حردان: نحن محور الحق الذي يدافع عن الكرامة والحرية والوحدة والاستقرار في مواجهة محور الإرهاب والتقسيم والتفتيت والحرب
عقد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان مؤتمراً صحافياً في مركز الحزب ـ الروشة، بمناسبة الذكرى الـ 83 لتأسيس الحزب، وأطلق جملة مواقف حول مجمل القضايا، بحضور رئيس المجلس الأعلى الوزير محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب توفيق مهنا، رئيس المكتب السياسي الوزير علي قانصو، عضو الكتلة القومية النائب مروان فارس وعدد من مسؤولي الحزب المركزيين.
واستهلّ حردان المؤتمر الصحافي بتوجيه الشكر إلى ممثلي وسائل الإعلام على تلبيتهم الدعوة لنقل وقائع المؤتمر، مذكّراً بأنّ الحزب ألغى حفل الاستقبال الذي كان مقرّراً إقامته مساء أمس، وذلك استنكاراً للجريمة الفظيعة التي ارتكبتها العصابات الإرهابية في برج البراجنة مساء الخميس الماضي، واحتراماً لأحزان المفجوعين، وتضامناً مع ذوي الشهداء الذين قضوا في هذه الجريمة ومع الجرحى ومع أهلنا في الضاحية الجنوبية.
أضاف: إننا إذ نجدّد إدانتنا لتفجيري برج البراجنة الإرهابيّين ولمن ارتكبهما، ويقف وراءهما، فإننا على ثقة تامة بأنّ شعبنا الذي خبر جرائم هذا الإرهاب وأفشل أهدافها، سيفشل أهداف هذه الجريمة الفظيعة وسيخرج من هذه التجربة أكثر إصراراً على مواجهة الإرهاب وأكثر تمسكاً بمقاومته وأعمق إيماناً بوحدته الوطنية.
وتابع حردان: إنّ هذه الجريمة يجب أن تؤكد لجميع القوى السياسية بأنّ خطر الإرهاب هو الوجه الآخر للخطر الصهيوني على لبنان، وهذا الخطر لا يستثني منطقة ولا حزباً، ومسؤوليتنا جميعاً أن ننخرط في مواجهته جنباً إلى جنب مع شعبنا وجيشنا ومقاومتنا. وإنّ هذه اللحظة يجب أن تكون لحظة تلاقٍ وتكاتف، تعزيزاً لوحدتنا الوطنية وتحصيناً لبلدنا، وتفعيلاً لمؤسساتنا الدستورية والأمنية.
وبالمناسبة نودّ أن نؤكد تقديرنا ونثمّن جهود المؤسسات العسكرية والأمنية من جيش وقوى أمن وأمن عام على ما بذلوه في سياق الدفاع عن لبنان في مواجهة الإرهاب من خلال اعتقال الشبكات الإرهابية. كما نؤكد تعاطفنا مع أهل الضحايا والجرحى في فرنسا ونأمل الرحمة للضحايا والشفاء للجرحى.
وهنا نؤكد أنّ على كلّ الشعوب أن تنخرط في جبهة واحدة لمواجهة الإرهاب الذي لا يفرّق في ضرباته التدميرية القاتلة بين من هو مدني أو غير مدني.
وفي مناسبة عيد تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، قال حردان: ثلاثة وثمانون عاماً والمسيرة مستمرة، بآمالها وآلامها، بأفراحها وأتراحها، بمعتنقيها الأحياء منهم والشهداء. ثلاثة وثمانون عاماً وشلالات العطاء الممهورة بالأحمر القاني دفاقة، وشقائق النعمان تزهر في بيادر النهضة حقاً وخيراً وجمالاً، أجيالاً تلو أجيال، تحمل المشعل، بثبات ووفاء، بإيمان والتزام، تسكن النهضة وجدانها، وتفرح بلذة العطاء.
إنه التأسيس للفعل الصراعي الذي غايته تحقيق النهضة، التي نتخطى فيها ذواتنا من أجل القضية. وكم أثبتت الأيام الحاجة إلى فكر الزعيم سعاده وقدوته النضالية ورؤيته الاستشرافية الفذة.
نحتفل بذكرى التأسيس لنطلّ على أوضاع أمتنا، لا لنغرق في توصيفها وفي تفسير أسبابها، بل لننخرط وكلّ القوى الحية في بلادنا في عملية استنهاض عوامل القوة في أمتنا، فالمنطقة أمام محورين، محور الإرهاب وداعميه ومموّليه من «إسرائيل» وحلفائه المحليين والإقليميين والدوليين، ومحور الحق، محور المقاومين من أجل حرية شعوبهم وحقهم في الحياة، ومن أجل تحقيق إرادتهم في تقرير مصيرهم.
نحن في قلب محور الحق، بل نحن محور الحق، الذي يدافع عن الكرامة والاستقرار ويساهم مع نضال الشعوب من أجل التقدّم والازدهار. نعم نحن مع محور الوحدة بل نحن محور الوحدة في وجه محور التقسيم والحرب المفتوحة على بلادنا، بصيغتها الجديدة، أيّ حرب التفتيت التي هي حرب على عوامل الوحدة في مجتمعنا، هي حرب على الفكرة القومية الجامعة.
