صحافة عبريّة

ترجمة: غسان محمد

عاصفة في «تل أبيب» بعد تصريحات فالستروم

تلقّت «إسرائيل» صفعةً دبلوماسية مجلجلة جداً في خضمّ محاولاتها استثمار العمليات الإرهابية في باريس لمصلحتها، فقد قالت وزيرة الخارجية السويدية في نهاية الأسبوع المنصرم، وتحديداً بعد وقوع العمليات الإرهابية في العاصمة الفرنسية باريس، إنّ جذور الاعتداءات التي تعرّضت لها باريس يوم الجمعة الماضي وراح ضحيتها 129 شخصاً، تعود إلى إحباط المسلمين في الشرق الأوسط، بمن فيهم الفلسطينيون.

وقالت مارغوت فالستروم لشبكة «SVT2T» التلفزيونية السويدية بعد وقت قصير من الهجمات التي وقعت في 13 تشرين الثاني الجاري، والتي أعلن «داعش» مسؤوليته عنها، إنه من أجل مواجهة التطرّف علينا العودة إلى الوضع في الشرق الأوسط، إذ لا يرى الفلسطينيون مستقبلاً: يجب علينا إما أن نقبل بالحالة اليائسة أو أن نلجأ إلى العنف.

وأثارت تصريحات فالستروم غضب صنّاع القرار في «تل أبيب»، إذ قال المتحدث الرسمي بِاسم وزارة الخارجية «الإسرائيلية» عمانويل نحشون، للموقع العبري «تايمز أوف إسرائيل»: يبدو أن وزيرة الخارجية السويدية مصابة بعمى سياسي كلّي. إنّ هذا العمى قد يؤدي إلى كارثة. وكان أول مَن نشر تصريحات الوزيرة السويدية المثيرة للجدل ديفيد متسلر، وهو سويدي وُلد في الولايات المتحدة الأميركية ويعيش في «إسرائيل»، والذي وصف التصاريح بأنها حمقاء وعديمة المسؤولية في أحسن الأحوال، وذلك في مدّونة له على الموقع الالكتروني «تايمز أوف إسرائيل».

الجدير ذكره أنه في ردّ رسمي لها، نشرته السبت على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية السويدية، أدانت فالستروم اعتداءات يوم الجمعة المشينة، ووصفتها بعمليات إرهابية تستهدف الديمقراطية والمجتمعات المنفتحة. وأكدت أنه يجب التعامل معها وسيتم التعامل معها بحزم، لافتةً في الوقت عينه إلى أنه يجب معارضة الإرهاب ومحاسبة أولئك المسؤولين عنه، حسبما ذكرت. علاوة على ذلك، تحدثت عن الحاجة إلى معالجة الأسباب الكامنة وراء الإرهاب، ودعت إلى نهج طويل الأمد، وإلى تعزيز الجهود الدولية ضدّ التطرف والتعصب.

وختمت بالقول: معاً علينا أن ندافع عن الديمقراطية والقيم الإنسانية. وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فقد قامت وزارة الخارجية «الإسرائيلية»، الاثنين الماضي باستدعاء السفير السويدي في «تل أبيب»، وقامت بتوبيخه بسبب تصريحات وزيرة الخارجية فالستروم. ووصفت المصادر السياسية الرفيعة في «تل أبيب» أقوال الوزيرة السويدية بأنها وقاحة وصفاقة لا مثيل لهما، على حد تعبيرها.

وأشارت المصادر السياسية في «تل أبيب» إلى أنه في الثلاثين من تشرين الأول عام 2014، أصبحت السويد الدولة الأولى من دول الإتحاد الأوروبي الغربية التي تعترف رسميا بدولة فلسطين، وهي الخطوة التي أثارت حفيظة الحكومة «الإسرائيلية» بقيادة بنيامين نتنياهو. وقالت «إسرائيل» حينذاك إن وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم التي كان من المقرر أن تقوم بزيارة رسمية إلى الدولة العبرية، غير مرحب بها في البلاد وسط توتر العلاقات بين البلدين عقب اعتراف ستوكهولم بدولة فلسطين. وكانت الوزيرة قد أرجأت حينذاك إلى أجل غير مسمى، زيارة كانت تنوي القيام بها إلى «إسرائيل» والأراضي الفلسطينية، حيث ذكر الإعلام «الإسرائيلي» أن وزير الخارجية «الإسرائيلي» في ذلك الوقت، آفيغادور ليبرمان لا يرغب في لقائها.

