ما الخيانة؟
يوسف موصلي
الخيانة عامة هي الخروج على العلاقة، سواء كان أساسها الحب العاطفي أو المبدأ العقلاني. والعلاقة الأعظم هي ما يجمع كلا الأساسين، فيكون الخروج عليهما معاً الخيانة الأعظم. وبناء على ذلك كله، لا وجود للخيانة من دون وجود للعلاقة، سواء كانت العلاقة شاملة أو نوعاً جزئياً من العلاقات.
العلاقة العاطفية الشخصية هي مجموعة من العلاقات الجسدية والروحية والفكرية والعائلية وغير ذلك، فهل إذا مارس أحد طرفي العلاقة علاقة خارجية جزئية غير موجودة أصلاً في علاقته الأساسية نعتبره خائناً؟ أو أن فعله هذا هو النتيجة الطبيعية للفراغ الحاصل في علاقته على قاعدة أن الطبيعة تكره الفراغ؟ ماذا عن الانسان الملتزم تماماً بسلوكه مع الشريك لكن فكره يجنح أحياناً الى مكان آخر؟، ماذا عن شريكين ينقصهما التواصل الفكري فيرتفع بينهما على مر الوقت حاجز من الإسمنت الصلب، فاصلاً مسارهما المشترك حتى يصبح لكل منهما طريقه المنفرد؟
الإشكالية في هذا الموضوع أنه يمس الجوهر العاطفي الحساس لدى كل إنسان، فيصعب عليه الحكم على ما يعيشه بموضوعية كافية،ويبتعد عن تحكيم العقل في مسائل مماثلة، فتنجرف عواطفه مثل كرة من الثلج يصبح شبه مستحيل إيقافها عن تدمير العلاقة.
وقد يكون العامل الأكثر مساهمة في هذه الإشكالية هو الانتظارات المسبقة، كأن تتعلم الفتاة منذ صغرها أن الجنس واجب زوجي ولا مكان للمتعة فيه، ما يشرّع على نحو غير مباشر للزوج في نظرها ممارسة هذا الجانب خارج العلاقة بشكل طبيعي، أو أن ينتظر الزوج من زوجته وفاء كاملاً غير مشروط، بغض النظر عن مدى التزامه هو بالعلاقة، كون نظرته هذه نظرة مجتمع تعتمد على اختلال التوازن بين الرجل والمرأة لصالحه.
لست هنا للحكم في ما هو خطأ من صواب، فذلك أمر شديد النسبية وشخصيّ، بيد أنّي أوصّف واقعاً اجتماعياً موجوداً، ولا أطمح سوى إلى التنبيه من أن لكل خيار مسؤوليته، وهذه المسؤولية لا تعترف برغبات وانتظارات، إنما هي واقعية ممتدة من المنطق السليم وقانون الطبيعة.
كذا، يحق لكل انسان أن يتمنى ما يرغب ويعمل على تحقيقه، طالما أنه يراعي واقعه وواقع شريكه، وانتظارات كل منهما وقدراته على التأقلم أو التغيير. وليست هنالك من وصفة سحرية للحل، إنما هو طريق حياة مستمر، ومسيرة استراتيجية الطابع لا تنضج فيها الحلول الاّ بالأهداف الواضحة والنيات السليمة، والأهم من ذلك كله قوة الإرادة، فالانتصار ولو على جزء لا بأس به من المشاكل، كي لا نكون أفلاطونيين، ينسحب على مجالات أخرى من الحياة، كون الحياة الشخصية هي أساس الراحة والسعادة لكل منّا، ما يمكّننا من تحقيق أهدافنا الكبيرة الأخرى.