سعيد فخر الدين… بطل الاستقلال برتبة شهيد
يوسف الصايغ
هنا عين عنوب، وهنا سنديانتها الشاهدة على شهيد الاستقلال الأوحد، هنا تصدّى سعيد فخر الدين قبل اثنين وسبعين عاماً لقوات الاحتلال الفرنسي التي كانت تحاول أن تتقدّم الى بيت الإستقلال في بشامون، وعندما عجز المحتلّ عن تحقيق هدفه أطلق رصاصه الغادر باتجاه سعيد، فتعمّد التراب بدمه وارتوت السنديانة بعبق الشهادة.
منفذية الغرب في الحزب السوري القومي الاجتماعي، وتأكيداً على افتخارها واعتزازها بشهيد الاستقلال، زارت النصب التذكاري للشهيد سعيد فخر الدين ووضعت إكليلاً من الورد، وللمناسبة كانت كلمة للمندوب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي في جبل لبنان الجنوبي حسام العسراوي أكد فيها «أنّ سعيد فخر الدين هو ليس فقط شهيد بلدة عين عنوب بل شهيد كلّ لبنان، وعندما يفاخر القوميون الاجتماعيون بسعيد فخر الدين، فهو تأكيد منهم على انتمائهم الى المدرسة التي خرّجت سعيد فخر الدين وباقي الشهداء القوميين الاجتماعيين».
بعد اثنين وسبعين عاماً على استشهاد فخر الدين الذي منح لبنان استقلاله، تحيي الدولة عيد الاستقلال عبر نغمة على الهاتف، وتتجاهل شهيد وجودها الذي منحها الشرعية بدمه، وتبخل عليه بزيارة الى نصبه التذكاري ووضع زيارة هذا النصب على اللائحة الرسمية للمراسم الخاصة بعيد الاستقلال.
ولعلّ المفارقة التي تسجل أنه وبينما رأينا صخرة الروشة تضاء قبل أيام بعلم دولة الانتداب الفرنسي الذي نحتفل بطردنا لقواتها المحتلة من بلادنا لننال استقلالنا، نجد أنّ شهيد هذا الاستقلال لا زال غائباً عن ذاكرة هذه الدولة التي تطلق أسماء قادة الاحتلال العسكريين على شوارع العاصمة، حتى بعض العملاء باتت لهم شوارع تحمل أسماءهم، بينما سعيد فخر الدين مغيّب وكتاب التاريخ الوطني، لا يأتي على ذكر اسم بطل الاستقلال رغم أنه يحمل صفة البطولة برتبة شهيد.
اسمه سعيد فخر الدين… وهو سوري قومي اجتماعي
في سياق الاعتراف بموقف سعيد فخر الدين البطولي وقف مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط عام 1969 في مجلس النواب اللبناني سائلاً: «لمَ التبجح؟ اسمه سعيد فخر الدين وهو سوري قومي اجتماعي، وكان شهيد الاستقلال الوحيد».
كما أصدر وزير الدفاع الوطني آنذاك مجيد أرسلان البلاغ رقم واحد جاء فيه: هاجمت قوات إفرنسية مسلحة مركز الحكومة الشرعية في بشامون مساء الاثنين في 15 تشرين الثاني 1943 فردّتها وحدات الحرس الوطني دون خسائر في النفوس.
وتابع البلاغ: «في صباح اليوم الثاني شنّت القوات الفرنسية هجوماً عنيفاً على المركز المذكور فردّت على أعقابها أربع مرات متوالية حتى الساعة الثالثة بعد الظهر وسقط بعض القتلى والجرحى من الجنود السنغاليين وفقدنا شهيداً واحداً يُدعى سعيد فخر الدين من عين عنوب».
من جهته وبناء على الدستور اللبناني وعلى قرار مجلس الوزراء المتخذ في 20 تشرين الثاني سنة 1945، أصدر رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك بشارة الخوري مرسوماً يقضي بمنح الشهيد سعيد فخر الدين ميدالية الجهاد الوطني.