واعترفت السويد بدولة فلسطين في 30 تشرين الأول 2014، الأمر الذي دفع «إسرائيل» إلى استدعاء سفيرها لإجراء مشاورات. وعاد السفير إلى ستوكهولم بعد شهر. وصرّح المتحدث بِاسم وزارة الخارجية «الإسرائيلية» عمانوئيل نحشون للإذاعة السويدية العامة، وقال: لا تنتظروا زيارة وزيرة الخارجية السويدية إلى «إسرائيل» لأن ذلك قد لا يتم قبل فترة طويلة. وأضاف أنه لو زارت وزيرة الخارجية السويدية «إسرائيل» لما توفر لها عقد أيّ لقاءات رسمية. لافتاً إلى أن ما فعلته السويد أمر غير ودّي مطلقاً.

وقالت «الإذاعة الإسرائيلية الرسمية» إن الوزيرة فكرت في القيام بالزيارة من دون عقد أيّ لقاءات رسمية، إلا أن ذلك يعني أنه لن يتم توفير الحماية الأمنية لها خلال المشاركة في عدد من الفعاليات ومن بينها تكريم ذكرى راول فالنبرغ الدبلوماسي السويدي الذي أنقذ عشرات الآلاف من اليهود في بودابست من النازيين عبر منحهم وثائق سويدية في 1944 و1945.

بِاسم الردع… «إسرائيل» تنتقم من الفلسطينيين

كتب عميره هاس في صحيفة «هاآرتس» العبرية:

ثمّة آباء كثيرون للانتقام، لا بل أمهات أيضاً. بعضهم يُعرفون بأسمائهم: حضرات القضاة مريام ناؤور، حنان ملتسر، نوعام سولبرغ، قائد المنطقة الوسطى روني نوما، قائد كتيبة بنيامين شومر الاسماء تتبدل أما الاماكن والوظائف في مسلسل الانتقام فلا تتبدل . في قرار محكمة العدل العليا الذي صادق على هدم منازل المشبوهين بقتل يهود في الآونة الاخيرة، لا يُسمى انتقاماً، إنما ردع. بعد خمسين سنة من السيطرة «الإسرائيلية» المفروضة على الفلسطينيين بجميع اشكال «الردع» الممكنة، كيف لم يرتدع الفلسطينيون؟ لنُسمّ الامور بمسمياتها إذاً.

معظم آباء الانتقام غير معروفين بأسمائهم: مثلاً جموع الجنود من كتيبة بنيامين، دفدفان، شكيد، سلاح الهندسة الذين اقتحموا يوم الاثنين بعد منتصف الليل مخيم قلندية. الهدف: هدم الشقة في حي الجبل التي سكن فيها محمد أبو شاهين المتهم بقتل داني غونين في نبع قرية دير بزيع. متهم لم تثبت إدانته. نحن ناس عاديون وتعلمنا في المدارس أن الانسان بريء طالما والمفاجئ هنا أنه عند الحديث عن الفلسطينيين، فإن محكمة العدل العليا لا تحاول رفض الاخلال بهذا المبدأ القانوني الاساس.

القضاة والضباط يعملون بحسب توجيهات المستوى السياسي من أجل الانتقام، ويسارعون إلى إرضائه. ثمة أوجه كثيرة للفتك. والمحظوظون يجب ألا يوسّخوا أيديهم عن طريق الضرب والدم. عليهم فقط التوقيع على الأوامر واقتباس قرارات قانونية سابقة. الانتقام ليس جميلاً من دون معرفة التفاصيل. الغاز المسيّل للدموع وأصوات الانفجار التي تدخل مرة أخرى إلى الاحلام والغرف. غياب الحيلة للوالدين. خوف الاولاد في حي الجبل الذين استيقظوا على طرق الابواب وطُلب بمكبرات الصوت من الجميع الخروج الى ملعب كرة القدم 41 في المئة من بين 13 ألف سكان المخيم هم من جيل صفر حتى 14 . يجب عدم الاستخفاف بهذه التفاصيل الانتقامية حتى لو قال الاطفال في المخيم إنهم جربوا اقتحامات الجيش أكثر من النزهات. وحتى لو قالوا إنهم لم يخافوا. فكروا ببكاءهم في الليل وثقلهم بين أيدي والديهم والاسلحة الموجهة إليهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى