دنورة: لا مصلحة سورية في التدخل في العراق
دمشق ـ سعد الله الخليل
على رغم تأكيد الجانب السوري عدم التدخل في الشأن العراقي فإن وسائل الإعلام ما تزال تروج لتنفيذ الجيش السوري ضربات جوية داخل العراق، وهو ما يراه الخبراء تعميم للحالة الطائفية لمواجهة الإرهاب في العراق وسورية التي تروج لها وسائل الإعلام ذات التمويل القطري ـ السعودي.
بين التأكيد والنفي
نقلت «بي.بي.سي» عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قوله يوم الخميس إن سورية نفذت هذا الاسبوع ضربات جوية داخل الأراضي العراقية.
وجاء في التقرير أن المالكي أكد أن الطائرات السورية النفاثة قصفت مسلحين متشددين قرب بلدة القائم الحدودية. وذكر المالكي أنه لم يطلب من سورية القيام بهذه الغارة لكنه يرحب بأي ضربات توجه لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. ونفى مصدر إعلامي ما تناقلته القنوات الإعلامية عن قصف للطيران السوري داخل الحدود العراقية مؤكداً أن هذا الخبر عار من الصحة شكلاً ومضموناً.
تعميم الحالة المذهبية
وضع المحلل السياسي والباحث الاستراتيجي الدكتور أسامة دنورة تصريحات كهذه ضمن منح المواجهة في بعد طائفي، لتبدو مواجهة بين أطراف موالية لفئة مذهبية في سورية والعراق وأخرى معادية لها، وهو ما ينسجم مع كل مقاربة الربيع العربي وكل التحريض المذهبي والطائفي الذي حضرت له الفضائيات القطرية السعودية، بهدف تمزيق الدول العربية بناء على أسس مذهبية لخدمة الأجندات «الإسرائيلية» عبر تفتيت المجتمعين السوري والعراقي، وإيجاد شرخ طائفي فيه يقوم على هذا الأساس، وبالتالي هذه تصريحات مفهومة المرامي وتهدف إلى دفع المجموعات الإرهابية المسلحة الموجودة على الساحة العراقية بما حققته من اتساع في نطاق سيطرتها المالية والعسكرية للتورط أكثر في الساحة العراقية بشكل أكبر، ما ينقذ انهيارها في سورية عبر مدها بمزيد من الدعم المادي والعسكري والبشري، ورفدها بقدرات جديدة من البوابة السورية تخفف الضغط عنها في سورية وعرقلة تقدم الجيش السوري بغية تعديل موازين القوى التي ظهرت ملامح تغيراته لمصلحة الجيش السوري.
ولفت دنورة لمحاولة قوى الغرب تفادي صدام تلك المجموعات مع حلفاء الولايات المتحدة الثلاث في المنطقة مستقبلاً، وهم التركي والكردي في كردستان والأردني عبر تركيز انخراط المجموعات المسلحة في الساحة السورية بما يبعدها من حلفائها الثلاثة.
وأشار دنورة إلى محاولات الإشغال الاستراتيجي للعراق التاريخية ومنعه من الانخراط أو التكامل أو الاتحاد مع جاره السوري منذ حلف بغداد ومع خروجه منه جرى إشغاله بانقلابات عسكرية متتالية، ومع ظهور ملامح حكومة مستقرة زج العراق بحرب مع إيران وهذا ما دمر قدرات العراق الاقتصادية عبر ثمان سنوات، لم تترك الولايات المتحدة العراق سوى سنتين يرتاح بها 88 89 حتى زج لغزو الكويت بتشجيع من السفيرة الأميركية، وأعيد إدخاله في دوامة العنف والحصار الاقتصادي. وتابع دنورة اليوم عقب الانتخابات البرلمانية الأولى حين لاحت فرصة الاستقرار للعراق خارج سلطة الاحتلال ومهدت نتائجها لإيجاد سلطة مركزية قوية، كان الخيار الأميركي الخليجي إيجاد حالة انفصالية على أساس طائفي تحقق أهداف ما ينسجم مع المشاريع التقسيمية التي واجهت العراق، التي أعطيت الزخم على الساحة العراقية بعد إفلاسها في سورية، على أمل إعادة إحيائها من البوابة العراقية بعد أن ثبت أن الشعب السوري نبذها، وأثبتت لحمته مع قيادته التي حمت الوحدة الوطنية السورية عبر عقود لإعادة تحقيق الاستقرار في سورية.
وأكد دنورة أن التقسيم الذي تسعى إليه الولايات المتحدة في العراق باستخدام الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش مصيره الفشل، كون المجتمع العراقي عريق في التعايش بين مكوناته المختلفة على مدى التاريخ وبالتالي رهان الغرب فاشل كون الشعب الذي يعد 7000 عام من الحظارة، ليس في وارد تأصيل المفاهيم الغازية من شبه الجزيرة العربية وتركيا، والتي حاول آردوغان بالتعاون مع مشايخ العربان ترسيخها بحرب طائفية عبر تعميم مفاهيم ومصطلحات طائفية حتى ضمن الداخل التركي، على مستوى الشرق الأوسط كنواة لمفهوم الفوضى الخلاقة الذي تسعى واشنطن لنشره من البوابة العراقية بعد فشله في سورية.
لا مصلحة سورية بالتدخل
يستبعد دنورة أي مصلحة سياسية أو عسكرية للدولة والجيش السوري في التدخل في المستنقع العراقي، ولكن من المطلوب تأمين التكامل في ضبط الحدود والتنسيق لمنع انتقال المسلحين عبر طرفي الحدود بين البلدين، من دون أن يعني وجود مشروع سياسي سوري بالتدخل في العراق، فالحالة السورية لا تحتمل التدخل في العراق نظراً لاستنزاف الدولة والجيش السوري على الأراضي السورية، ولدى سورية مشاكلها التي تكفيها فالحكومة السورية في مسعاها لاستعادة ضبط المناطق المتوترة، والقيادة السورية تؤمن بحكمة القيادة العراقية وتعتبر أن أي تدخل في الساحة العراقية سواء أكان سوري أم غيره، لا يخدم الشعب العراقي القادر على تشكيل حكومة مركزية قادرة على استعادة الأمن شرط إنهاء التدخل والدعم الخليجي الإقليمي من الدول الداعمة للإرهاب وإنهاء تبعات الاحتلال الأميركي للعراق الذي دمر بنية الدولة العراقية. واختتم دنورة بالقول: «ما يجري رد فعل على نتائج الانتخابات العراقية والسورية، في مسعى للعبث الأمني في دول سورية والعراق ولبنان لضمان أمن دول الخليج والكيان الصهيوني وضمان مشاغلة حزب الله والجيشين السوري والعراقي بمواجهات جانبية.