مجلس التعاون المشرقي
نحن مع إنشاء مجلس تعاون مشرقي، وهذا ما كنا أعلناه مراراً، مجلس يشكل إطاراً للتساند السياسي والأمني والاقتصادي بين دولنا، في وجه سياسة التفرّد والاستفراد، لذلك ندعو دولنا إلى اعتماد سياسة التساند والتكامل في ما بينها لتقوى على مواجهة الخطرين الصهيوني والإرهابي.
واعتبر حردان أنّ الاحتلال الأميركي للعراق ما كان إلا لتفكيك الدولة والمؤسسات والشعب، واستنزاف طاقاته الاقتصادية ومنع قيام الدولة ووحدة المجتمع للحؤول دون استعادة العراق عافيته ودوره القومي من خلال التساند مع سوريا لمواجهة العدو «الإسرائيلي» الذي يتآمر على بلادنا منذ اغتصاب فلسطين.
نحن مع وحدة العراق، شعباً ومؤسسات وفعلاً ودوراً متكاملاً في محور المقاومة والتصدّي للإرهاب.
فلسطين الجريحة المقاومة
وما تواجهه فلسطين اليوم، فلسطين الجريحة المظلومة المغتصبة، فلسطين التي تواجه أبشع احتلال من دولة بربرية وعصابات إرهابية وعقلية يهودية متزمّتة، في غياب تامّ للعرب، وغياب للمجتمع الدولي، هذا المجتمع الذي أدار ظهره لحقوق الإنسان، ولحقّ العودة وحق تقرير المصير فانطلقت مقاومة الحجر والمقلاع والسكين، نعم نقول لكم أيها المناضلون اطعنوا القتلة، المحتلين لأرزاقكم وبيوتكم، لا تجعلوهم يستقرّون بأيّ شكل من الأشكال في أرضنا. فليعودوا من حيث أتوا، ولتعد فلسطين حرة أبية متكاملة مع محور الحق المقاوم.
فإلى هذا الشعب العظيم، شعبنا الفلسطيني، إلى رجاله ونسائه وأطفاله الأبطال، إلى أرواح شهدائه، إلى جرحاه وأسراه، إلى المقلاع والحجر والسكين، إليهم من لبنان المقاوم ألف وألف تحية.
وكما فشل العدو الصهيوني ورعاته الدوليون، والمتواطئون معه من الحكومات العربية، في تطويع الشعب الفلسطيني، وفي تصفية قضيته، وذلك بفضل مقاومته، فشلت أطراف الحرب على سورية، من عرب وأجانب، ومجتمع دولي في إخضاع سورية لإرادتها ومخططاتها.
فسورية التي تتصدّى منذ خمس سنوات لهذا الإرهاب البربري المدمّر لكلّ أشكال الحياة من الحضارة إلى العمران إلى المجتمع إلى المؤسسات، أفشلت سورية أهداف العدوان بفضل صمود قيادتها وجيشها وشعبها. فإذا كان العدو يملك سلاح الموت، فسورية تملك إرادة الحياة، إرادة الصمود المبنيّ على الحق في الحياة، والحق في تقرير المصير.
فكلّ سلاح العالم لم يدجّن إرادة هذا الشعب الذي يكتب مصيره وحقه في الحياة والمستقبل بدماء أبنائه الميامين. فإلى هذا الشعب المؤمن وإلى القيادة المؤتمنة وعلى رأسها سيادة الرئيس بشار الأسد وإلى الجيش الأمين على الأرض ألف تحية وسلام.
وفي ذكرى الحركة التصحيحية التي تتزامن مع ذكرى تأسيس حزبنا نتوجه بالتحية إلى سورية، قيادة وشعباً.
ونحن اليوم إذ نثمّن عالياً دور الدول التي وقفت إلى جانب الحق، وترسم أدوارها على ضوء المبادئ التي نؤمن بها، والتي تقف إلى جانب المظلوم بوجه الظالم، ونخصّ بالذكر روسيا وإيران وكل من يقف إلى جانب حقوق أمتنا، نحن نقدّر لهذه الدول موقفها المقترن بالفعل، وها هم اليوم يقفون عملانياً ضدّ الإرهاب.
وشدّد حردان على أنّ الإرهاب الذي يضرب في سورية، هو نفسه الذي يضرب في لبنان، ويتهدّد أمنه واستقراره، فلبنان الغارق في مستنقع النفايات وفي برك المياه في الطرقات. لبنان الغارق في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
نعم نحن نخاف على لبنان، لأنه يتخبّط في أزمته ولا يدري كيفية الخروج من هذه الشرنقة الطائفية، نحن ضدّ الطائفية والمذهبية، نحن لم نكن مع الجنون الطائفي يوماً، ولن نكون، نحن مع دولة قوية قادرة فاعلة متكئة على شعبها وقوية بمقاومتها ومعززة بجيشها الذين يشكلون معاً درعاً بوجه الإرهاب.
