سؤال من لقاءات الحريري مع كيري وفابيوس هل يعجّل وصول «داعش» إلى لبنان بانتخاب رئيس؟
يوسف المصري ـ خاص
لقاء وزير الخارجية الأميركية جون كيري بالرئيس سعد الحريري، ومن قبله لقائه بوزير الخارجية الفرنسي فابيوس، هما لقاءان غير منفصلين عن اتجاه دولي مستعجل لاستدراك الأمن المتدهور في المنطقة نحو الفوضى، نتيجة التطور الداعشي في العراق المتصلة امتداداته بخلق وقائع جديدة على الحدود السورية والأردنية والإيرانية. وضمن هذا السياق عينه تدرج مصادر ديبلوماسية اللقاء الذي أجراه أمس الوزير جبران باسيل مع سفراء الدول الكبرى، إضافة إلى لقاء ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في بيروت مع الجنرال ميشال عون، ولقاءات تباحث للسفير الأميركي في لبنان مع الرئيس نبيه بري وشخصيات أخرى ظلت من دون إعلان عنها.
وأهمية هذه الاتصالات الدولية أنها تعبّر عن قلق تجاه الوضع في لبنان، وأنها من ناحية أخرى تحاول إيجاد موقع له ضمن الحالة الإقليمية العامة، بعدما كان الاتجاه الدولي يكتفي بإبقائه في «ثلاجة» الانتظار، والاكتفاء بتخدير مشاكله لمنعها من الانفجار، وذلك إلى حين تظهير صورة الحلول لمشاكل المنطقة.
وتقول المصادر عينها إنّ الدول الكبرى تتجه إلى صياغة مقاربة مستجدة للوضع في لبنان، تتسم بأنها لا يمكن وصفها بالمقاربة الجديدة، ذلك أنها لا تشتمل على رؤية جذرية بل على استدراك علاجات موقتة للمشاكل التي لا تستطيع الانتظار وأبرز هذه المشاكل هي ملف احتواء قضية النازحين وملف تعزيز إمكانات مكافحة الإرهاب.
وتتوقع هذه المصادر أنّ فتح هذين الملفين دولياً بشيء من الجدية، بسبب تطورات العراق، وبسبب الخشية من أن يشكلا فتيلاً صالحاً لإشعال شرارة الفوضى في لبنان، قد يتيح فرصة تسمح بمناسبة التوجه لمعالجتهما، بطرح موضوع الاستحقاق الرئاسي على بساط البحث الدولي.
وبرأي هذه المصادر فإنّ الوضع في لبنان يتجه الآن من منظار دولي للتشابه مع الوضع الذي نشأ قبيل انتخاب الرئيس ميشال سليمان، حيث أن ذهاب البلد آنذاك إلى حالة أمنية خطرة تلت استعصاء الخلاف السياسي، قاد إلى تفاهم الدوحة الذي نص على إيصال قائد الجيش ميشال سليمان إلى قصر بعبدا، فيما تسونامي التفجيرات التي تضرب لبنان منذ عدة أيام قد تلعب في عام 2014 نفس وظيفة 7 أيار عام 2008 لجهة أن تشكل رافعة لإيصال شخصية تناسب مواصفات ظروف البلد الأمنية الراهنة، إلى رئاسة الجمهورية.
والمعلومة الأساسية السائدة الآن لدى محافل ديبلوماسية والمعززة للتوقع الآنف، تفيد أن كلاً من باريس وواشنطن، توصلتا إلى استنتاج بأنّ أمن لبنان يقترب من الانفجار نتيجة تضافر ثلاثة عوامل: الأول ارتفاع منسوب الصراع الإقليمي المذهبي في المنطقة. الثاني تعاظم التداخل في لبنان بين العاملين الاجتماعي المتضخم بالنزوح السوري والاقتصادي المتردّي بالمشاكل الداخلية من جهة، والعامل الأمني المفتوح على احتمالات استيراد الارهاب من جهة ثانية، في هذه الجزئية يمكن لعامل النزوح السوري في حال استمرار وتيرة التعامل معه من دون خطة ممولة دولياً، دور صاعق التفجير المركزي في قلب هذه المعادلة المثلثة الأضلاع. الثالث وصول داعش فعلياً إلى الساحة اللبنانية، بحيث من المرشح أن تتقدّم فوقها لتصبح طرفاً داخلياً ولو غير مرئي ولكنه ظاهر الحضور.
والسؤال الدولي الذي تسرّبت عنه أجواء إلى بعض المحافل السياسية في بيروت خلال الأيام الأخيرة، هو هل تبدأ الجولة الثانية من الاتجاه الدولي لتحصين الحدّ الأدنى من الاستقرار اللبناني، بإبرام تسوية انتخاب رئيس جمهورية تسمح بالذهاب لانتخابات نيابية مبكرة ثم حكومة وحدة وطنية كتلك التي نشأت بعد الطائف أي حكومة تجمع الجميع برئاسة تمام سلام كون عودة الحريري إلى لبنان، مرهونة ليس بتفاهم سعودي إيراني فقط، بل بتسوية بينهما تشتمل على اتفاق حول سورية.
وبحسب هذه المعلومات فإنّ واشنطن تعرف ماذا تريد من رئيس الجمهورية العتيد في هذه المرحلة وهو أن لا يجرّها إلى اشتباك لبناني، لأنها بغنى عن مشاكل إضافية في الشرق الاوسط. والمطلوب أميركياً رئيس تشتري به الوقت الإقليمي الصعب في لبنان وتستطيع التنسيق معه في مجال مكافحة الإرهاب في المشرق.
أما باريس فتريد رئيساً يسهّل مشروع الثلاثة مليار دولار التي رصدتها السعودية كثمن لصفقة السلاح الفرنسية للجيش اللبناني.
وتشكك هذه المصادر بأن تكون الرياض أعطت موافقتها على هذا الحلّ، لكنها تؤكد أنّ الكويت هي الدولة المنوط بها تمويل كلفة الاستقرار في لبنان خلال المرحلة المقبلة، ووفق صيغة استدراك الوضع التي وضعتها واشنطن ومن ورائها باريس، وتنطلق منذ أيام الاتصالات الدولية مع مسؤولين لبنانيين من أجل وضعها على سكة التنفيذ…
هل ينجح هذا المسعى أم أنّ الوضع الإقليمي المعقد المتسم بالصراع في العراق وعليه، سيعطلها؟
وبانتظار أن تجيب الأيام المقبلة عن هذا السؤال، فإنّ مصادر لبنانية مطلعة تؤكد أنّ واشنطن مستمرة في تقديم الدعم السياسي والاستخباراتي المطلوب لدعم الحدّ الأدنى من الاستقرار في لبنان وجبه الإرهاب فوق ساحته. ومضمون هذا الموقف المستمرّ حتى الآن، كان تمّ إبلاغه إلى قائد الجيش العماد جان قهوجي قبل أحداث العراق خلال زيارة مسؤول عسكري أميركي إلى اليرزة.