ما قاله بوتين في خطابه… هل يخشى الغرب أن يكشفه انتصاره؟
لؤي خليل
لم يكد ينتهي حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة العشرين حتى بدأت الأصوات السياسية الغربية تتحدث عن الانتصار السياسي الذي بدأ يحققه في وجه الغرب، هذا الخلط للأوراق الذي أبرزه حديث الرجل في أذهان القادة الغربيين بأن المقبل من الأيام سيكشف ما حدثتكم به ليس بلغة السياسة فقط والخطاب، إنما بلغة الحقيقة والواقع الذي سيتكلم عن إبعاد الحرب الدائرة على الأرض السورية وإبعاد انغماس أكثرية هذه الدول في فم الأخطبوط الوهابي، فهل ما حدثهم به هو ما أربك الغرب، هل سباق ما بعد 13 الفرنسي واقع أم مسرحية غربية، لتغطية الخطاب وأبعاده المستقبلية؟
فالليل الباريسي الحافل الذي لم يستفق بعد عليه هولاند ليبدأ الدعاية الخطابية ويحرك بوارجه، يظهر للعلن أن الرجل الباريسي استفاق ربما أو تقصد الاستفاقة الظاهرية التي تطمس كثيراً من حقائق وتساؤلات تبدأ لماذا باريس، لماذا في هذا التوقيت السياسي الأميركي والغربي؟
هذه التساؤلات وغيرها والانفتاحة الباريسية على موسكو لربما لن تكون أبعد مما تحدثت به في البداية، وهو الفكر الشعبي الغربي وقربه من صراحة الخطاب الروسي وحقائق ما بعد الخطاب والضربات الروسية، والسؤال الأوضح… هل احتاج هولاند والغرب الى حدث إعلامي يفوق حجم تورّطهم في أيدي العبث الوهابي الداعشي لقلب النظام في سورية؟
فالقوة التي أبرزها خطاب الرئيس الروسي هي واضحة وضوح مشاركته ووضوح صواريخه العابرة للأجواء الغربية، إن ما كان يخشاه الغرب منذ الحرب العالمية الثانية يتحقق أمام أعينهم، وكل هذا والغرب مستمرّ في إدارة السخافات والمغامرات الأميركية التي اعتادت أن تقحم الساسة الغربيين في حروب البدائل، فالتورّط السابق لإنشاء «القاعدة» وفروعها في أفغانستان وغيرها لمحاربة الروسي قد يكشف أوراقاً واضحة أكثر من تصريح الوزيرة كلينتون عن «القاعدة» آنذاك بأن «من تحاربهم أميركا الآن هم من كانت تحاربهم في أفغانستان وهي من قامت بتأسيسهم «فالتاريخ لا يغضّ الطرف عن أخطاء القادة الغربيين التي تتكشف يوماً بعد يوم، فـ»داعش» الأميركي الذي أبرزه الغرب كمعتدل أحياناً و»النصرة» أحياناً ومعارضة أحياناً هي مصطلحات تجاوزها الروسي وربما دقق وثائقها بقوة وأرسلها الى دفاتر التاريخ الغربي ليشهد على حجم انخراطهم في عمق الحرب الدائرة على الأرض السورية مع آلاتهم الخليجية.
فالمرحلة المقبلة ستشهد المرحلة الاستراتيجية الثانية من الحرب ضدّ «داعش» و»النصرة» والتنظيمات الإرهابية كافة المتأسلمة خليجياً، بتنسيق إيراني ـ روسي ـ سوري مدعوم بدول بريكس الرسالة التي سيفهمها الغرب كإنهاء للمشروع القاعدي الوهابي السعودي الأميركي، فما تحاول أميركا والسعودية بناءه كمشروع شرق أوسطي جديد متأسلم وهابياً كقاعدة جديدة للانطلاق ضدّ إيران وروسيا وغيرها من بلدان الحلف، قد سبقهم الى فهمه وتدقيقه الأصدقاء الروس والصينيون.
هذا ما دفع الغرب الغارق في أزقة الإرهاب التكفيري والمنغمس في تفاصيل الوهابية السعودية للدفع بالتعاون مع الروسي تحت حجة الثالث عشر الفرنسي، فالتعاون والمشاركة الفرنسية من عدمها جميعها صكوك براءة يسعى الأوروبي للحصول عليها بعيداً عن المستنقع الوهابي الذي تحاول السعودية وقطر الدفع به.
فالاستراتيجية الروسية الجديدة وأوراق الاعتماد وتصريحات البراءة التي أصبحت في لسان ويد بوتين، جعلت من الغرب يهرول الى تحالف الضرورة ضد فرع معيّن من الإرهاب في سورية أي، داعش، واهماً الأوروبي بأنه سيقوم بخداع الروسي مرة جديدة عبر الفصل بين قضايا السياسة والحرب ضد داعش، فالروسي وحلفاؤه مثلما انتظروا رسائل القيادة السورية ونسقوا معها للتدخل في لحظات الحسم، على الأوروبي أن يفهم أن جميع صكوك البراءة ستمرّ بيد القيادة السورية وحلفائها، لأن من انغمس في دماء الشعب السوري الى آخر قوته يعلم جيداً أن لدى موسكو ودمشق ما لم يطلعهم به بوتين في قمة العشرين.
فالخلاف الذي يبرزه الغرب والأميركيون مع التحالف الروسي وربطه بقضية سياسية تتعلق بمستقبل القيادة السورية، أمور تتعلق بالبعد الاستراتيجي للحرب على محور المقاومة، والهروب الى الإمام خوفاً من إبعاد الانتصار الروسي ـ السوري الذي سيضع بين أيدي القيادتين أوراق خسائر الأميركي والغرب. والأيام المقبلة ستكشف أجوبة الخوف الفرنسي والتخبط والشماعة التي يحاول تعليق مشاكله وربما يخوض غمار حرب طويلة ضد القيادة السورية، بحثاً عن مخرج فقط يسقط أي نتائج للانتصار الروسي السوري.
لنرى ما ستحمله الأيام المقبلة من صحوة قد يقدم عليها الشعب في دول الاتحاد الأوروبي، أم سيستمرّ بعداً عن الحقيقة خلف قادته ومصالحهم، وما قد ينتج من انتصارات الغد القريب التي ستكشف ما قاله الرئيس بوتين وما قد يتكشف من أسرار الحرب أكثر بين أسطره في ما يحمله نصره.