ثمرة التعاون الروسي ـ الفرنسي… عشرات القتلى من «داعش» في الرقة
أعلن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم سيزور روسيا الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أن المعلم سيلتقي مع نظيره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وقال بوغدانوف: «ننتظر الآن تأكيداً، نأمل أن تجرى في الأسبوع المقبل مشاورات معمقة ومثمرة للغاية بين الوزيرين»، مشيراً إلى أنه خلال المشاورات سيتم بحث نتائج وآفاق «العمل المشترك في المجالين الرئيسيين: مكافحة الإرهاب والمضي بالعملية السياسية على أساس إعلان جنيف بتاريخ 30 تموز 2012 واتفاقات فيينا».
جاء ذلك في وقت، أكد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل غارسيا أمس على أن الاتفاق مع الرئيس السوري بشار الأسد يبقى «أهون الشر» في مواجهة التهديدات الإرهابية لأوروبا.
وقال الوزير الإسباني في مقابلة تلفزيونية إن «أهون الشرور هو الاتفاق مع بشار الأسد على التوصل إلى وقف للنار يسمح بتقديم المساعدات للنازحين، وخصوصا إمكان الهجوم على العدو المشترك داعش».
وتابع الوزير، الذي كان دعا إلى ذلك سابقاً بشكل غير مباشر، «يجب تغيير جدلية مع بشار أو من دونه بالسلام أو الحرب. إذا كنتم تريدون السلام، فيجب التوصل إلى اتفاق مع الأسد أقله مرحلياً». وذكّر أن «روزفلت اضطر إلى الاتفاق مع ستالين للانتهاء من النازيين، لأنه كان أهون الشرور حينذاك».
وفي السياق، أعلنت الرئاسة الروسية أن «ضرورة مكافحة «داعش» مسألة تتطابق فيها مصالح ومواقف موسكو وواشنطن تماماً»، مشيرة إلى وحدة مواقف الجانبين «رغم وجود خلافات تكتيكية».
وفي تصريح صحافي قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «إن واشنطن تدعمنا في الحرب على داعش بالأقوال وليس بالأفعال»، نافياً وجود تعاون عملي معها في هذا المجال.
بيسكوف أكد ألا تغيير في مواعيد العملية الروسية في سورية، قائلاً: «لا يوجد أي تغييرات في هذه الحالة. وتجدر الإشارة إلى أن هجوم الجيش السوري مستمر، ولا يمكن مكافحة «داعش» بفعالية من الجو فقط، والعملية البرية أساسية وضرورية»، مضيفاً أن «القوة الوحيدة التي تجري العملية البرية تتمثل في الجيش السوري الذي تدعمه القوات الجوية الفضائية الروسية أثناء فترة الهجوم».
من جهة أخرى، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن اشتراط رحيل الرئيس السوري بشار الأسد لتوحيد الجهود ضد الإرهابيين «غير مقبول»، ونفى وجود أي اتفاق بين المشاركين في محادثات فيينا حول إبعاد الرئيس الأسد عن التسوية، معرباً عن أمله في إطلاق العملية السياسية في كانون الثاني المقبل. وعلى الرغم من إشارته إلى كون هذا الموعد قابلاً للتعديل، قال: «كلما أجلنا إطلاق العملية السياسية بين الحكومة السورية والمعارضة، يزداد الوضع سوءاً بالنسبة للشعب السوري».
وفي الوقت نفسه أكد لافروف أن إطلاق العملية السياسية في سورية يتطلب مشاركة وفد للمعارضة ذي تمثيل واسع. وأعاد إلى الأذهان أن وقتاً طويلاً مر حتى أدرك جميع الأطراف هذه الضرورة، وأعرب عن أمله في أن تستغرق عملية تشكيل مثل هذا الوفد وقتاً أقصر بكثير.
أكد الوزير الروسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني جبران باسيل في موسكو، وقال: «لم يتم التوصل إلى أي اتفاق حول عدم مشاركة الرئيس الأسد في مرحلة من مراحل العملية السياسية»، وقال إن بعض الشركاء قدموا أفكاراً بشأن إبعاد الأسد، لكن تلك الأفكار لم تحظ بالاجماع خلال محادثات فيينا.
