لإنقاذ نجد والحجاز…

ماجدي البسيوني

صار لزاماً على الكثيرين منا الأخذ بيد سكان الخليج وفي القلب منهم سكان نجد والحجاز علّهم يبحثون عن أصوات وعقول كالحبال تأخذ بيدهم للخروج من الجبّ، من النفق المظلم، للخروج مما هم ذاهبون إليه من مآس… من دراما سوداء ستدمي القلوب والعقول… نعم أحسب أنه صار لزاماً على الكثيرين منا مدّ حبال الإنقاذ حتى لا يأتي اليوم ونحن هكذا نشاهد الغد المقبل عليهم ولا نمتلك يومها سوى القول «وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون…» أعلم أنّ البعض سيغضب مني، ولكن ما العمل أمام الإيمان، علّ الذكرى تنفع… وأعلم أنّ الكثيرين سيقولون دعهم يتجرّعون من نفس الكأس الذي اشتركوا فى صبّ حممه فوق جلودنا بعد أن جرّدونا من أيّ ساتر نحتمي به… لكن في ظني أنّ الأمر جلل ويحتّم علينا الأخذ بيد الناس والأرض والتاريخ والعقيدة، وليس الأخذ بيد الأسرة الحاكمة وكلّ الأمراء من أكبر أمير وأميرة إلى «أمير المزاج» عبد المحسن آل سعود صاحب الـ2 طن من الحبوب المخدّرة التي كانت في الطريق من بيروت للمملكة، فلربما كان سبب توصيلهم الأراضي السعودية لاستكمال الاستعدادات لحالة الفوضى المقبلة على طريقة «الربيع السعودي».

ما يخص الأسرة ربما يحسمه الضرب تحت الحزام وفوق الحزام بين أبناء عبد العزيز آل سعود وذريتهم وما يُذاع عن اختلاف 8 من 12 كهلاً، فعلى سبيل المثال هذا سعود بن سيف النصر- حفيد الملك سعود بن عبد العزيز وهو برتبة أمير حين اتهم محمد بن سلمان وزير الدفاع وولي ولي العهد مؤكدا أنّ أخطر ما يجري هو تشغيل الوطن كله بإمكاناته وقدراته وشعبه ومكانته الدينية والسياسية وكنوزه الطبيعية لمصلحة سفيه من السفهاء صارت بيده سلطة مطلقة، وأنّ خطورة الوضع تستدعي فضح التفاصيل الخطيرة التي تقود البلد للانهيار وجعلها مكشوفة للناس حتى يشعر أهل الحلّ والعقد بالحرج فيبادروا بالتصرف، وناشد أعمامه وأبناء الأعمام أن يبادر كلّ منهم في الثغرة التي هو فيها لاستدراك الوضع والتحرك المناسب.

هذه قضايا تخصّهم في ما بينهم حتى ولو كان ما يعنيهم حالة السفه التي يمارسها ولي ولي العهد، كأنّ كلّ هذه المليارات التي تنهال على مصانع السلاح ومصانع الإرهاب وارشاء الدول والمؤسسات ليس سفهاً… الشخص السفيه يوقع عليه القانون والشرع الحجر فما حكم القانون على الدول…؟

ولا ندائي في البراري بسبب إصرار القصر الملكي السعودي على إعدام الشيخ النمر لانه يستصرخ: لا لسفك دماء الشعب اليمني… نعم صار لزاماً على الكثير منا الأخذ بيد الملايين من أبناء الجزيرة العربية، الناس الشعب ليس لتفشي فيروس كورونا بعد تسجيل ارتفاع في عدد الحالات، فالآتي أبشع، ولا لأنّ دونالد ترامب المرشح الطامح للحصول على دعم الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية، يدعو حسبما أيقن أنها مطلب الملايين التي تؤيده لإرغام السعودية على دفع أموال لقاء «حماية» أميركا لها، ترامب أكد مطلبه، بأنّ السعودية «دولة ثرية» وعليها أن «تدفع المال» لأميركا لقاء ما تحصل عليه منها سياسياً وأمنياً. مؤكد أنه يطالب بثمن أعلى مما يدفع لحماية عرش آل سعود… اتاوة. القضية في ظني أكبر من هذا بكثير، فلا يتساوى تأثيرها بالآثار المدمّرة لجريمة آل سعود في تخفيض سعر النفط إلى أقلّ من النصف، وما يترتب عليه من الإفقار المتعمّد لملايين المهمّشين من سكان الجزيرة العربية أنفسهم ظناً منهم بأنّ هذه التعليمات الصادرة لهم من مافيا البترول العالمية التي هي أحدى الأضلاع الثلاثة الحاكمة والمهيمنة على السياسة والاقتصاد في أميركا إلى جانب السلاح والبنوك. التعليمات بهدف فرملة مداخيل روسيا وايران وفنزويلا، وتضخيم المخزون النفطي الأميركي، وإحياء استخراج النفط الصخري الأميركي.

بحنكة اقتصادية… انقلب السحر على الساحر فجاءت النتائج كارثية على المملكة نفسها، فما كان أمامها إلا أن تبدأ في السحب من الأرصدة، 150 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن يتحوّل الرصيد إلى صفر في غضون ثلاثة سنوات، أيّ في نهاية العام 2018 كما انتهت دراسة جون سفاكياناكيس، المستشار المالي الأول في مركز الخليج للأبحاث.

تقارير غربية، بما فيها صندوق النقد نفسه، ذهبت إلى حدّ القول بأنّ المملكة تتجه نحو الإفلاس في حال استمرار التدهور الحالي لأسعار النفط الذي يمثل 90 من دخل المملكة.

كلّ ما سبق ما هو إلا بمثابة تهيئة المناخ لوقوع الطامة الكبرى التي قلت منذ البداية إنّ على الكثيرين منا الإسراع في الأخذ بيد الناس في الجزيرة العربية من الآن، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تأتي اللحظة المقبلة على الأخضر واليابس والبشر والتاريخ والجغرافيا.

نعم يا سادة… علينا بالإسراع، فالحديث الآن حديث جدي وتتسارع الخطى لتنفيذه على الأرض في الجزيرة العربية بجوار الكعبة المشرّفة، في الأرض التي شرّفت بمهبط الوحي على الرسول محمد والتي تعني رحمة للعالمين لا شقاء ولا تقتيلاً للعالمين، فكيف علينا أن نجلس ونقول للبيت رب يحميه؟!

صارت «أرض الجزيرة» هي الملاذ والهدف، إذ بدأ الحصار يضيق شيئاً فشيئاً على «داعش» و«القاعدة» وكافة الحركات التي تدّعي «الجهادية» بمختلف تشكيلاتها، هذا الملاذ وهذا الهدف ينسجم تماماً مع ما تهدف إليه الماسونية العالمية والصهيونية، فهل المطلوب الانتظار حتى تقع الواقعة.

الجزيرة العربية تربة خصبة لتنامي كافة الفصائل، ولا ينكر سوى أعمى العقل والضمير كم هي الأعداد التي تربّت وترعرعت وشربت حتى الثمالة من مخزون الوهابية ولم ترو شفاهها من رشفة من ماء زمزم، فانطلقت إلى افغانستان ثم وصلت إلى العراق وطارت الى تونس لتحط في مصر وتهرع إلى ليبيا لتستقرّ في الشام تكفّر كلّ ما عداها وتقتل من يخالفها وتأكل أكباد من يخالفوها، تسبي من تسبي، وتبقر من تبقر، تحرق الأرض التي تراها كافرة بما يؤمنون به، بما عليها من مسجد او كنيسة أو مدرسة أو مشفى، تقرّ بحقها لكلّ من تصل وما يتراءى لعيونهم بنفس التعاليم التلمودية… أليس من المنطق أن يهرعوا من الآن الى أرض الوهابية، المكان الذي قدّم المتحكمون به وأعني آل سعود كلّ هذا الدعم على مدى عشرات السنين من عتاد وسلاح ومن قبله المرجعية الوهابية التلمودية… الجزيرة العربية بمنطق هؤلاء فيها كلّ وسائل بناء دولتهم المزعزمة سواء الروحانية أو المادية وكأرض الخلافة الموعودة، الحرمين الشريفين، وكونها تمثّل أكبر مخزونٍ لثروات المسلمين النفطية.

النقاش بين منظّري «الجهادية» السلفية، حول شرعية العمل العسكري داخل المملكة من عدمه، صار ملء السمع والبصر، وهو ما كان مساحة اختلاف بين رؤيتين، تنادي الأولى منهما بمساواة المملكة بغيرها من الدول التي تُحسَبُ من وجهة نظر «القاعدة»، ولاحقًا «داعش»، أنظمة «طاغوتية»، ومن الواجب قتالها وسفك الدم فيها، بينما ترفض الأخرى هذا الرأي، بات المخرج الوحيد أمامهم للحصار الذي بدأ يضرب حولهم أن يقرّروا بتوجيهات محركيهم سواء بعلمهم أو بدون علمهم ولا وقت للتأجيل… البغدادي نفسه حسم خيارات «داعش» بوصفه السعودية بـ«رأس الأفعى» والحبل على الجرار، حتى يتمّ استنساخ المشهد الدموي العراقي والسوري والليبي والمصري واليمني وغيره فهل في وسع من نظروا ومن موّلوا أن يهمسوا بحرمة العمل على أرض نجد والحجاز بينما كان حلالاً في غيرها… هل في وسع أحد طمس الخطاب التحريضي المتراكم منذ عقود، وما يؤسَّس عليه الشباب من خلال المناهج الدراسية، وما لُقّنوا من أفكارٍ ترفض الآخر وتكفّره وتهدر دمه، وتحلّ نساءه وأمواله، وتجعلُ الموتَ السبيلَ الأقصرَ للوصول إلى الجنة الموعودة؟

أليس كلّ هذا أدعى لإطلاق دعوة لإنقاذ المصير الذي يخطط له على قدم وساق من قبل الثالوث الذي يحرك واشنطن… أليس هذا هو ما تسعى إليه الماسونية والصهيونية و«المسيحيون الجدد» بما زرعوه منذ مئات السنين بغرس الوهابية وما تولد عنها من حركات أبعد ما تكون عن الإنسانية والرحمة التي أرسل الله لها كافة الرسل وختم بهم محمد بن عبد الله…؟

أليس هذا ما هدفوا له يوماً بخلقهم لآل سعود للهيمنة على مقدساتنا، وكذا خلق الصهيونية للهيمنة على قدسنا… فماذا تبقّى لنا أذاً…؟

رئيس تحرير جريدة «العربي» ـ مصر

Magdybasyony52 hotmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى