نسرين حميدان… مغنّية الطرب الجميل عاشقة عودها
لمى نوام
من بلدتها عين عنوب جبلية المناخ، أخذت إطلالتها الباسمة دائماً، وإشراقتها التي لا تنطفئ، ومن أسرتها ذوّاقة الفن الملتزم والجميل، أخذت عشقها للموسيقى، وتركيزها على الكلمة واللحن والأداء في تقييمها أيّ أغنية. حلت ضيفة شرف مرات عدّة في حفلات مدرسية، والأغنية الأولى التي غنتها كانت «طيري طيري يا عصفورة» لماجدة الرومي، وهي من ألحان المايسترو إحسان المنذر وكلمات جوزف أبي ضاهر، وكانت آنذاك في عمر تسع سنوات.
عندما أنهَت دراستها المدرسية، التحقت المطربة وعازفة العود نسرين حميدان بالمعهد الوطني العالي للموسيقى في بيروت، وتخصّصت في الغناء الشرقي، فنالت تقدير «ممتاز». كما التحقت في الوقت نفسه بالجامعة اللبنانية، وتخصّصت في علم النفس، وحصلت على إجازة، ونالت دبلوماً في التربية الموسيقية في دار المعلمين والمعلمات في بيروت، فعُيّنت مُدرّسة للموسيقى في ملاك وزارة التربية والتعليم العالي.
مشاركات وجوائز
حصلت نسرين حميدان على جائزة أفضل صوت في مهرجان دول حوض البحر المتوسط في الإسكندرية عام 2006، وتسلّمت حينذاك الجائزة من نقابة الموسيقيين قي مصر بشخص الفنانة عفاف راضي، فضلاً عن نيلها جوائز تكريمية وفنية عدّة، منها «جائزة ماجدة الرومي» في برنامج آدائيّ عنوانه «زيّ النجوم»، ووصلت إلى المراحل النهائية في برنامج «نجم النجوم» على قناة «mbc».
غنّت نسرين حميدان في دور أوبرا عدّة، منها دار أوبرا مصر، ودار أوبرا سيد درويش في الإسكندرية، ودار أوبرا تونس في مهرجان السينما، كما كانت لها مشاركات في مهرجانات ثقافية عدّة، كمهرجان المالوف للموشحات في الجزائر السنة الماضية، فضلاً عن مشاركتها في برامج تلفزيونية ومناسبات عدّة.
«البناء» التقت نسرين حميدان، وكان معها هذا الحوار:
عن علاقتها بآلة العود قالت نسرين: لدى التحاقي بالمعهد الوطني للموسيقى، اخترت آلة العود لترافقني في رحلتي مع الغناء. ومنذ ذلك الحين، نشأت علاقة حميمية بيني وبين العود، إذ لم أعُد أحب الغناء من دونه. أحسست أنه مصدر الأمان والراحة عندما أغني، كما أنّني تعودت عليه وساعدني كثيراً في تحديد طبقات الأغنية ومعرفة المقامات بشكل سريع. وما شجعني على المتابعة أيضاً، أنني كنت أنال بسهولة علامات جيدة على العزف، على رغم قلة التدريب، وذلك بسبب الإحساس بالعزف. وحقيقةً، لم أعد أحتمل الابتعاد عن هذه الآلة، وأصبحت أشعر أنها امتداد لي.
غناء اللون الكردي
وعن غنائها اللون الكردي أكدت حميدان: سبب غنائي أغنية كردية، كان الحبّ الذي قُوبِلت به من شعب إقليم كردستان العراق، بعدما دُعيت للمشاركة في حفل في محافظة دهوك ضمن إطار التعاون الثقافي بين لبنان وإقليم كردستان العراق، ورافقنا حينذاك عدد من الصحافيين اللبنانيين.
وأضافت: التراث الموسيقي لأي بلد يعكس معالم حضارته وعاداته وتقاليده، فإن غنّيت من تراث أي شعب شقيق، فإن ذلك يُعزز محبّتي واحترامي لهذا الشعب.
وعن الحفلات التي تُحييها قالت: أحيي حفلات عدّة في لبنان وخارجه، خصوصاً المهرجانات الثقافية التي تُسلّط الضوء على موسيقى المنطقة، والتراث الموسيقي لشعوب المنطقة.
وأضافت: أعتقد أن ما يُميز فنّي، يتمثل في صدق الإحساس والأداء. وبكل بساطة، حفاظي على إرثنا الموسيقي الجميل، يكون في إحياء حفلات عدّة محورها أغاني الزمن الجميل، ومحاولة أدائها بطريقة صادقة تقرّب جيل الشباب من تذوّقها والاستمتاع بها والاستماع إليها دائماً.
وعن أبرز الحفلات التي قدّمتها قالت: أحييت مؤخراً حفلاً نظّمها اللقاء الثقافي في إهدن. كان حفلاً ناجحاً، فرحت كثيراً لوجود العنصر الشبابي الذي استمتع وشاركني في أداء أغاني الزمن الجميل. كما شاركت في عدد من الاحتفالات في مسرح جامعة البلمند، وكان آخرها حفل اختتام مؤتمر جرجي زيدان. وشاركت في إحياء حفل تكريم الراحل شيخ الملحّنين فيلمون وهبي في قاعة «آسمبلي هول» في الجامعة الأميركية في بيروت، وحفل «يوم الأرض» في قاعة «وست هول» في الجامعة الأميركية أيضاً.
وقالت: شاركت أيضاً في حفلات قدّمت على خشبات: دار الأوبرا في دمشق، القاعة الثقافية في البحرين، وفي فرنسا وإيطاليا، ومسرح «المدينة» في بيروت.
تقول نسرين حميدان إن أجمل ما تقدّمه في المجال الفنّي، يكمن في المحافظة على إرثنا الموسيقي الجميل، ونقل الحالة النفسية المتوازنة التي يعزّزها هذا الفن لما يحمله من معايير سامية.
وتُؤكد: ما أتبنّاه في مسيرتي، المحاولة، دائماً أن أكون صادقة في عطائي ومحبتي. وفلسطين ومحمود درويش لا ينفصلان عن بعض بتاتاً بالنسبة إليّ، وهما يمثّلان لي قضية محقة.
وتقول حميدان: لدي عدد من الألحان التي تنتظر الإنتاج، وشركة إنتاج تتبنّاها. ومُؤخراً، قُدّم لي ـ كهدية ـ لحن جميل من المطرب العملاق نهاد طربيه الذي أحبّه وأقدّره جداً. ونعمل هذه الأيام على تأمين الإنتاج.
وتضيف: فن العمالقة يعدّ فن العصر الذهبي للموسيقى، ولميادين الحياة كافة في تلك المرحلة، إذ تعلمت منهم الكثير، وتعلمت منهم أن الأغنية الجيدة تكمُن في تكامل عناصرها الثلاثة: الكلمة، اللحن، والأداء. وكذلك عليك بدراسة التوقيت لطرحها على الجمهور. كما علّمني الكبار أن النجاح يتم بالمثابرة والصبر والصدق والإيمان والمحبة الصادقة والذوبان في الحالة، «ما يخرج من القلب يصل إلى القلب بسرعة البرق».
وعن تجربتها في برنامج «نجم النجوم» تقول: برنامج «نجم النجوم» أغنى تجربتي الغنائية بشهادة الفنانين من العصر الذهبي، كشهادة الفنان القدير دريد لحام وتشجيعه لي في بداية مسيرتي الفنية، وكذلك الفنان هاني شاكر وآخرين أكُنّ لهم كل الاحترام والتقدير.
وعن تجربتها مع المسرح تقول: تجربتي المسرحية كانت غنّية بسبب وجود اسمَين كبيرَين كنضال الأشقر وجواد الأسدي مع حفظ الألقاب، إذ استطعت أن أختبر بُعداً جديداً في الفن، على رغم عدم انفصاله نهائياً عن الغناء. فالغناء عيش ونقل حالة كلامية لحنية شعورية عبر الصوت والآداء، والتمثيل بالتعبير الجسدي والكلامي، كما يضيف المسرح إلى الفنان خبرة وثقة كبيرة بالنفس.
تطمح حميدان أن تصِل إلى ترك أثر جيد وطيّب في نفوس الناس عبر صوتها، وأن تنشر الفرح والطمأنينة والقيم السامية الجميلة عبر الفن الذي قدّمته وتقدّمه في مستقبلاً.