وأشار لافروف في هذا السياق إلى تعديل موقف «بعض شركائنا الغربيين»، مضيفاً أن هذا التطور جاء للأسف الشديد بثمن باهظ ناتج من هجمات إرهابية مروعة. وأعرب عن أمله في أن يتبنى الشركاء الغربيون الآخرون هذا الموقف أيضاً. وفي ما يخص الموقف القائل إنه من المستحيل إطلاق حرب حقيقية ضد «داعش» وأمثاله إلا بعد توضيح مصير الأسد، وقال لافروف إنه يعول على وضع هذه المسألة جانباً.
وأردف قائلاً «إننا بحثنا هذا الموضوع بالتفاصيل مع الشركاء الأميركيين الذين سبق لهم أن دافعوا عن هذا المنطق بإصرار. ويبدو لي أنه لم تعد هناك أي شكوك في أن طرح شروط مسبقة لتوحيد الصفوف في محاربة «الدولة الإسلامية» يعد أمراً غير مقبول على الإطلاق»، وتابع: «ليست «الدولة الإسلامية» دولة، طبعاً، ويكمن واجبنا المشترك في عدم السماح لها بالتحول إلى دولة، على الرغم من محاولاتها لإقامة خلافة».
كما أكد الوزير الروسي إن تشكيل جبهة واسعة لمواجهة الإرهاب يمثل مهمة ذات الأولوية، وذلك في موازاة دفع العملية السياسية في سورية إلى الأمام بمراعاة المبادئ التي اتفق عليها المشاركون في المجموعة الدولية لدعم سورية يوم 14 تشرين الثاني في فيينا.
وأشار في هذا السياق إلى أن جميع المشاركين في فيينا وافقوا على مبادرة موسكو الخاصة بوضع قائمة موحدة للتنظيمات الإرهابية في سورية. وأكد أن الجانب الروسي تلقى منذ أسبوعين قوائم بأسماء التنظيمات الإرهابية من الشركاء الأميركيين وبعض الدول الأخرى.
وقال: «هناك تفهم مشترك في صفوف أعضاء مجموعة دعم سورية أنه بعد توصلنا إلى توافق، يجب إدراج تنظيمات أخرى، بالإضافة إلى «داعش» و»النصرة» على قائمة المنظمات الإرهابية الخاصة بمجلس الأمن».
وفي الوقت نفسه، قال لافروف إن هذه المهمة تعد صعبة إلى درجة كبيرة، لأن بعض التنظيمات الإرهابية «تغير لونها» وتحاول تصوير نفسها في عيون المجتمع الدولي كأنها جزء من المعارضة المعتدلة.
كما أعرب عن أمله في إطلاق دول العشرين عملاً مشتركاً لقطع التمويل عن تنظيم «داعش»، وضمان أن هذا التعاون لن يتأثر بأي طموحات جيوسياسية آنية، مشدداً على ضرورة أن يركز الجميع على «الهدف الرئيسي وهو وضع حد لطموحات «داعش» التوسعية، وزعزعة قاعدته المالية والمادية والقضاء على هذا التنظيم الإرهابي في نهاية المطاف».
الى ذلك، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هاتفياً العملية الروسية في سورية وجهود موسكو لتحريك عملية تسوية الأزمة السورية.
الى ذلك، دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس إلى تشكيل تحالف واسع لتوجيه ضربات حاسمة ضد «داعش» والإرهاب، لافتاً إلى أن الأمر يتعلق بتنظيم يهدد العالم كله وليس بلداً محدداً.
وأضاف هولاند في اجتماع رؤساء بلدية فرنسا أن «الإرهابيين أرادوا إدخال فرنسا في الظلامية والخوف من خلال استهداف القيم الكونية التي تدافع عنها»، ورأى أنه من الواجب حماية الشعب الفرنسي، لافتاً إلى أنه سيجري تعزيز القوات الأمنية في البلديات على امتداد فرنسا.
