لافروف: نأمل إطلاق العملية السياسية مطلع العام المقبل باسيل: الحلّ السياسي للأزمة السورية يبدّد التهديدات التي نواجهها

رأى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل «أنّ الدور الروسي المتجدِّد في قضايا العالم ومنطقة الشرق الأوسط، أعاد بعض التوازن إلى الشؤون العالمية».

وخلال مؤتمر صحافي مشترك عقده ونظيره الروسي سيرغي لافروف، بعد لقائهما في موسكو أمس، قال باسيل: «نحن نتفق تماماً مع الاستنتاجات التي تمّ التوصل إليها في فيينا، والتي نصّت على أنّ من الضروري أن تبقى سورية موحّدة وغير طائفية، ومن الأهمية بمكان أن تؤخذ تطلعات الشعب السوري في الاعتبار».

وإذ أكد أنّ «لبنان يسعى دائماً إلى النأي بنفسه عن الأزمة في سورية خشية الانجرار إلى فتنة طائفية قاتلة»، شدّد باسيل على «أنّ استقرارنا يتوقف على الاستقرار الداخلي في سورية، لأنّ إيجاد حلّ سياسي في سورية هو السبيل الوحيد لتبديد التهديدات الوجودية التي يواجهها لبنان، وعلى رأسها تدفق الأعداد الكبيرة من النازحين السوريين وتعاظم الإرهاب العابر للحدود».

ورأى «أنّ الظروف المؤاتية لعودة آمنة للنازحين يمكن أن تسبق إنجاز هذا الحل السياسي»، لافتاً إلى «أنّ لبنان يدعو بشكل متوازٍ إلى حلّ متكامل يجمع بين المساعدة الإنسانية للنازحين السوريين إلى لبنان من خلال المؤسسات الحكومية وزيادة الاستثمارات التنموية التي من شأنها معالجة اقتصادنا جزئياً».

ورأى أنّ «أي مقاربة شاملة لمعالجة أزمة النزوح والهجرة لا تأخذ في الاعتبار التأثير الأمني على البلدان المجاورة أو بلدان العبور أو البلدان المضيفة تبقى غير مكتملة، وبما أنّ التنظيمات الإرهابية قد انتقلت إلى الاستراتيجيات المعولمة التي تستغل الحركات الجماعية غير الخاضعة للرقابة، ليس من قبيل الصدفة أن يختار الإرهابيون ضرب مجتمعات ودول مثل فرنسا وروسيا ولبنان، التي أثبتت تمسكها بالتنوع والحريات والقيم الإنسانية».

التقسيم يدمـّر المنطقة

ولفت باسيل إلى «أنّ خطر هذه التنظيمات الإرهابية يكمن في أنها تتبع أجندة سياسية تسعى إلى التوسع والهيمنة وضعها مذهبيوها منظروها بما أصبح يعرف بإدارة التوحش»، منبهاً إلى «أنّ تقسيم الشرق الأوسط إلى كيانات طائفية سيخلف آثاراً مِّدمرة في المنطقة وخارجها». وأضاف: «في الشرق الأوسط، سنكون محكومين بالعنف الدائم، في حين سيواجه الغرب صعود الأيديولوجيات المعادية للأجانب والمعادية للمسلمين. إنّ ردّنا هو الحفاظ على التنوع في المنطقة الذي نراه أفضل ضمان للاستقرار الدولي».

واعتبر أنّ «مجتمعات الشرق الأوسط في حاجة إلى الأقليات في المنطقة، ولا سيما المسيحيين، لما لها من دور جامع يثري التواصل لطالما لعبته. أكثر من أي وقت مضى، ينبغي لهذا الدور أن يبقى مصوناً من أجل أن يسود على قوى الإرهاب المدمرة وعلى الداعشية».

لبنان المستقرّ حافز للحلول

ورأى «أنّ هذه الحرب تتطلب من لبنان أن يكون أكثر قوة واستقراراً بما يمكنه من أداء دور إيجابي كمحفز للحلول السياسية في المنطقة».

وتابع باسيل: «إنّ الإرهابيين يضعون مسيحيي الشرق الأوسط أمام خيار الموت بشرف أو العيش بالذل. وإنّ انخفاض عددهم في العراق والأردن وفلسطين وسورية هو مؤشر مقلق على الأوضاع الراهنة».

وختم وزير الخارجية مؤكداً «أننا غير مستعدين للموت ولا للعيش في ظلّ هذه الظروف، متخلين عن كرامتنا». وقال: «سوف نواصل القتال صوناً لشرفنا ودفاعاً عن مصالحنا وحفاظا على القيم العالمية للتسامح والإنسانية. لن نخشى التضحيات التي قد تتطلبها هذه المعركة. قدرنا ورسالتنا وواجبنا أن ننتصر».