نحن مع إصلاح سياسي للنظام يبدأ بقانون الانتخابات، نحن مع قانون انتخابي قائم على وحدة المجتمع على نموذج يوحّد بين المواطنين ويفتح الباب أمامهم ليطمئنّوا إلى قانون عادل يحقق مشاركتهم، وهذا القانون يقوم على لبنان دائرة انتخابية واحدة وعلى أساس النسبية ومن خارج القيد الطائفي.
كما أننا مع انتخاب سريع لرئيس للجمهورية، ومع تفعيل المؤسسات من مجلس النواب إلى مجلس الوزراء ليتحمّل الجميع مسؤولياتهم تجاه شعبنا وقضاياه المستفحلة.
نحن مع إنماء متوازن يشكل ركيزة من ركائز الاستقرار الاقتصادي والإنمائي، نحن مع الحوار بل نحن دعاة الحوار والانفتاح وكسر الحواجز، نحن مع مبادرات للقوى السياسية التي تملك القدرة على تقديم التنازلات لمصلحة المجتمع، وإننا ندعو هذه القوى اليوم إلى وقفة تاريخية تعبّر فيها عن مساهمتها ليس في التعقيدات والمزيد من الانقسامات بل في الحلول عملياً وليس كلاماً.
ونقول لهذه القوى السياسية إنّ المسألة الفلسطينية هي جوهر القضية، هي البوصلة، فلسطين تقتل وتذبح ولا من موقف ولا من كلمة احتجاج، فتعالوا لنشكل مسيرة احتجاجية تنطلق من هنا من بيروت وتقول لا، لاغتصاب فلسطين، لا لقتل فلسطين، نعم لوحدة فلسطين والفلسطينيّين، تعالوا لنؤكد أنّ بيروت ستبقى الوجه المقاوم والمحتضن للقضية الفلسطينية، هكذا هي العروبة وهذا هو نبض العروبيين.
وفي الشأن الحزبي قال حردان: لقد تزامن عيد التأسيس مع استحقاق الانتخابات الحزبية لمندوبي المنفذيات إلى المجلس القومي، وهو استحقاق ديمقراطي رفيع في حزبنا يحقّ للقوميين الاجتماعيين الذين شاركوا بالآلاف وبالفاعلية المأثورة عنهم في إنجازه، أن يفخروا بنجاحهم في إتمامه، ويجدر بنا أن نُهنّئ عليه المنتخِبين والمنتخَبين.
فتحية إلى الحزب الذي تمَرَّسَ، تاريخياً، بمأثرة تداول السلطة، وهنيئاً للقوميين الاجتماعيين إيمانهم بالديمقراطية وتكريسهم لها مفهوماً وتطبيقاً.
ودعا حردان جميع القوميين الاجتماعيين على امتداد انتشارهم إلى العطاء الأقصى في الظروف الاستثنائية التي تمرّ فيها بلادنا، وذلك عبر مؤسساتهم الحزبية التي احتضنتهم كما احتضنوها، وصقلت نفوسهم ووحّدت روحيتهم كما تفولذوا هم في كنفها قلباً وساعداً وشلال عطاء. فاذهبوا وساهموا في توعية شعبكم، افضحوا المؤامرات المحاكة ضدّ بلادكم، فأنتم في أيّ ساح من ساحات الصراع أثبتم جدارتكم بهذا الحزب العظيم، ومارستم البطولة والمناقبية في كلّ الميادين، فاثبتوا على هذه البطولة وعلى هذه المناقبية.
فيا حراس القضية، أنتم خميرة التغيير ورجاء الأمة بالغد المشرق، فكونوا، كما عَهِدَتْكُمْ، على قدْر آمالها الكبرى والطموحات. كونوا على الدوام رُسُلَ القضية وناصريها. ضعوها نصب أعينكم حتى يتحقق النصر الذي به تحيا الأمة، وبه تطمئن أرواح شهدائنا الأبرار.
وإنني من هنا وباسمكم أيها السوريون القوميون الاجتماعيون أحيّي رفقاءكم نسور الزوبعة المنتشرين في ساحات المواجهة، القابضين على الزناد، من كسب وجبّ الأحمر وسهل الغاب في ريف اللاذقية إلى حمص القديمة إلى الزبداني وإلى السويداء ودرعا وعرنة في جبل الشيخ والقنيطرة. تحية إلى الجباه السمر، المنغرسة أقدام أصحابها في الأرض، المجبول رغيفها بنكهة العزّ وطعم الكرامة، تحية إليكم نسراً نسراً ومنارة منارة، تحية إلى جرحانا، تحية إلى شهدائنا وإلى شهداء الجيش العربي السوري وشهداء الجيش اللبناني وإلى شهداء المقاومة وكلّ شهداء المواجهة مع الإرهاب، يا من تكتبون بدمائكم أسطورة أرادة الصمود وأنشودة النصر الأكيد.
وفي الختام، أحيّي الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، وأتوجه من هنا من على منبر الحزب السوري القومي الاجتماعي في ذكرى تأسيسه إلى قناة «الميادين» والأخ غسان بن جدّو وإلى كلّ العاملين في القناة، بتحية تضامن واعتزاز بكم، أنتم صوت الحقّ والحقيقة والكرامة والمقاومة.