راؤول… عشرون عاماً من الإبداع مع القلعة البيضاء
تقول الأسطورة إنه وُلد عاشقاً للأبيض والأحمر، لوني نادي أتلتيكو مدريد، الذي بدأ مسيرته في صفوفه. ولكنه عندما بلغ ربيعه الخامس عشر، قرّر الفصل بينهما، محتفظاً بالأبيض للنادي والأحمر للمنتخب.
وأصبح راؤول غونزاليس بلانكو أسطورة من أساطير ريال مدريد، الذي لعب بقميص فريقه الأول بين عامي 1994 و2010، كما يُعتبر رمزاً من رموز منتخب إسبانيا. وبعد 21 سنة في ملاعب الاحتراف، قرر الهداف الكبير الاعتزال في سنّ 38 ربيعاً. وبهذه المناسبة، نحتفي بصاحب الرقم سبعة الأسطوري من خلال سبع لحظات تلخص شريط مسيرته المبهرة.
الظهور الأول في سانتياغو بيرنابيو
كان قد لعب باكورة مبارياته مع ريال مدريد قبلها بأسبوع في سرقسطة، ولكن يوم 5 تشرين الثاني 1994 شهد أول ظهور رسمي له في القلعة البيضاء. وقد ظلّت تلك اللحظة خالدة في السجّلات، حيث تزامنت مع موقعة ديربي العاصمة مدريد، التي سرق فيها راؤول كل الأضواء بحصوله على ركلة جزاء وتمرير الكرة الحاسمة التي جاء منها الهدف الثاني قبل أن يتولّى بنفسه تسجيل الثالث في شباك أتلتيكو.
اللعب النظيف
لم يرتبط اسم راؤول فقط بتسجيل الأهداف، بل إن مسيرته الرياضية تميّزت أيضاً بسلوك نموذجي على أرض الملعب. فعلى مدى مبارياته الرسمية التي قاربت الألف، لم يحصل المهاجم الإسباني أبداً على البطاقة الحمراء، فيما لم تُرفع في وجهه سوى 50 بطاقة صفراء، ما جعل منه مثالاً يُحتذى به في اللعب النظيف.
الحلم الضائع
شارك راؤول ثلاث مرات في كأس العالم FIFA واثنتين في كأس الأمم الأوروبية، كما ظلّ لمدة 4 سنوات و5 أشهر أفضل هداف في تاريخ الفريق الوطني 44 هدفاً في 102 مباراة ، بيد أنه لم يُتوّج بأي لقب مع المنتخب. ويبقى شبح ركلة الجزاء الضائعة ضد فرنسا لصيقاً بمسيرته الدولية، حيث ما زالت ذاكرة كأس الأمم الأوروبية 2000 تحتفظ بتلك اللقطة التي ذهبت على إثرها تسديدة صاحب القميص رقم 7 خارج إطار المرمى في الدقيقة الأخيرة من عمر مباراة ربع النهائي، ما حرم إسبانيا من فرصة التعادل ومن ثم الاحتكام إلى وقت إضافي. كما كانت فرنسا بقيادة زميله وصديقه زين الدين زيدان – آخر منتخب واجهه راؤول في كأس العالم FIFA عندما تقابل الجاران الأوروبيان في ثمن نهائي ألمانيا 2006.
هدّاف تاريخي
ورث راؤول القميص رقم 7 في القلعة البيضاء عن أساطير أمثال ريمون كوبا وأمانسيو وخوانيتو وإيميليو بوتراجينيو، وقد كان خير خلف لخير سلف وهو الذي تمكّن من أن يصبح أفضل هداف في تاريخ ريال مدريد بعدما هزّ الشباك 323 مرة مع الميرينغي، قبل أن يتحطّم رقمه القياسي على يد العملاق كريستيانو رونالدو، الوريث الشرعي للقميص رقم 7، ليتم في وقت لاحق تجاوز أرقامه القياسية في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا، وهو ما اعتبره في مقابلة حصرية مع موقع «FIFA.com»: «مسألة وقت ليس إلا»، موضحاً أن «كل الأرقام والسجلات لا بد من تحطيمها في يوم من الأيام». وتابع هدّاف الدوري الإسباني الممتاز عامي 1999 و2001: «أنا سعيد وفخور بكل ما حققته، بكل مباراة لعبتها وكل هدف ساعدت به فريقي. كنت أعرف حق المعرفة أن لاعبين آخرين سيتمكنون من تجاوزي عاجلاً أم آجلاً. فنحن بصدد الحديث عن عصر كريستيانو وميسي، وهما لاعبان دخلا بالفعل تاريخ كرة القدم باعتبارهما من أعظم النجوم على مرّ العصور».
سجل حافل بالألقاب
لعلّ اللقب السابع لريال مدريد في مسابقة كأس أوروبا كان بمثابة التتويج الأكثر إثارة في مسيرة راؤول، وهو الذي انتظره عشاق النادي 32 سنة بالتمام والكمال. لكن سجل صاحب القميص رقم 7 يزخر بما لا يقلّ عن 22 لقباً: 16 مع ريال مدريد 3 كؤوس أوروبية، ولقبان في مسابقة كأس إنتركونتيننتال، وواحد في كأس السوبر الأوروبي، وستة في الدوري الإسباني وأربعة في كأس السوبر الإسباني ، ناهيك عن كأس السوبر الألماني مع شالكه 4 ودرع الدوري القطري وكأس أمير قطر مع السد فضلاً عن لقب الموسم الافتتاحي فصل الربيع وبطولة كأس ووزنام مع نيويورك كوزموس.
جائزتان فضية وبرونزية
بغضّ النظر عن الأرقام القياسية الكثيرة التي حققها طوال مسيرته، كانت الجوائز الفردية الكبيرة دائماً بعيدة المنال عن مهاجم ريال مدريد مدريد الذي عاش أفضل لحظاته عام 2001 عندما احتل المركز الثاني في التصويت على جائزة الكرة الذهبية التي كانت تمنحها مجلة فرانس فوتبول، وراء الإنكليزي مايكل أوين. وفي ذلك العام أيضاً احتلّ المركز الثالث في التصويت على جائزة FIFA لأفضل لاعب في العالم وتسلم الجائزة البرونزية خلف الفائز بتلك النسخة، زميله في ريال مدريد لويس فيغو. في حين احتلّ دافيد بيكهام، الذي كان يلعب في مانشستر يونايتد، المركز الثاني.
المحطة الأخيرة
لأنه أسطورة من أساطير كرة القدم الأوروبية على مرّ التاريخ، لم يكن من الغريب أن يقع اختياره على نادي نيويورك كوزموس من أجل إنهاء مسيرته. صحيح أن هذا الفريق لا يلعب في الدوري الأميركي للمحترفين بل ينافس في بطولة أميركا الشمالية ، إلا أنه يُعد واحداً من أعرق الأندية في الولايات المتحدة الأميركية، حيث سبق أن ضمّ في صفوفه بعضاً من أعظم اللاعبين في التاريخ، أمثال بيليه وفرانز بيكنباور. كما كان بإمكان راؤول ارتداء القميص رقم 7 بفضل كرم صاحبه، أيوزي غارسيا، الذي لم يتردد في تغيير رقمه عندما علم بوصول نجم ريال مدريد السابق إلى الفريق. واعترف راؤول أنه «من الصعب أن أتخيل نفسي من دون هذا الرقم». والآن جاء الدور على القميص 7 في كوزموس لكي يأخذ بعداً آخر، حيث أقر اللاعب نفسه أن هذا الرقم سيبقى «من هنا إلى الخلود».