العدوّان السعوديّ على اليمن خطيئة… وحلّ الأزمة السورية يريح العرب جميعاً
لمى نوّام
باحثون كثر حضروا من الأقطار العربية كافة للمشاركة في ندوة «مستقبل التغيير في الوطن العربي»، التي نظّمها مؤخراً «المعهد السويدي في الإسكندرية»، بالتعاون مع «مركز دراسات الوحدة العربية» في بيروت. والتي افتتحها بيتر ويديرود مدير المعهد السويدي في الإسكندرية ، والدكتور خير الدين حسيب رئيس اللجنة التنفيذية في «مركز دراسات الوحدة العربية».
الندوة التي شهدت مشاركة إقليمية واسعة، ضمّت أكثر من عشرين باحثاً وخبيراً من غالبية الدول العربية، تناول الباحثون المشاركون فيها، التحوّلات في المشهد السياسي العربي، من خلال مناقشة موضوعات مختلفة، مثل المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها بعض الدول، ومطالب الإصلاح في بعض الدول الأخرى، وتأثير المشهد السياسي الحالي في العالم العربي على القضية الفلسطينية، وغير ذلك من الموضوعات التي تتعلق بالرؤية المستقبلية لدول المنطقة.
«البناء» التقت على هامش الندوة، بعددٍ من الباحثين والإعلاميين والمحلّلين السياسيين، وعادت بالانطباعات والتصريحات التالية.
بشّور
من ناحيته، رأى الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي معن بشّور أن مؤتمر «مستقبل التغيير في الوطن العربي»، يضمّ خيرة الباحثين والمفكّرين من الأقطار العربية كافة، وقد جرى تشخيص الحالة في كل قطرٍ عربي، والظروف وآليات التغيير، وكان واضحاً من معظم المداخلات أن التغيير ليس مستحيلاً، إنما يحتاج إلى مجموعة شروط، يجب أن يلتزم بها أهل التغيير لكي يتمكنوا من حصول التغيير. أولها وأهمها أن تتلاقى قوى التغيير في موقف سمّيته أنا «كتلة تاريخية»، كلّنا نريد التغيير، وحين يحصل التغيير باتجاه نظامٍ ديمقراطي تعدّدي يصبح حينذاك لكل فريقٍ أن يناضل ديمقراطياً من أجل أن تكون صيغته، هي الصيغة التي يقف معها الشعب.
وأضاف بشّور: «بشكلٍ عام، معظم الأوراق لم تغلق الأمل في التغيير، وإن كان الجميع قد توقف أمام محاولات التغيير التي شهدتها المنطقة، والتي سمّاها البعض الربيع العربي، والتي اختُطفَت أو صودرت، من قوىً تريد أن تؤبد الحالة الراهنة، لا بل أن تجعلها أكثر سوءاً بِاسم التغيير».
ولفت بشّور إلى إجماع على أنّ قوى التغيير مدعوّة إلى أن تتفهم الخصوصيات في كل قطر، فلا تعمم تجربةً على أخرى، ولا سياقاً معيناً في التغيير على سياقٍ آخر.
وفي ما يتعلق بمستقبل الأزمة السورية وانعكاساتها على المنطقة، رأى بشّور أنّ المحنة السورية التي بدأت وكأنها تحرّك لمطالب مشروعة شبيه بالتحرّكات الأخرى، قد أخذت سياقاً مختلفاً تماماً، بعيداً عن التغيير ومستلزماته، بل أصبح هناك تدمير لسورية، بدلاً من أن يكون هناك تغيير في نظامها وفي بنيتها السياسية والدستورية.
واعتبر بشّور أن هذا المؤتمر قد لاحظ أن المسار الذي بدأ في مصر وتونس، وتأثر أولاً في ليبيا واستنجد بالناتو، من أجل أن يستكمل مخططه، لكنه ضرب في سورية بشكلٍ خاص بسبب لجوء القوى المعارِضة، خصوصاً الخارجية، إلى عسكرة الحراك، وإلى الخطاب الطائفي، والاستعانة بالخارج، فبتنا نرى قوى كثيرة تلتزم في توجهاتها بأوامر خارجية، الأمر الذي أدّى إلى إضعاف دينامية التغيير المطلوب.
وأكد بشّور: مع بداية الأحداث في سورية، كتبت مقالاً عنوانه مطالب مشروعة وأجندات مشبوهة ، وأن علينا أن نميّز بين الأمرين، وعن الطريق الأفضل لمقاومة الأجندات المشبوهة، وقد عقدنا مؤتمرين عربيين دوليين في بيروت لمقاومة التدخل الخارجي ولدعم الحوار والإصلاح في سورية، وتوصلنا إلى أن الطريق الأفضل لمقاومة الأجندات الخارجية يكون في معالجة المطالب الداخلية المشروعة».
وعن العدوان السعودي على اليمن اعتبر بشور أنّ الرياض ارتكبت خطأً كبيراً ليس بحق اليمن وبحق هذا الشعب الفقير المظلوم والمضطهد، وبحق سيادته واستقلاله وسلمه فقط، إنما بحق المملكة العربية السعودية نفسها، لأنها اندفعت في مغامرة غير محسوبة النتائج، وهذه كلمة استعرتها من المسؤولين السعوديين، يوم حرب تموز 2006.
وختم بشور مؤكداً أن كل يوم يمر يكتشف أهل الرياض كم أخطأوا بحق بلدهم، قبل أن خطأهم بحق اليمن.
حتر
وقال الكاتب والمحلّل السياسي الأردني ناهض حتر: «الفكرة المسيطرة على أجواء المؤتمر فكرة الديمقراطية، وأنا أعتبر أن الشعار الديمقراطي شعاراً زائفاً، لأن المرحلة التي نمرّ بها هي مرحلة التحرّر الوطني، مرحلة التحرّر من الاستعمار الأميركي ومواجهة الصهيونية وتوحيد بلادنا على الأقل في بلاد الشام والعراق».
وأضاف: «المواجهة بالنسبة إلي مختلفة، ليست مواجهة بين الديمقراطية والاستبداد، إنما بين التحرّر الوطني والاستعمار، بين القومية والتفتّت، بين العلمانية والتكفيرية، بين المقاومة وإسرائيل. من هذه الزاوية، نرى أنّ هذه الأفكار، تقريباً غائبة عن الجوّ السائد في المؤتمر».
أما على صعيد الأزمة السورية وتأثيرها على الأوضاع في الأردن، فرأى حتر أن الأردن بلد متشابك كلّياً مع سورية، جغرافياً، ديمغرافياً، سياسياً، اقتصادياً، وثقافياً. وبالتالي، إنّ الأزمة الحاصلة في سورية منذ خمس سنوات، أدّت إلى انقسام شديد في المجتمع الأردني، بين الذين يؤيّدون الدولة الوطنية السورية، وبين الذين يؤيّدون القوى الإرهابية والمعارضة المسلحة.
وأكد حتر: «الآن الأمر حُسِم، وأعتقد أن التيار الوطني قد تغلّب على هذه المعضلة، وبالطبع الأردن تأذى كثيراً من الأزمة في سورية سواء لجهة اللاجئين، أو لجهة تراجع التبادل التجاري مع سورية ولبنان، أو لجهة الضغط الاقتصادي. نحن نعتقد أن الحل الوحيد بالنسبة إلى كلّ المشاكل التي يعاني منها الأردن، يكمن في التنسيق والتفاهم مع سورية، والتواصل معها، من أجل إيجاد صيغة للتكامل الاقتصادي والاجتماعي فيها».
وردّاً على سؤال حول تأثير امتداد الإرهاب إلى الداخل الأردني، أجاب حتر: «الأحداث في سورية أدّت إلى نشوء تيارات تكفيرية إرهابية وتقويتها داخل البلد، هي الآن نائمة، إنما تنتظر أيّ إشكال إقليمي تفجّر الوضع فيه، من أجل أن تصطدم مع الدولة والمجتمع. ولذلك لم يكن هناك حلّ سوى أن يذهب الأردن إلى التفاهم حول الحدود الشمالية للأردن والحدود الجنوبية لسورية، ولحسن الحظ أنّ اتفاقية أجريت مؤخراً بين الجيشين الأردني والروسي من أجل مقاومة الإرهاب على الحدود».
وختم حتر قائلاً: «أعتقد أنها خطوة إلى الأمام، ونحن الآن نأمل أن يكون هناك تنسيق وتعاون بين الجيشين الأردني والسوري، وبين الحكومتين الأردنية والسورية، ونأمل في تطوير العلاقات، ليس فقط على المستويين الأمني والعسكري، إنما على المستويات كافةو، لأن الأحداث التي جرت أثبتت أننا لا يمكننا العيش من دون سورية».
ولد لبات
وقال الدكتور محمد الحسن ولد لبات، وهو خبير دوليّ موريتانيّ، إنّ هذا المؤتمر فتح الباب واسعاً في إحدى ندواته إلى الوضع في موريتانيا. «إنه أمر مهمً جداً للتعريف بالبلد وأوضاعه الخاصة، ولفت نظر العربن ـ خصوصاً في المشرق ـ إلى موريتانيا. كانت خطوة ناجحة من المؤتمر».
وأكد ولد لبات أنّ غالبية العرب في الشرق لا يعرفون الكثير، أو يعرفون القليل عن موريتانيا، وهذا الأمر يتألم منه الموريتانيون كثيراً، والسبب يعود إلى بعد موريتانيا، كون الصحراء الكبيرة تفصل بين موريتانيا وباقي الوطن العربي، وأيضاً لأن موريتانيا بلد ليس قوياً، ولا تدخّل كبيرا له في الشؤون العربية، خصوصاً في إشكاليات المغرب والأزمات العربية الكبرى.
شعبان
الدكتور عبد الحسين شعبان، رأى أن مؤتمر «مستقبل التغيير في الوطن العربي» هو عبارة عن حوار بصوتٍ عالٍ إزاء مشكلات وإشكاليات يعاني منها الوطن العربي، خصوصاً في مواضيع التغيير ومستقبل التغيير وآفاق هذا التغيير، لا سيما قضية التحوّل الديمقراطي. وبالطبع، هذا التغيير ارتفع منسوبه بعد ما سمّي «الربيع العربي» على رغم الانكسارات والخيبات التي صاحبته. وقال: «لكنني أعتقد أنه جزء من مسار طويل الأمد. إن التغيير بدأ، وبعض الأنظمة السابقة بشرعياتها المعروفة انهارت أو تآكلت، لكنّ الشرعية الجديدة القائمة على أساس المواطَنة وعلى أساس احترام حقوق الإنسان لم تقم بعد. إنها تحتاج إلى عمل طويل الأمد، ربما هذه هي المرحلة الأولى، وأقصد بها تآكل الشرعيات القديمة، ولكن الشرعيات الجديدة لم تولد بعد، إنها بحاجة إلى عملٍ دؤوب، وهي تتعرّض في مسارها لعقبات عدّة، لأن القوى المحافظة، القوى التي يراد تغييرها، تملك من الأدوات والوسائل والإمكانات المادية والمعنوية الشيء الكثير، سواء على صعيد الدولة وبقاياها وأجهزتها، أو على صعيد المجتمع وكيانيته ومراكز استقطابه».
وفي ما يتعلق بالوضع العراقي رأى شعبان أن الدولة العراقية تعرضت إلى هزّة كبيرة بعد الاحتلال عام 2003، خصوصاً بعد حلّ الجيش والمؤسسة الأمنية، واتساع نطاق الفوضى التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمظاهر جديدة وسلبية في الدولة العراقية. وقال: «ثمة تحدّيات رئيسية عانت منها الدولة العراقية بعد الاحتلال، وذلك إذا افترضنا أن التحدّي الأكبر والأساس هو الاحتلال بعينه».
وأكد شعبان أن ميول الاحتلال فرضت خمسة تحدّيات أساسية. التحدّي الأول مذهبيّ وطائفي، وهذا انعكس في نظام المحاصصـة المذهبية والطائفية الذي قسّم المجتمع العراقي إلى مكوّنات سمّيت سنّية وشيعية وكردية، في حين أن المجتمع العراقي ينبغي أن يقسّم إلى أفراد ومواطنين، والمواطنون هؤلاء ينبغي أن تكون لديهم حقـوق وواجبـات في إطـار دستـور يعتـرف بالمسـاواة.
وأضاف: التحدي الثاني الأخطر هو الإرهاب، وهذا الإرهاب اتخذ شكلاً جديداً بعدما كان إرهاباً مبدّداً، أصبح إرهاباً منظّماً. وبعدما كان إرهاباً مبعثراً، أصبح إرهاباً مقنّناً، خصوصاً مع وجود «داعش» وسيطرته على الموصل، وإعلانه «دولة الخلافة» وتمدّده إلى أجزاء وصلت إلى أكثر من ثلث الأراضي العراقية.
واعتبر شعبان أن ظاهرة الإرهاب صاحَبتها ظاهرة أخرى هي ظاهرة العنف، وهو عنف الجميع ضدّ الجميع، الكل يزعم أن الطرف الآخر هو الذي يمارس الطائفية ويمارس العنف، في حين هو لا يستبعَد من ممارسة هذا العنف، وهذه الطائفية نراها تحت عناوين مختلفة، تارةً بِاسم الشرعية، وطوراً قرب مواقع الدولة، وبِاسم المظلومية والتهميش، وإقامة نظام إسلامي، وأن علاقة الحاضر ترتبط بدولةٍ إقليمية هي إيران، وبتهمة النظام الاستبدادي السابق، وهكذا نرى أن العنف تفشّى لدرجة أصبح عنف الجميع ضدّ الجميع.
وأضاف شعبان أنّ الظاهرة الرابعة التي عانى منها المجتمع العراقي وما زال يعاني منها، تتمثل بالفساد إدارياً ومالياً، والرشى المنتشرة، خصوصاً أن مؤسسات في المجتمع المدني ضعفت حصانتها إزاء قضايا الإرهاب وإزاء قضايا المال.
وأشار شعبان أن بول بريمر، وزّع على مؤسسات المجتمع المدني 780 مليون دولار، لكن لا أحد يعترف أنه استلم فلساً واحداً من هذه المساعدات، وقال: «700 مليار بُدّدت مرة واحدة، بول بريمر بدّد 8 مليارات و800 مليون دولار، في حين حكومة علاوي وحكومة الجعفري بدّدتا أكثر من 20 مليار دولار، أما حكومة المالكي تمتعت بفترة زمنية طويلة، حوالى ما يزيد عن ثماني سنوات بدورتين انتخابيتين، وكانت موازنة العراق قد ارتفعت إلى درجةٍ كبيرة».
وأكد شعبان: «يقال ـ بحسب الأرقام المتوفرة لديّ ـ إنّ أكثر من 700 مليار دولار تم تبديدها، على الكهرباء بُدّد ما يزيد عن بضعة مليارات من الدولارات ولم تُعَد الكهرباء، إضافة إلى مشكلة المياه والمجاري والبنية التحتية والخدمات الصحية».
وختم شعبان قائلاً إنّ التحدّي الخامس يكمن في التقسيم، فالدولة العراقية انتقلت من دولة فاشلة في السابق والحاضر، خصوصاً ما بعد الاحتلال، إلى دولة هشّة وإلى كيان رخوٍ قابل للاختراق الخارجي.
أحمد
كما رأى الدكتور المصري أحمد يوسف أحمد، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن المؤتمر باعتباره ندوة علمية يحضرها مثقّفون، كانت فيه أطياف الفكر مجتمعة الخاصة بتحليل، ليس فقط الوضع المصري، إنما الأوضاع في كل البلاد العربية.
