همزة وصل

همزة وصل

حروب الغاز .. وأثمانها

نظام مارديني

لم يعد امتلاك السلاح المتطور مصدر قوة اللاعبين الكبار بقدر امتلاكهم مصادر الطاقة الأساسية: حالياً النفط، ومع حلول العام 2030 سيكون الغاز هو الوقود رقم 1، بحسب توقع خبراء الطاقة.

فهل جاءت الحرب العالمية على سورية بسبب مصادر الطاقة؟

نعم، ولعل اللقاء السري الذي جمع الرئيس السوري بشار الأسد في باريس مع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وأمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني في كانون الأول 2010، والذي حاول فيه الثنائي الفرنسي – القطري إقناع الأسد بضرورة مرور الغاز القطري من سورية الى أوروبا بهدف ضرب المشروع الروسي، شكل الدافع للحرب على سورية، خصوصاً بعد رفض الأسد بقوة المشروع التآمري على حليفة دمشق الدولية موسكو.

الصراع على الغاز إذاً، ليس هامشياً بخاصة أن النفط العربي في الخليج سينتهي في يوم من الأيام، فهل بات على الهلال السوري الخصيب دفع استحقاقات حروب الغاز، كما دفع ولا يزال حتى الساعة الكثير في حروب النفط؟

لا شك في أن البيانات التي صدرت العام 2010 عن «الهيئة الأميركية للمسح الجيولوجي»، إشارة إلى مخزون الغاز الطبيعي المكتشف في سواحل الهلال السوري الخصيب. أي تلك المنطقة الواقعة بين أعلى السواحل من لواء اسكندرون المحتل من قبل تركيا وحتى جنوب فلسطين المحتلة وغزة، والذي يقدر بنحو 122 مليار قدم مكعبة، واستناداً للمعهد الأميركي USGS فإن الحوض السوري هو الأكثر ثراء في الغاز عالمياً، والذي قدر بـ 9.7 تريليون م3.

ولعل الجدل الأميركي الروسي الإيراني اليوم حول سورية تحديداً يتضح من خلال المصالح البراغماتية في المنطقة، ذلك أن موسكو أرادت أبداً ودوماً أن تبقي واشنطن خارج الفناء الخلفي لها في آسيا الوسطى، وكان الرد الروسي السريع في الانتشار في البحر المتوسط، وعبر الانتشار العسكري الروسي في الأجواء السورية.

إن خلف الصراع الروسي الأميركي الدولي الذي تفوح منه رائحة الغاز، مشروعان موجهان نحو الفوز بالسوق الأوروبية. المشروع الأول روسي: السيل الشمالي والسيل الجنوبي اللذان يعتمدان على الاحتياطي الهائل للغاز الروسي. أما المشروع الأميركي ـ نابوكو: كان ينطلق من تركمانيا وأذربيجان ويمر عبر تركيا إلى أوروبا في 2017، ولكنه يعاني الآن خللاً بنيوياً، خصوصاً بعد طرح مشروع الأنبوب الإيراني في العام 2011 الذي يمر عبر العراق إلى سورية ولبنان.

من هنا يمكن القول إن أحد أسباب الحرب الدولية على سورية هي السيطرة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وخاصة على موارده الطبيعية وأهمها حقول الغاز.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى