«السكاف» ومرفأ طرابلس والردّ على موسكو
يوسف المصري
وسط طفرة الحرب الأمنية بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والإرهاب، صار واضحاً وجود ثلاث قواعد ثوابت تسير هذه الحرب وتعتبر سياسياً وتقنياً وأمنياً، هي أهمّ مفاصلها:
الثابتة الاولى استراتيجية وتؤكد انّ مشروع داعش بالوصول الى ميناء طرابلس لا يزال قائماً، وهو جدي انطلاقاً من أحدث المعلومات التي أمكن للأجهزة الأمنية اللبنانية وحتى العالمية الاستحصال عليها من إرهابيين موقوفين لديها، وتوجد لهم حيثية داخل ما يمكن تسميته بـ«إطار داعش العامل على الساحة اللبنانية والمشرف العام عليه القيادي الداعشي المقيم في الرقة حالياً «ابو ايوب العراقي»، وذلك بتكليف مباشر من أبو بكر البغدادي.
أحدث المعلومات الموثقة عن نية «داعش» الوصول الى منطقة عكار بهدف الانتقال منها إلى طرابلس للسيطرة على مينائها، تم توفرها للأجهزة الأمنية اللبنانية من خلال اطلاعها على اجتماع حصل في إحدى البلدات العكارية في شهر حزيران الماضي، وحضره رموز أساسيون من «إطار داعش» في لبنان، وتمّ خلاله تدارس تنفيذ خطة تتضمّن السيطرة على قريتين في عكار والانطلاق منهما لإنشاء «إمارة داعش الإسلامية» في لبنان. وكلف حينها زياد الرفاعي أوقف قبل ثلاثة أسابيع بالتوجه إلى طرابلس من اجل تجنيد «جهاديين» من أبنائها ومن النازحين السوريين المقيمين فيها. والهدف ملاقاة سيطرة «داعش» في عكار بفتح معركة للسيطرة على طرابلس ومينائها.
الثابتة الثانية يؤكد فحواها أن أخطر إرهابيّي «داعش» في لبنان هو علي نبيل السكاف، من بحنين مواليد العام 1977، وهو لا يزال فاراً، ويشكل الإرهابي المعروف بـ«الإيعاري» ما يشبه الثنائي معه. وكشفت التحقيقات الأخيرة مع الموقوفين الذين ألقت أجهزة الامن القبض عليهم في إطار حملتها الامنية التي أعقبت تفجيري برج البراجنة انّ السكاف والايعاري الملقب بـ«أبو البراء»، هما وراء الكثير من الخلايا الإرهابية العاملة في لبنان لمصلحة «داعش».
وافادت هذه المعلومات انّ السكاف هو كلمة السر التنفيذية لـ»داعش» ولمشروعها في لبنان.
الثابتة الثالثة تؤكد انّ موجة الإرهاب الاخيرة في لبنان تتحرك بعيداً عن أية اعتبارات على صلة بالتفاعل بين الحرب في سورية وبين أيّ اعتبار آخر في لبنان على صلة بها. فقرار «داعش» باعتبار لبنان ساحة جهاد ومنطقة لعملياتها الإرهابية، عائد لأسباب تخصّ خططها للتوسّع وضمان بقائها، وهي على صلة تحديداً بأمرين أو سببين من وجهة نظرها أولهما شنّ حرب إرهابية على لبنان، بحيث تكون جزءاً من حرب «داعش» الكونية التي دشنتها بعد عاصفة السوخوي للانتقام مما تعتبره تواطؤاً دولياً مع الحملة الروسية العسكرية ضدّ الإرهاب في سورية. ثانيهما لأنّ داعش تريد في لبنان منفذاً لها فيه على البحر، بعد أن صار صعباً عليها تنفيذ خطة الاستيلاء على منفذ بحري في الساحل السوري.
قصارى القول إنّ داعش تعتبر لبنان هدفاً بحد ذاته بعيداً عن أي اعتبار آخر ذلك أن لبنان من وجهة نظرها يحتوي على أهداف تشكل مصالح استراتيجية لتنظيم الدولة الإسلامية.