وعن الوضع المصري الراهن قال أحمد: «النظام الحالي في مصر يحظى بشعبية كبيرة، كانت في البداية شعبية هائلة، ولكن البعض يقولون إنها قلّت قليلاً. لكن النظام ما زال يحظى بشعبية واسعة».
ولفت أحمد إلى أن هناك مثقفين وليبراليين يعتبرون أن للنظام ممارسات غير مقبولة، وهناك فريق آخر يرى أن النظام يواجه تحدّي الحفاظ على الدولة المصرية، وأن تصرفاته ـ وإن كنا نختلف مع بعضها ـ ضرورية للحفاظ على الدولة، لأن اختفاء الدولة في مناطق أخرى أدّى إلى كوارث وويلات.
واعتبر أحمد أنّ «التيار الإسلامي» يناصب النظام المصري العِداء الصارخ، وقال: «هذه الأطياف كانت موجودة ومثّلت في ندوة مستقبل التغيير في الوطن العربي».
وعن مستقبل الوضع المصري قال: «عشنا في مصر ثورة شعبية حالنا حال تونس وغيرها من بعض الدول العربية، وعانينا مما عانته هذه الثورات من ناحية غياب نخبة ثورية منظمة، الأمر الذي أدّى إلى هيمنة تنظيم الإخوان المسلمين على السلطة».
وأكد أحمد أن هذا التنظيم أثبت عدم كفاءته في إدارة الدولة، كما أثبت استبداديته ودكتاتوريته، وتجسد هذا الأمر في الإعلان الدستوري الذي صدر في تشرين الثاني 2012، أي بعد ستة أشهر من تولّي الرئيس السابق محمد مرسي السلطة. ومن هنا جاءت الحركة الشعبية التي أطاحت بمحمد مرسي.
وقال: «إن الذين يقولون عن الاطاحة بمرسي انقلاباً، لم يروا أنه في كانون الأول 2011، تحرّك الشعب ودعمه الجيش، بالطريقة نفسها. فالرئيس مبارك كان رئيساً شرعياً، وإن كنّا نشك في نزاهة الانتخابات، لكنه كان رئيساً منتخباً».
وعن الوضع الأمني الراهن في مصر أكد أحمد: «أرى أنّ الأوضاع في مصر استقرت إلى حدّ بعيد، مقارنةً بالشهور القليلة التي مضت. وباعتباري متابعاً وخبيراً، أستطيع أن أقول إن حركة احتجاجات الإخوان المسلمين جماهيرياً قد تقلصت، لذلك لجأوا إلى أعمال العنف والتخريب سواء أعمال العنف المسلح في سيناء التي تضرب الجيش المصري مباشرةً، أو أعمال العنف الجزئية كالتفجيرات، أو إطلاق النار على الجنود المصريين».
البخيتي
من ناحيته، قال الدكتور محمد البخيتي، وهو عضو المجلس السياسي اليمني، إن المؤتمر ناقش الوضع في اليمن، وهذه الندوة أعطت إضافة كبيرة، لأن مواطنين عرباً كثيرين ما زالوا يجهلون حقيقة ما يجري في اليمن. «وأعتقد أن هناك حاجة إلى حلقات نقاشية حول الموضوع اليمني، ويفضّل أن تحضرها الأطراف السياسية حتى تتضح الصورة بشكل كامل، إضافة إلى باقي القضايا العربية».
وأضاف البخيتي: «للأسف الشديد، العربي ما زال مغيباً سواء من خلال الإعلام، أو من خلال عدم مشاركته في صنع القرار السياسي العربي».
