تقرير
نشرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية مقالاً بقلم وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف لمناسبة الذكرى الـ70 لتأسيس منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة «يونيسكو».
وجاء في المقال: يتعاظم دور منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة «يونيسكو» في مواجهة التطرّف والتعصب. ففي ظل الظروف العالمية المضطربة حالياً والتي تتميّز بزعزعة الاستقرار والأزمات وتصاعد التنافس بأشكاله كافة، يزداد دور «يونيسكو» في مجال دعم الثقة والتعاون في المحافل الدولية، وفي الوقوف في وجه تقسيم العالم على أسس حضارية وطائفية، وكذلك في مجال تشجيع التعددية الحضارية.
و«يونيسكو» قادرة على تحمل دورها في تحقيق طموحاتها المثبتة في الوثيقة الخاصة في مجال التنمية لغاية عام 2030 المقرّة في نيويورك. إنّ ازدياد التطرّف بشكل لم يسبق له مثيل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتطلب وجود منظومة عمل للوقوف في وجه هذا التطرّف وكره الأجانب والتعصب الديني والقومي. ويجب بذل أقصى الجهود لحماية الموروث الثقافي العالمي الذي يتعرض اليوم لأضرار بليغة نتيجة سلوك مسلحي «داعش».
إنّ الأساس القانوني لتعزيز الجهود في هذا المجال، يكمن في اتفاقية الأمم المتحدة في شأن حماية الموروث الثقافي في حال نشوب نزاعات مسلحة والذي أقرّ عام 1954. انطلاقاً من هذا، إننا نساند الجهود التي تبذلها «يونيسكو» في هذا المجال.
إنّ تسييس العلاقات الإنسانية والتمييز المجحف بين رجال الثقافة ووسائل الإعلام يؤدّيان إلى ظهور حواجز جديدة في العالم. في السنوات الأخيرة نضطر مع الأسف إلى مواجهة تسييس العلاقات الانسانية المتضمن إجراءات تمييزية تفرّق بين رجال الثقافة والفن وتمنع عرض المعروضات وتنفذ عمليات تدمير النصب التاريخية. هذا الأمر وكذلك تحديد نشاط رجال الصحافة والتمييز الظالم بين وسائل الاعلام على اساس قومي، هي في مجموعها انتهاك لحقوق الناس في التواصل ثقافياً وفكرياً، وبالتالي تسبب ظهور حواجز جديدة.
هنا يأتي دور المبادرة الروسية من أجل الموافقة على الوثيقة الدولية في شأن دعم التبادل الحرّ والتعاون في مجال الثقافة والفنون. فروسيا مستعد للعمل من أجل دعم هذه الوثيقة استناداً إلى مبادئ منظمة «يونيسكو» الأساسية. أنا واثق أنّه من الضروري، في ظروف التغيّرات العالمية السريعة، دعم إمكانيات «يونيسكو» في شأن ضمان الاستقرار والتقدّم لمنفعة الدول والشعوب كافة.
إن تعاون روسيا و«يونيسكو» مثال للتعاون يقتدى به. أصبحت بلادنا عضواً في منظمة «يونيسكو» عام 1954، وهذا فتح آفاقاً إضافية في مجال انخراطنا في التعاون الدولي في مجال التعليم والعلوم والثقافة والمعلومات، وساعد في توسيع دور «يونيسكو» في حلّ المسائل المعاصرة ذات الأولوية. يمكننا اليوم أن نقول بثقة، إن التعاون في ما بين روسيا و«يونيسكو» هو مثال يقتدى به. كما أنه من الصعوبة بمكان تصوّر تطوّر التعليم والعلوم والثقافة والاتصالات في روسيا من دون مساهمة «يونيسكو». ومن الصعوبة بمكان أيضاً تصوّر إمكانية تنفيذ مبادرات «يونيسكو» الرامية إلى تشجيع الحوار وتطوير العلوم الأساسية والتعدّدية الثقافية وحماية الموروث الثقافي العالمي والمحافظة على ثقافات الشعوب ووضع معايير التقدم العلمي والتقني وضمان أمن الصحافيين وتوجيه شبكة الانترنت من من دون مشاركة روسيا.
إنّ روسيا خلال الدورة الـ38 لمنظمة «يونيسكو» التي انعقدت في باريس، أخذت في الاعتبار لكونها دولة ذات ثقافة وتاريخ حضاري متجذر وترعى التعايش السلمي بين مختلف طوائفها الدينية والقومية على مدى قرون طويلة، وأكدت الاستمرار في هذا النهج والمساهمة مساهمة بناءة في نشاط المنظمة ومساعدتها في تجاوز المشاكل التي تواجهها.