ثلاثة أهداف وراء تسييس تفجير الطائرة الروسية
حميدي العبدالله
سواء كان سقوط الطائرة الروسية عملاً إرهابياً نفذه تنظيم «داعش»، كما ادّعى في بيانات صادرة عنه، أو أنه نتيجة خلل في الطائرة، إلا أنّ عملية توظيف هذه الكارثة الإنسانية قد تمّ على أكمل وجه.
وثمة ثلاثة أهداف وراء عملية التوظيف والتسييس لهذه الكارثة:
ـ الهدف الأول، محاولة الإيحاء بأنّ هذه العملية هي عقاب لروسيا على تدخلها في سورية، وهذا ما ركزت عليه الصحف الغربية، ولا سيما الصحف البريطانية والفرنسية، وإذا كان صحيحاً ما تدّعيه وسائل الإعلام الغربية، بأنّ تدخل روسيا في سورية هو الذي دفع «داعش» إلى تنفيذ هذه العملية الإجرامية، فمن البديهي والطبيعي طرح سؤال لماذا قامت «داعش» بالانتقام من رعايا روسيا ردّاً على تدخلها في سورية، وعمر هذا التدخل لا يتجاوز شهراً واحداً، في حين لاذت بالصمت ولم تستهدف رعايا الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تقود تحالفاً دولياً ضدّ «داعش» في سورية والعراق، ونفذت طائراتها سلسلة من الضربات ضدّ مواقعه في البلدين؟ هذا التساؤل يؤكد واحداً من أمرين، إما أنّ «داعش» جزء لا يتجزأ من التحالف الغربي والادّعاء بمحاربة الغرب له مجرد مسرحية، وهذا ما يفسّر عدم جدية الضربات التي تستهدف التنظيم، ولهذا لم يقم «داعش» بضرب أيّ هدف غربي، وهاجم رعايا روسيا عبر إسقاط الطائرة الروسية، أو أنّ العملية التي نفذت هي من تدبير المخابرات الغربية لتحقيق هذه الغاية، وغايات أخرى.
ـ الهدف الثاني، ضرب العلاقات المصرية الروسية الآخذة في التكون، لأنّ الغرب وحلفاءه في المنطقة لن يسمحوا لمصر، بما تمثله من موقع جيوسياسي، وبحجمها المعروف، الانتقال إلى المعسكر الآخر، أو اعتماد سياسة مستقلة، فالذين استهدفوا الطائرة الروسية كانوا يتوقعون أن تحمّل روسيا مصر مسؤولية ما جرى لرعاياها ونقص إجراءات الحماية، وبالتالي يقود ذلك إلى توتر يجهض أيّ تحسّن في العلاقات المصرية الروسية التي لا تزال على كلّ حال علاقات محدودة وهشة بسبب مستوى الخرق الغربي لمصر.
ـ الهدف الثالث، توجيه ضربة للاقتصاد المصري باعتبار أنّ السياحة المصرية تشكل أحد المصادر الهامة للدخل في مصر، لا سيما أنّ عدد سياح روسيا البالغ عددهم لحظة سقوط الطائرة حوالي 80 ألفاً يعكس حجم ومستوى تأثير القطاع السياحي في الاقتصاد المصري. وبديهي ضرب السياحة يجعل مصر أكثر ارتهاناً للمعونات الخارجية، سواء من الغرب أو من بعض الحكومات الخليجية، ومن شأن ذلك أن يكبّل صانعي القرار في مصر ويحول دون ذهابهم بعيداً خارج الفلك الأميركي.