وفي ما يتعلق بالعدوان الذي تشنّه السعودية على اليمن، رأى البخيتي أنّ هذا العدوان غير مبرّر، ولم يحقق أهدافه المعلنة حتى الآن، هو فقط أوجد مشكلة جديدة للعرب، وقال: «صحيح أننا في اليمن تحاربنا وتصارعنا، لكننا وصلنا إلى مرحلة من التوازن كان بإمكانها أن تفضي إلى حلول سياسية تستوعب جميع القوى والأطراف السياسية، وكان هناك إصرار من داخل الأطراف السياسية في اليمن أنه لا بدّ من استيعاب الآخر ومشاركته القرار السياسي، لعدم قدرة أيّ طرف على إيجاد الحلّ منفرداً».
وقال: «لكن للأسف، إنّ تدخل الخارج أخلّ في التوازن الداخلي اليمني، ما أدّى إلى استمرار العنف في اليمن وتأجيل المصالحات، ولولا التدخل الخارجي لكان بالإمكان التوصل إلى حلول».
عبد السلام
وقال الكاتب والمحلّل السياسي السوداني المحبوب عبد السلام:أعادنا المؤتمر إلى تأمل الصورة العربية الشاملة والمتكاملة، فوقفنا خلال ثلاثة أيام على معظم المشكلات الأساسية في العالم العربي، وتوقفنا لساعات أمام مسألة أنّ غالبية الأقطار العربية تواجه مشكلات حقيقية، وحاولنا من خلال هذه المشكلات أن نتطلّع إلى المستقبل العربي بلحظة بالغة الحرج وبالغة الدقة، هي لحظة التحولات الكبرى».
وأضاف: «هذا المؤتمر بالغ الأهمية، وكما ذكرت أنه منذ سنين طويلة لم يلتقِ هذا العدد من المفكّرين العرب، وتأمل بالحالة العربية باعتبارها حالة واحدة».
وردّاً على سؤال حول الوضع في السودان أجاب السياسي السوداني: «بالنسبة إلى السودان تحديداً، أعتقد أن المؤتمر سجّل سابقة في تناوله مشكلة جنوب السودان وانفصاله عن السودان، كون السودان أول دولة عربية تتعرّض للانقسام، من جهة انفصال جزئها الجنوبي، وهو كان رسمياً داخل العالم العربي، لكنه أصبح الآن خارج العالم العربي. درسنا في المؤتمر هذه الحالة، لأنه ـ للمرّة الأولى ـ يخرج جزء من العالم العربي، ويصبح دولة مستقلة».
حسن
وقال عمار علي حسن، الصحافيّ والكاتب المصري، إنّ المؤتمر ناقش قضية غاية في الأهمية، نتيجة أن الانتفاضات والثورات التي حصلت في بعض البلدان العربية طرحت أسئلة جوهرية حول مستقبل العالم العربي، ليس فقط ككيان موحّد أو نظام إقليمي متماسك، إنما أيضاً مصير الدول الوطنية فرادى، وهي تتعرض لأخطار إما التفكّك أو الدخول في متاهات الحرب الأهلية، أو التفكك الاجتماعي المفتوح.
وعن الوضع المصري الراهن، رأى حسن أنّ مصر تذهب نحو استكمال المحطة الثالثة في خريطة الطريق، وهي الانتخابات البرلمانية. تلك الانتخابات نتائجها اتّسمت بقدر كبير جداً من السلامة في الحرية والنزاهة والشفافية، لكن هناك مشكلة كانت في المقدمات، لأن القوانين والإجراءات الموضوعة، حرمت قوى سياسية من المنافسة في هذه الانتخابات، وكان من الممكن أن يكون لها تمثيل جيد.
وأكد حسن قائلاً: «مصر لا تزال تعيش مرحلة انتقالية، والسبب يعود إلى أن ثورة يناير فتحت قوساً لكنها لم تغلق القوس الآخر، ونحن ما زلنا في انتظار إغلاق القوس، وهذا الإغلاق لن يتم إلا إذا تُرجمت إرادة الناس التي تبلورت في هذه الثورة ورفعت شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية، وترجمت في سياسات وإجراءات واضحة المعالم يطمئن إليها المصريون».