجمّعات أعاقت عمل القوى الأمنية، والدفاع المدني.
وكان عدد من الشخصيات السياسية والرّوحية حضر إلى برج البراجنة متضامناً. ومنهم وزير المال علي حسن خليل، الذي رأى أنّ «الذي يعزّينا اليوم هو المشهد اللبناني الموحّد الرافض للانجرار للفتنة والذي يُدين الأعمال الإرهابية»، معتبراً أنّ «الوضع يتطلّب رصّ الصفوف وتوحيد الجهود لأنّ المعركة واحدة وتستهدف كل اللبنانيين»، لافتاً إلى أنّ «إرادة كل اللبنانيين واضحة برفض هذه الأعمال الإرهابية بالإعلان عن تضامن واضح بينهم جميعاً لأنّ هذه الأعمال لن تستثني أحداً على الإطلاق».
واعتبر أنّ «أبرز أهداف «داعش» من الإسراع في تبنّي العملية هو إيجاد شرخ بين المخيمات الفلسطينية ومحيطها، لذا يجب عدم الوقوع في الفخ»، مؤكداً أنّ «أهل المخيمات أهلنا، وموقف الإدانة الفلسطينية مهمّ، ويجب التركيز عليه، وألّا نسمح لهذه المساحة المشتركة أن تنهزّ، ففلسطين تبقى قضيتنا».
من جهته، اعتبر وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، أنّ «هذه الدماء كلّها في سبيل شرفنا وكرامتنا وعزّتنا».
بدوره، أكّد عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون، أنّ «كل اللبنانيين شعروا أنّهم مصابون بهذا الانفجار»، معتبراً «أننا في حرب حقيقية مع مسخ كبير اسمه «داعش»، مشروعه ظلامي يستهدف جميع الناس»، مشدّداً على أنّ «هذه الحرب لن تستكين قبل القضاء على العدو المشترك للإنسانية من منبعه، وحيثما تواجد».
وأكّد عضو التكتّل النائب حكمت ديب، من برج البراجنة أنّ الضاحية ستظل صامدة دفاعاً عن اللبنانيين كلّهم.
وقال الوزير السابق سليم جريصاتي «أنا هنا لأقول إنّه ينتابني شعور بالفخر أن تكون هذه الضاحية بطلة، وشعب الضاحية يرفع دائماً جبين لبنان».
كما تفقّد أمين عام اللقاء الأرثوذكسي النائب السابق مروان أبو فاضل، منطقة برج البراجنة ضمن وفد اللقاء المسيحي، ودانَ «جريمة التفجير الإرهابية»، فيما اعتبر الوزير السابق إيلي الفرزلي أنّ «الغاية من التفجير تحويل المقاومة إلى عبء على شعب المقاومة، فكان الردّ بالمزيد من التمسّك بالوحدة الوطنية».
بدوره، قال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «نردّ على هذه المجازر من خلال وحدة الوطن، وبالذهاب إلى تسوية شاملة لنحفظ لبنان ونقوم به من جديد»، مضيفاً «معنويات أهلنا عالية جداً ولن يرهبونا بكل ما يقومون به، ووحدتنا وتضامننا أقوى من كل شيء».
ومساءً، تفقّد نشطاء من الحراك المدني موقع الانفجارين، وأضاؤوا الشموع فيه.
ووسط هذه الأجواء، شيّع عدد من الشهداء في برج البراجنة والجنوب.
وكان معظم المصابين جرّاء التفجير خرجوا من المستشفيات بعد تلقّيهم العلاج. أمّا القاضي صقر فأعطى تعليماته إلى الأجهزة المختصة بتسليم الجثث المكتملة والتي انتهى الكشف عليها من جانب الطبيب الشرعي والأدلة الجنائية، إلى ذويها. وأُفيد في هذا السياق أن 26 شهيداً موجودون في مستشفى الرسول الأعظم منهم امرأة لم يتمّ التعرّف إلى هويّتها، إضافةً إلى 28 جريحاً منهم 10 في العناية الفائقة. أمّا في مستشفى بهمن، فتمّ إحصاء 10 شهداء إضافةً إلى 22 جريحاً، منهم 2 حالتهم حرجة. وفي مستشفى الساحل7 شهداء وأشلاء، بالإضافة إلى جريح واحد.
ونعت المديرية العامة للدفاع المدني في الهيئة الصحية الاسلامية المسعف الشهيد خضر محمود علاء الدين الذي قضى في التفجير الثاني الذي وقع في منطقة برج البراجنة، أثناء قيامه بعمله الانساني.
وتفقّد عدد من ناشطي الحراك المدني موقع التفجيرين وأضاؤوا الشموع، كما تفقد الموقع وفد من حركة «المرابطون».