ما بعد إعلان مسؤولية الإرهاب عن تحطم الطائرة الروسية

حميدي العبدالله

أعلنت السلطات الروسية رسمياً أنّ سبب تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء قنبلة من صنع يدوي زنتها واحد كيلو غرام. وهذا يؤكد أنّ سقوط الطائرة تمّ بفعل عملية إرهابية، وبالتالي فإنّ ذلك لن يبقى من دون قصاص، لا سيما أنّ تنظيم «داعش» قد أعلن مسؤوليته عن هذه الجريمة، وعنوان «داعش» معروف جغرافياً، سواء في سورية أو في العراق. وأعلن الرئيس الروسي أنه سوف يقتصّ من هذا التنظيم الإرهابي. تصميم روسيا على الاقتصاص من الإرهاب ماذا يعني ميدانياً؟

قبل الإجابة على هذا السؤال ولتوضيح الإطار السياسي، أو السياق العام للردّ الروسي لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الهدف الأساسي لاستهداف الطائرة الروسية، كان يسعى إلى التحريض على الإسهام الروسي في مكافحة الإرهاب في سورية إلى جانب الجيش السوري.

ومعروف أنه منذ أن بدأت الطائرات الروسية طلعاتها الجوية ضدّ التنظيمات الإرهابية، شنّت الحكومات الغربية، ودول المنطقة التي تدور في فلكها، حملة تخويف ضدّ روسيا، وهدّدت بتكرار تجربة أفغانستان، أيّ أنّ الهدف الأساسي من تنفيذ عملية استهداف الطائرة الروسية كان الضغط على روسيا لحملها على التراجع عن التزامها في سورية، أو تدفيع القيادة الروسية ثمن هذا الالتزام عبر الزعم بأنه لولا تدخل روسيا في الحرب على الإرهاب في سورية لما كان هذا الهجوم على الطائرة الروسية.

لكن هذا المخطط قد فشل، وكان العامل الرئيسي في فشله هو هجمات «داعش» في باريس، التي عرف عنها أنها أكثر الدول حماساً ودعماً للتنظيمات الإرهابية بذريعة العمل على إسقاط النظام في سورية.

اليوم بعد هجمات باريس لم يعد ممكناً تسويق أكذوبة أنّ التدخل الروسي في سورية إلى جانب الجيش السوري هو الذي جرّ عليها غضب الإرهابيين، وتحديداً إرهابيّي «داعش»، لأنّ فرنسا من أشدّ خصوم الجيش والحكومة السورية، وهي تجاهر بدعمها لكلّ من يعمل لإسقاط النظام في سورية، ومع هذا لم تنجُ من ضربات الإرهابيين.

في ضوء هذا الواقع، يمكن القول إنّ استهداف الطائرة الروسية ستكون نتائجه عكسية لما كانت تريده «داعش»، والجهات الدولية التي أرادت لهذه الجريمة أن تكون سبباً لإرباك إسهام روسيا في مكافحة الإرهاب، إنّ هذه الجريمة تمنح القيادة الروسية الدوافع السياسية والأخلاقية والتأييد المحلي والدولي لتصعيد حربها ضدّ الإرهاب، ولعلّ هذا هو الذي يفسّر قول الرئيس بوتين فور الإعلان عن النتائج رسمياً، بأنّ الطائرات الروسية ستزيد استهدافها للإرهابيين في سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى