الأمميّة… بين «العهدين الدوليين»… هل تنجح؟

فاديا مطر

بعد تخطي الإرهاب الدموي عتبة العراق وسورية وصولاً إلى «برج البراجنة» في بيروت والضواحي الباريسية وسماء شرم الشيخ في تهديد حقيقي يسعى العالم بأسره إلى توجيه الجهود نحو مكافحته وشد أواصر التحالفات المتينة للقضاء عليه، رغم التعامل غير المتكافئ والعادل مع الضحايا بين دولة وأخرى.

فالوقوف في لحظة التأمل يقع ما بين السياسات الغربية التي دعمت هذا الإرهاب لسنوات، وبين ما شكلته الجدية الروسية من إحراج لهذه السياسات في قتال الإرهاب، لأن التعامل الجدي الروسي ـ السوري مع ما يغضّ «التحالف الدولي» البصرَ عنه من تدمير للقوافل النفطية لتنظيم «داعش» ومقار القيادة ومعسكرات التدريب بعد إغماض العين الدولية عن مواقع لا يستهدفها طيارو «التحالف الدولي» لداعش قادرة على استهداف الجيش السوري والعراقي، مما أثبت أن التحالف الدولي يقع بين فكي الاستفهام الذي طاول حتى العاصمة باريس التي رفضت سابقاً أسماء إرهابيين شاركوا حالياً في تفجيراتها من قبل وزير الداخلية «برنار كازانوف» بحجة «عدم التعاون مع دمشق»، والذي أعلن في 19 من الشهر الجاري مقتل «عبد الحميد أبا عود» العقل المدبر لهجمات باريس في محاولة لضخ مخدر في شعور الألم الذي يعيشه الشعب الفرنسي، واقتراب «عدم الثقة» في سياسات الرئيس «فرانسوا هولاند» من معدلات عالية، خصوصاً بعد إعلان باريس مخاوفها من قدوم هجمات لداعش بسلاح يحمل شكلاً كيماوياً أو بيولوجياً، رغم إعلان الرئيس الفرنسي «هولاند» في 14 تشرين الثاني الجاري حالة الطوارئ في البلاد وإغلاق الحدود مع الدول المجاورة، وإعلانه عن تشكيل تحالف مع روسيا لمكافحة الإرهاب بعد إعلان مصدر عسكري فرنسي في 16 الجاري عن أن حاملة الطائرات «شارل ديغول» سوف تتموضع في شرق البحر المتوسط قبالة سواحل سورية ولبنان، ليكون قرار باريس هذا مفصلياً في اختيار ضفة الاصطفاف أمام كارثة باريس الأخيرة.

في هذا الوقت، بدأت بعض الألسن تفضح ما يستتر تحت الستار من تصريح رئيس الاستخبارات الفرنسي السابق «برنارد سكارسيني» في 19 الجاري الذي اعتبر أن فرنسا تدفع عواقب قرارات سياسية معينة، إلى ما صرّحت به وزيرة الخارجية السويدية «مارغوت والستروم» بأن تل أبيب هي وراء هجمات باريس في 20 الجاري، والذي يجب أن يكون حافزاً لمن يدّعي الأممية المحقة في مكافحة الإرهاب الدولي، الذي يقف العالم أمامه بانتظار المزيد من الالتفاف والتحالفات، لا بتكريس التسييس الواضح في القرارات الدولية كاتباع منهجية حلف الحرب على سورية الذي بدأ يفقد مقاعده مع الإرهاب المتعدد الجنسيات بعد اقتراب الجيش السوري من الحدود التركية في ريف اللاذقية، محدثاً تغييرات استراتيجية بالغة الأهمية وتقدمه نحو مثلث تدمر الاستراتيجي والتقدم على محاور الغوطة الشرقية باتجاه دوما بالتعاون مع التحالف الروسي، في مقابل مسودة قرار سعودي غير ملزم تمّ طرحه في اللجنة الثالثة في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تركز على «حقوق الإنسان» والذي ترعاه كل من السعودية وقطر والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقوى غربية أخرى لدعم ما يمكن دعمه مما يسمى «معارضة معتدلة».

فاذا كان الصرح الانساني الاول في العالم مُسيساً الى درجة التعامي عن الحقائق وآلام الشعوب في الشرق الاوسط و العالم، فماذا بقي لهذا الصرح من أن يأخذ على عاتقه قضية التفريق بين دعاة الإرهاب وبين من يقدّمون انفسهم على مذبح هذه القضية؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى