أمسية وفاء للسيد محمد حسين فضل الله وكلمات نوّهت بمزاياه كمرجع

أقامت «دار الندوة» «أمسية وفاء» للعلامة السيد محمد حسين فضل الله في الذكرى الرابعة لوفاته، حضرها حشد من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية، تقدّمهم إضافة إلى المتحدثين الرئيس حسين الحسيني، نقيب الصحافة محمد البعلبكي، المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية معن بشور، النائب السابق بهاء الدين عيتاني، أمين عام المنتدى القومي العربي زياد حافظ، نائب رئيس التنظيم الشعبي الناصري خليل الخليل، السفير جهاد كرم، ممثل حركة الجهاد الاسلامي منور محفوظ، رئيس هيئة المحامين في تجمع اللجان المحامي خليل بركات، عضو الامانة العامة للمؤتمر القومي العربي هاني سليمان، مدير عام المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن رحاب مكحل، ومدير عام بيت أطفال الصمود قاسم عينا.

قدّمت الأمسية الاعلامية فاطمة رسلان. ثم ألقى السيد علي فضل الله كلمة جاء فيها: «قد يصعب على الانسان أن يكون مجرّداً من مشاعره وعواطفه عندما يتحدث عن مزايا أبيه أو عمّن يحب. ولكن مع السيد، وفي موقف الوفاء له، لا بدّ من مجاهدة الذات لمقاربة هذه الشخصية بإنصاف وتجرد، وهو ما تعلمناه منه، فالسيد، كما أعرفه وتعرفونه، كان يدعو إلى ان يكون ميزان تقييم الشخصيات والأفكار عنده دقيقاً وحساساً، كميزان الذهب».

ورأى الوزير السابق جوزف الهاشم في كلمته أن السيد محمد حسين فضل الله يرتقي إماماً إلى سموّ الرسالات وقال: «تميّزت مسيرته بأحكام الفقه والدين والفلسفة والعلوم والأدب والشعر والاصلاح الاجتماعي، فتمحورت حول الانسان بما اكتنزت من فضائل العلم والدين، بحكم كون الشرائع الروحية والفلسفية تنطلق من اعتبار الانسان المحور الجوهري في الوجود والانسان، وبحسب السيد فضل الله لا بدّ من أن يتكامل مع الآخر حين يشعر بأنه مجتمعي، ولا سبيل إلى هذا التكامل إلا بالحوار، الذي يركّز عليه القرآن وتعتبره الاديان دعوة سماوية لعلاقة الانسان بالانسان، وعلاقة الانسان بالله».

وقال أمين سر الحوار الاسلامي ـ المسيحي محمد السماك: «كان هدف السيد فضل الله ألا يكون هناك عدة إسلامات بل إسلام واحد، لا تختلف عناوينه بخصوص الفكر والواقع إلا ببعض التفاصيل التي لا تمسّ الخط العام، واعتمد في ذلك على إعادة قراءة النصوص والاجتهادات بعقل منفتح مستلهماً من التراث الفقهي الغني طرقاً ومسالك تقود إلى الهدف الاسمى الذي ينشده».

وأشار حبيب فياض في كلمته إلى أنه ارتأى لمسيرة العلامة السيد محمد حسين فضل الله الفكرية والدينية عنواناً هو «إنسانية الدين»، لأنه استطاع أن يضع حدّاً لهذا الجدال للإجابة على سؤال هل الدين في خدمة الانسان أم الانسان في خدمة الدين، بمعنى انه اتخذ من الدين وسيلة لخدمة الانسان، فالعلاقة بين الدين والانسانية عنده ليست بحاجة إلى حمل أو إلى ربط وبحاجة إلى وصف التدين هو الانسانية المقيدة بدين السماء.

وقال الشيخ حسين شحادة: «من الوفاء أن يفتح التلميذ ذاكرته على دليل تعلم من الاستاذ فقهاً وأدباً وخبرة روحية تمرست على مغالبة الصعاب والتحديات والازمات التي تراكمت أزمات في التفكير، أزمات في السلوك والتدين الذي لم يعد مجرد حمال لما لم يحتمله من كتب الله بل هو بوحشية غرائزه حمال لأبشع خطايا الارض في القتل والتطرف وسفك الدماء، على إيقاع حديثنا في هذه الامسية حديث الحب في دنيا السيد والانسان».

وألقى الوزير السابق بشارة مرهج كلمة جاء فيها: «حاز العلامة السيد محمد حسين فضل الله إعجاب اللبنانيين وتقديرهم لصلابة إيمانه، وسماحة نفسه، وعمق ثقافته، ودماثة خلقه، ورجاحة عقله، وصدق قوله، وجود كفه، وغزارة إنتاجه، وروعة بيانه حتى تخطت مرجعيته حدود البيئة القريبة إلى رحاب الوطن الكبير. فأخرج الخطاب الديني من الدوائر الجامدة وارتقى به إلى مستوى القضايا الكبرى التي تمس الوجود والمصير فكان صوت الشعب في معاناته ولسان المقاومة في نضالها ونداء القدس في صمودها».

وأضاف: «كان يحلم ويفكر ولكنه رفض أن نعيش في الأحلام والأوهام فكانت دعوته حيّ على أفضل العمل حيّ على الجهاد والبناء، بناء المؤسسات كما بناء النفسية الإنسانية العصرية المتسلحة بالعلم الرافضة للخنوع المصممة على المقاومة والانتصار. فهو لم يتحدث عن النضال فحسب، إنما عاشه بكل أبعاده الفكرية والعملية، حتى تحول إلى رمز كبير من رموز الوطن ونبراسا يشع على الأجيال في سعيها نحو الارتقاء والتحرر. فاجتهد لبث روح المقاومة والنهضة بين الناس وسعى إلى تكريس قيم التواصل، والاتحاد، والاحترام المتبادل في التضاريس اللبنانية واخترق جدار الطائفية التي تنبني عليها اليوم مشاريع ملتهبة محلية وأجنبية فكان خطابه الإيماني العروبي الوحدوي أفضل ردّ على العصبيات الضيقة وشكل حالة حضارية إيجابية لبنان والمنطقة العربية بأشد الحاجة إليها لمقاومة رياح التطرّف والتعصّب والانحطاط التي تهبّ من الداخل والخارج. لقد رفض حال التمزق بين المسلمين وبين أبناء الوطن وكان إيمانه قاطعاً بوحدة المؤمنين متخطياً كل القضايا المذهبية، حاول الحفاظ على مؤسسة الوحدة على اعتبار أن المذاهب هي تيارات في فهم الإسلام ومقاربة الشرع وليست عناوين للتوزع أو التباعد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى