تفجير برج البراجنة والمنظومة الأمنية
محمد حمية
عقب التفجيرين الإرهابيين في برج البراجنة تردّد في بعض وسائل الإعلام وعلى صفحات بعض مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ هذين التفجيرين شكّلا ضربة للمنظومة الأمنية في لبنان، وتحديداً في الضاحية الجنوبية التي يعمل فيها أكثر من ثلاث أجهزة أمنية رسمية وأمن حزب الله والمقاومة.
فما مدى صحّة ذلك؟
على رغم أنّ هذه العملية تشكل تطوّراً نوعياً في العمل الإرهابي في الضاحية الجنوبية، أيّ الانتقال من استخدام السيارات المفخّخة إلى انتحاريين بأحزمة ناسفة يصعب على الأجهزة الحدّ منها إذا لم يتمّ العثور على الشبكة المشغّلة لهم، إلا أنّ العملية كشفت فشل الانتحاريّين ومشغّليهما في اختراق إجراءات الأجهزة الأمنية في عمق الضاحية ووضع سيارات مفخخة أو الوصول إلى مراكز ومؤسسات إعلامية ودينية واجتماعية واستشفائية وسياسية تابعة لحزب الله، بل عمدوا إلى اختيار هدف سهل في سوق شعبي مكتظّ بالسكان.
الخبير العسكري العميد الدكتور أمين حطيط، يُشير لـ»البناء» إلى أنّ ليس لدى أيّ دولة في العالم منظومة أمنية تمنع الجريمة مئة في المئة، بما فيه الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، ويضيف: «لو كان لدى الاستخبارات الأميركية أو الفرنسية منظومة أمنية مئة في المئة لكانت منعت أحداث 11 أيلول 2011، وكانت منعت أحداث «شارلي إيبدو» وتفجيرات باريس الإرهابية الأخيرة، ما يعني أنه لا يمكن منع العمليات الإرهابية في الضاحية مئة في المئة».
ويُجري حطيط مقارنة بين الوضع الأمني في الضاحية الجنوبية لجهة العمليات الإرهابية قبل التدابير الأمنية الرسمية بالتعاون مع المقاومة وبعدها، أيّ بعد التفجير الأخير في الطيونة في أيار العام 2014.
ويقول: «قبل التدابير كان الإرهابيون يُدخلون السيارات المفخخة إلى الضاحية التي تحمل 200 إلى 250 كلغ من المتفجرات وبعدها لم يستطيعوا ذلك، بل تمكّنوا فقط من إدخال انتحاري راجل أو عبر دراجة نارية، يحمل فقط من 2 إلى 7 كلغ من المتفجرات».
ويضيف: «قبل التدابير كان عدد التفجيرات بمعدّل تفجير أو اثنين شهرياً، وبعدها لم يحدث أيّ تفجير منذ ستة عشر شهراً، باستثناء تفجير برج البراجنة».
ويتابع: «كان الإرهابي يستطيع الدخول إلى عمق الضاحية وإلى الشارع الذي يريد، وبعد التدابير لم يدخل أيّ نقطة تتعدّى 350م عن حدود عمق الضاحية، حيث أنّ التدابير الأمنية المحكمة للمقاومة والأجهزة الرسمية بعيداً عن عمق الضاحية لا سيّما في طريق المطار تصبح مرنة لأسباب متعدّدة».
ويخلص حطيط إلى أنّ هذه التدابير الأمنية حقّقت نجاحات هامة رغم خرق برج البراجنة، لكن هل يعني ذلك عدم وجود ثغرات ما في المنظومة الأمنية في الضاحية؟
تؤكّد مصادر أمنية أنّ محور تحقيقات الأجهزة الأمنية بعد اكتشاف هوية الانتحاريين، يدور حول معرفة الثغرة الأمنية التي أدّت إلى نجاح العملية، أيّ المكان الذي دخل منه الانتحاريان والطرق التي سلكاها. وطمأنت المصادر إلى مستقبل الوضع الأمني في لبنان والضاحية خصوصاً بأنه سيكون أكثر أمناً وأقلّ نسبة اختراق.