العملية السياسية…

ونفى لافروف، بدوره، وجود أي اتفاق بين المشاركين في محادثات فيينا حول إبعاد الأسد عن التسوية في سورية، معرباً عن أمله في إطلاق العملية السياسية في كانون الثاني المقبل.

وقال: «لم يتم التوصل إلى أي اتفاق حول عدم مشاركة الرئيس الأسد في مرحلة من مراحل العملية السياسية».

وأوضح أنّ بعض الشركاء قدّموا أفكاراً بشأن إبعاد الأسد، لكنّ تلك الأفكار لم تحظ بالإجماع خلال محادثات فيينا.

وأشار إلى تعديل موقف «بعض شركائنا الغربيين»، معرباً عن أسفه لأنّ هذا التطور جاء «بثمن باهظ ناتج عن هجمات إرهابية مروّعة، ونأمل أن يتبنّى الشركاء الغربيون الآخرون هذا الموقف أيضاً».

وفي ما يخصّ الموقف القائل إنّ من المستحيل إطلاق حرب حقيقية ضدّ «داعش» وأمثاله إلا بعد توضيح مصير الأسد، قال لافروف: «نعوّل على وضع هذه المسألة جانباً».

وأضاف: «بحثنا هذا الموضوع بالتفاصيل مع الشركاء الأميركيين الذين سبق لهم أن دافعوا عن هذا المنطق بإصرار. ويبدو لي أنه لم تعد هناك أي شكوك في أنّ طرح شروط مسبقة لتوحيد الصفوف في محاربة الدولة الإسلامية يُعدُّ أمراً غير مقبول على الإطلاق».

وقال: «ليست الدولة الإسلامية دولة، طبعاً، ويكمن واجبنا المشترك في عدم السماح لها بالتحوّل إلى دولة، على الرغم من محاولاتها لإقامة خلافة. إنّ موسكو تأمل في أن يتمّ إطلاق العملية السياسية للتسوية في سورية في الموعد المحدد أيّ في كانون الثاني عام 2016، كون هذا الموعد قابلاً للتعديل».

تأجيل الحل يزيد الوضع سوءاً

وتابع لافروف: «كلما أجلنا إطلاق العملية السياسية بين الحكومة السورية والمعارضة، يزداد الوضع سوءاً للشعب السوري».

واعتبر أنّ «إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء ومقتل ركابها وأفراد طاقمها يعدّ اعتداء على روسيا»، مؤكداً أنّ موسكو «ستستخدم جميع الوسائل المتاحة للدفاع عن نفسها». وكشف أنّ الاستخبارات الروسية «تلقت بعض ردود الأفعال من دول معينة بعدما توجهت موسكو إلى جميع دول العالم بطلب المساعدة في ملاحقة المسؤولين عن إسقاط الطائرة الروسية يوم 31 تشرين الأول ومعاقبته».

ورداً على سؤال، أوضح باسيل أنّ «الجماعات الإرهابية لديها تصنيف بموجب قرارات الأمم المتحدة والمعاهدة العربية، حيث هناك حقّ الشعوب في الدفاع عن نفسها وتحرير أرضها، وهناك الحقّ الذي تستند إليه الجماعات الإرهابية بقتل الآخر لمجرد أنه الآخر، ولأنه يختلف بالعقيدة والتفكير. وعلى هذا الأساس إنّ القضية قضية مبدأ وتستند إلى المعاهدة العربية بتصنيف الإرهاب وإلى قرارات الشرعية الدولية».

وحول الإجراءات الأمنية اللبنانية على الحدود مع سورية، أكد باسيل «أنّ الإجراءات الأمنية اللبنانية لمواجهة الإرهاب قائمة دائماً، إنما كيف يمكننا مواجهة العقول التي تزرع بأيديولوجيات الحقد وتزرع الفوضى من خلال الأعمال التخريبية التفجيرية»؟ وقال: «من هنا نداؤنا دائماً أنّ الأهمية القصوى هي بمواجهة الإرهابيين من خلال العقيدة التي يحاولون نشرها والتي تبث لهم من مراكز ومنابع فكرية معلومة من الجميع. من هنا أقول إنّ الإجراءات الأمنية قائمة ولسنا في حاجة إلى زيادة عناصر التوتر في لبنان والمنطقة، إن من خلال زيادة أعداد النازحين، أو من خلال قيام مخيمات لهؤلاء وتشريعها، الامر الذي عاناه لبنان وما زال بسبب مخيمات الفلسطينيين، والأمر الذي يعانيه لبنان وكلّ العالم من الآن فصاعداً بسبب زيادة وتيرة تدفق النازحين إلى أوروبا».

وعن المساعدة العسكرية الروسية للبنان، أكد باسيل «أنها نقطة تفاهم مشتركة بين لبنان وروسيا حول أنّ هذا الموضوع هو قرار سيادي لبناني يجب أن يصدر عن لبنان، وهذا الأمر تحترمه روسيا جيداً، إنْ كان مع لبنان أو مع الدول الأخرى في المنطقة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى