رياضيات في الكلام
توافق عقلان لحبيبين على قيادة مساعي الصلح بينهما بعد أن أنهكهما الخصام وطلب الردود والدخول في المواجهات. فتوافقا على التواطؤ ضدّ صاحبيهما تمهيداً لتقريب وحهات النظر، وتركا صاحبيهما وحيدين خاليي اليدين من عدّة المواجهة وحيلة الخصام. وخرجا من مكانيهما يراقبان ما قاما بهندسته من سلوكيات وتصرفات للحظات الاشتباك وأخذا يفككانها ويفضحها أحدهما للآخر، ليكتشفا في النهاية أنهما صنعا مسرحاً للحرب لا ساحة للحبّ، وأن انسحابهما كافياً لتسير الأمور على ما يرام. فالتخطيط في الحب حرب كاملة والسلام فيه بدايته فوضى، بينما في الحياة لا تعبّر الفوضى إلا عن الضعف، ولا تجلب إلا الخراب، ولا ينال السلام بلا بخطة قوامها القوة.
إذا وضعنا عقلنا ينظر من بعيد خارج المسرح إلى تصرفاتنا العاطفية ومشاغباتنا الشخصية وتبريراتنا لها، وكيف نخترع لها فلسفة تنسجم مع معاييرنا القيمية وصورتنا عن أنفسنا، سيضحك كثيراً وينسى أنه هو صاحب هذه التبريرات.
قالت الزهرة للنحلة: ماذا أكسب منك وأن تمتصين رحيقي؟
فقالت النحلة وهل أؤذي جمال ألوانك أو فوح عطرك؟
فقالت الزهرة: لا بل ازداد رونقاً وتفتّحاً كلما اقتربت مجسّاتك من أصابع روحي، لكن ماذا عساي استفيد منك ولو كان عطائي لك يفرحني ويزيد بهجتي؟
فقالت النحلة: أنا من أضاف لك صفةً إلى جمال اللون ومتعة العطر، هي الفائدة. فقيل تمتاز الزهرة ببهاء اللون وجماله وفوح العطر والفائدة في رحيقها الذي تحوّله النحلة إلى عسل، ومن اكتملت عنده المتعة بالجمال بالفائدة بلغ الكمال… فأنا بعض من كمالك.
تذكّروا ألا تمننوا من تمنحونه بعضاً ممّا لا يؤذيكم، بل يزيدكم رونقاً ويمنحكم صفة جديدة تقرّبكم من الكمال.