وكان الطيران الحربي الروسي والفرنسي قد استهدف بتعاون جوي مشترك، يومي الاثنين والثلاثاء، عشرات المواقع التابعة لإرهابيي تنظيم «داعش» في أحياء مدينة الرقة السورية.
وبدأت عشرات عوائل قيادات وعناصر التنظيم الارهابي، معظمهم من جنسيات عربية وأجنبية، بالهروب من المدينة، بحسب ما أفادت «د ب ا» نقلاً عن نشطاء المعارضة السورية.
وأفاد النشطاء أمس أن العوائل النازحة توجهت إلى مدينة الموصل العراقية باعتبار أن الرقة لم تعد آمنة، والموصل أكثر أمناً، كما نقلت وكالة «أ ف ب» للأنباء عن ناشطين سوريين أن 33 عنصراً على الأقل من التنظيم قتلوا في الغارات الفرنسية الروسية.
وفي شأن متصل، أعلن رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية أن المقاتلات الروسية في سورية دمرت نحو 500 صهريج محملة بالنفط تابعة لـ»داعش» كانت متجهة من سورية الى العراق.
وبين الفريق الأول أندريه كارتابولوف أن الشاحنات التي تم تدميرها خلال أيام عدة كانت تنقل النفط الى العراق لتكريره، مؤكداً بدء المقاتلات الروسية «صيداً حراً» لناقلات النفط التابعة للتنظيم الإرهابي، قائلاً: «أريد التأكيد أنه تم اليوم اتخاذ قرار انطلقت بموجبه الطائرات الحربية الروسية الى ما يسمى بالصيد الحر للصهاريج التي تنقل المشتقات النفطية للإرهابيين في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش».
وأضاف المسؤول الروسي أن «داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة أنشأ في الأعوام الأخيرة بالمناطق الخاضعة له ما يسمى بـ»أنبوب النفط على الإطارات»، موضحاً أن مئات الشاحنات الصهاريج تنقل آلاف أطنان النفط الى من سورية العراق لتكريره، ما يعتبر أحد موارد التمويل الأساسية للتنظيم الإرهابي.
وأطلع رئيس إدارة العمليات الصحفيين على صور تبين مئات شاحنات النفط متوقفة ضمن قافلة استعداداً للانطلاق، معتبراً تدمير نحو 500 شاحنة بأنه «خفض بشكل كبير إمكانات المسلحين في التصدير غير الشرعي لمشتقات النفط، وبالتالي دخلهم من تهريب النفط».
في غضون ذلك، شن سلاح الجو الروسي سلسلة غارات على مواقع «داعش» في محافظات الرقة ودير الزور وحلب وإدلب السورية.
وقال كارتابالوف في المؤتمر الصحافي إن «القوات الجوية الروسية شنت اليوم في الساعة 5 صباحاً بتوقيت موسكو سلسلة ثانية من الضربات المكثفة على مواقع المجموعات الإرهابية في الأراضي السورية».
وأوضح أن مجموعة من قاذفات «Tu-22M3» بعيدة المدى نفذت غارات على مواقع «طاعش» في محافظتي الرقة ودير الزور، مستهدفة مستودعات الذخائر والأسلحة والمعدات العسكرية ومخيمات تدريب المسلحين، فضلاً عن مصانع خاصة بإنتاج المتفجرات، بعد ما أطلقت الطائرات حاملات الصواريخ «Tu-160» الاستراتيجية 12 صاروخاً إلى مواقع التنظيم في محافظتي حلب وإدلب.
وأشار الفريق الأول الروسي إلى أنه من المخطط أن ينفذ سلاح الجو الروسي 100 طلعة في غضون يوم الأربعاء، نفذت منها حتى الساعة 16.00 بتوقيت موسكو 59، معلناً أن الضربات الروسية أدت إلى تدمير ثلاثة مراكز تابعة للقيادة العسكرية ومستودعي ذخائر ومخيم لتدريب المسلحين.