كم يحتاج حيدر لحضن والدته.. وكفى!

فدى دبوس

ربما كثر الكلام عن حيدر، وكثرت المقالات وكثرت كلمات العطف والشفقة. بعض الكلمات أدمعت عيوننا وبعضها الآخر أدمى قلوبنا، لكن يبقى حيدر ذلك الطفل الصغير الذي لم يدرِ كيف تمّ استغلال قصّته إعلامياً لتحقيق أكبر نسبة تعاطف وأكبر كمّ من التعليقات، وذلك بالطبع يعود بالفائدة على من يكتب عنه أو يروي قصّته.

المؤسف ليست تلك المواقع التي سعت بكل الطرق والوسائل إلى استدراج عطف الناس عبر كسب أكبر نسبة من المشاهدة أو القراءة، بل دخول آخرين على الموضوع أرادوا الانتفاع من قصّة حيدر لكسب عطف الجمهور وعودة ثقته.

فإليسا والتي لطالما اشتهرت بتصريحاتها المعارضة لفريق 8 آذار، والتي سبق لها ولم تهتمّ لأيّ شهيد من الشهداء الذين ذهبوا ضحية تفجيرات خطيرة، ها هي اليوم تسعى إلى إعادة كسب الشهرة على حساب حيدر، وهي الحنونة الرقيقة التي صبّت جلّ اهتمامها بتحقيق حلم حيدر بملاقاة لاعب كرة القدم رونالدو. وديانا حداد التي لم نسمع لها تصريحاً واحداً منذ مدّة تدين به الأحداث الاخيرة سارعت إلى طلب تحقيق حلم حيدر وهي التي نسيت أصلاً أنها لبنانية لتتبع أهل الخليج. وغيرهما كثر ممن استغلّوا وضع الطفل اليتيم المأسوي لكي يطلقوا العنان لمشاعرهم ويكسبوا عطف الجمهور.

لكن أين هو حيدر من كل هذا؟ هل يعرف حيدر كم استغلّت قصته لكسب الأرباح؟ هل يعرف حيدر ما ذنبه لكي يصبح حديث الساعة؟ هل حلم حيدر يتوقف على ملاقاة رونالدو أو ارتداء بزّة رياضية جديدة أو حتى بناء بيت من قطع الليغو. فحتى لعبته استغلّت لتدخل في مضمار القصة، لأنه عندما كان يبني البيت من قطع الليغو بالتأكيد لم يدرك أنه يعوّض باللعبة عن المنزل العائليّ الذي فقده.

كلّنا تأثرنا بالصور التي انتشرت لحيدر بعد استشهاد والديه وكلّنا شعرنا بالألم لذلك، لكن استغلال القصة أخذ منحى آخر ليصل إلى أقصى مداه. فحيدر لا يعلم بكلّ الهرطقات هذه ولا يمكنه حتى أن يفهم، سوى أنه بحاجة إلى حضن والدته التي غاب عنها طويلاً.

حيدر ليس الوحيد من فقد والديه في هذا التفجير، وهو ليس الوحيد الذي تيتّم جرّاء عمل إرهابيّ بشع كهذا، حيدر هو واحد من المئات بل الآلاف الذين فقدوا ذويهم في تفجيرات لا يعلمون سببها ولا يعلمون ما ذنبهم فيها. حيدر ليس وحده ضحية تفجيرات البرج وبالتأكيد لن يكون الأخير. فكفانا تلاعباً بعواطف الناس لكسب حفنة من المال، كفانا اتّجاراً بدماء الشهداء واستخدام أكثر القصص المؤثرة للعب على وتيرة مملّة بشعة.

كفانا استخداماً لقصة حيدر التي إذا ما أردنا النبش جيّداً في قصص التفجيرات والحروب لوجدنا أن هناك العديد من القصص المشابهة لقصة حيدر. جميعنا متعاطفون مع حيدر لكن المبالغة باتت من الأمور النافرة جداً، لذا فلندعه يعيش مع مأساته بسلام فلقاء رونالدو لن يعيد له والديه ولن يجعله يشعر بدفء العائلة من جديد…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى