هولاند يصل إلى موسكو اليوم بالتزامن مع زيارة المعلم
أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم وجود تنسيق كامل بين سورية وروسيا في كل ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن ما قام به سلاح الطيران الروسي خلال أقل من شهرين ضد الإرهاب يعادل مئة ضعف ما فعلته الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده خلال 18 شهراً.
وقال المعلم خلال لقائه رئيس مجلس الدوما الروسي سيرغي ناريشكين في موسكو أمس، إن الجهد الروسي السوري المشترك في القضاء على «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية أغضب القيادة التركية فارتكبت عدواناً سافراً موصوفاً على السيادة السورية بإسقاط الطائرة الروسية فوق الأراضي السورية.
وأكد المعلم أن «هذا تصرف غير مستغرب من قبل حكومة رجب أردوغان التي ما زالت تتآمر على سورية منذ خمس سنوات لأسباب عقائدية تنطلق من فكر الإخوان المسلمين التكفيري».
وتتزامن زيارة وزير الخارجية السوري الى موسكو مع زيارة مرتقبة اليوم للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى العاصمة الروسية، يلتقي خلالها الرئيس بوتين ويبحث معه مسائل التصدي للخطر الإرهابي، بما في ذلك التنسيق في محاربة تنظيم «داعش» وحزمة من المواضيع المهمة الأخرى على الأجندة الدولية، بحسب الكرملين.
الى ذلك، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس إن بلاده لا تريد تصعيد الموقف بعد أن أسقطت مقاتلة روسية، مضيفاً أن تركيا تصرفت دفاعاً عن أمنها وعن «حقوق أشقائنا» في سورية. بحسب قوله.
وأضاف الرئيس التركي في كلمة أمام اجتماع للأعمال في اسطنبول أنه تم إطلاق النار على الطائرة بينما كانت في المجال الجوي التركي وأنها تحطمت داخل سورية لكن بعض أجزائها سقطت في تركيا وأصابت تركيين.
من جهته، تعهد الرئيس فلاديمير بوتين بأن تتعاطى روسيا بأقصى درجات الجدية، على خلفية حادث استهداف قاذفتها، وتسخر كل السبل المتاحة لديها للدفاع عن أمنها.
وقال: «ففي ما يتعلق بأمن طيراننا خلال عمليتنا الجوية في سورية، أرى أن الإجراءات التي أعلناها البارحة غير كافية، وبحثت الأمر منذ الصباح مع القادة المعنيين في وزارة الدفاع. قررنا نصب منظومة «اس-300» للدفاع الجوي في قاعدتنا الجوية في سورية، وآمل ألا تقتصر إجراءاتنا على هذه الخطوة فحسب، بما يخدم ضمان سلامة تحليق طائراتنا»، مضيفاً: «أريد التأكيد في هذه المناسبة أننا سنتعامل بجدية مطلقة مع الحادث، وسوف نسخر جميع طاقاتنا لضمان أمننا».
وفي معرض التعليق على ممارسات الإدارة التركية التي خلصت إلى استهداف القاذفة الروسية، اعتبر أنها تعكف بشكل هادف على تعزيز التيار الإسلامي المتطرف في بلادها. وقال: «المشكلة لا تكمن في المأساة التي وقعت يوم أمس»، في إشارة إلى حادث استهداف الطائرة الحربية الروسية، «بل هي أعمق من ذلك بكثير. نحن شاهدون، ولسنا بمفردنا، بل العالم بأسره شاهد على ذلك. القيادة التركية الحالية، تنتهج طوال سنين، وبشكل هادف سياسة داخلية لأسلمة بلادها، ودعم التيار الإسلامي» المتطرف فيها.
وشدد الرئيس بوتين على أن الإسلام دين عالمي عظيم، وأضاف: «نحن أنفسنا نعكف على دعم الإسلام ولن نتوقف عن ذلك، إلا أن الأمر الذي أعنيه يتعلق بدعم التيار الراديكالي، وهو الأمر الذي يخلق في حد ذاته وسطاً، وأجواء غير ملائمة لا تظهر للوهلة الأولى».
وفي سياق التعليق على السياح الروس الموجودين في تركيا حذر الرئيس بوتين من خطر جسيم قد يتهددهم على خلفية التطورات الأخيرة، وأضاف: «بعد الحادث الذي وقع يوم أمس، لم يعد بوسعنا استثناء تكرار أي حادث آخر، إلا أننا لن نتوانى عن الرد في مثل هذه الحالة. مواطنونا الموجودون في تركيا قد يتعرضون لخطر كبير، ووزارة خارجيتنا ملزمة بالتنبيه إلى ذلك».
وعبر عن تأييده قرار وزارة الخارجية التي أوصت المواطنين الروس بالامتناع عن زيارة تركيا في الوقت الراهن، وقال: «هذا إجراء ملزم على خلفية حادث إسقاط طائرتنا المأساوي ومقتل طيارنا، والخارجية بدورها تبنت قراراً صائباً حينما حذرت المواطنين من الخطر».
جاء ذلك في وقت أعلن طيار «سو- 24»، الذي تم إنقاذه بعملية كوماندوس خلف خطوط المسلحين، أن المقاتلات التركية لم تحذر طاقم الطائرة الروسية بأنهم اخترقوا المجال الجوي.
وقال: «في الواقع لم يكن هناك أي تحذيرات. لا عبر اللاسلكي ولا بصرياً هناك فرق في السرعة بين القاذفة والمقاتلة «ف 16»، لو أرادوا تحذيرنا لقامت «ف 16» بإظهار نفسها… هذا لم يحدث. والصاروخ ضرب ذنب الطائرة بشكل مفاجئ».
الى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية نجاح عملية إنقاذ ملاح الطائرة الحربية الروسية، في الوقت الذي صادق فيه الرئيس الروسي على نشر منظومة إس-400 في قاعدة حميميم.
وأوضح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن ملاح الطائرة الذي تم إنقاذه خلال عملية مشتركة أجرتها القوات الروسية والسورية الخاصة لإنقاذ، حي يرزق، وتم نقله إلى قاعدة «حميميم».
وكشف الوزير في بداية اجتماع للهيئة القيادية في وزارة الدفاع الروسية أمس، أن العملية استمرت لـ12 ساعة، وأعرب عن شكره لجميع العسكريين الذين عرضوا حياتهم للخطر وعملوا طوال الليل لإنقاذ رفيقهم. وقال إن عملية الإنقاذ أنجزت أمس في الساعة 03:40 بتوقيت موسكو.
من جانب آخر، أكد دميتري بيسكوف الناطق الصحافي باسم الرئيس الروسي أن بوتين وافق على اقتراح وزارة الدفاع لنشر منظومة «إس-400» وهي أحدث نظام روسي للدفاع الجوي، في قاعدة «حميميم».
وكشف بيسكوف أن بوتين لم يبحث موضوع نشر «إس-400» في سورية مع زعماء دول حلف الناتو. وشدد على أن العملية الروسية لمكافحة الإرهاب في سورية مستمرة.
وفي وقت سابق، أعلن وزير الدفاع الروسي نشر منظومة «إس-400» المضادة للجو في سورية، وذلك بعد حادثة إسقاط الطائرة الحربية الروسية بصاروخ تركي.
كما وصف شويغو الهجوم على الطائرة الحربية الروسية بأنه حادث استثنائي، مشدداً على أن موسكو لن تتجاهل في المستقبل مثل هذه الحوادث.
وأكد أن الطراد الصاروخي موسكو وصل إلى منطقة تمركز جديدة قبالة سواحل اللاذقية، مضيفاً أن الطراد مستعد لتدمير أي هدف جوي من المحتمل أن يشكل خطراً على مجموعة الطائرات الروسية في سورية، مضيفاً أن جميع عمليات الطيران الضارب الروسي في سورية من الآن فصاعداً ستنفذ بغطاء من قبل المقاتلات الروسية.
من ناحيته، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن هناك مؤشرات تدل على الطابع المتعمد لحادثة إسقاط قاذفة القنابل الروسية من قبل سلاح الجو التركي، مضيفاً أنه عمل استفزاز مخطط له، وقال: «لدينا شكوك كبيرة في كون الحادث كان يحمل طابعاً غير متعمد، بل هو يشبه استفزازاً مخططاً له على درجة كبيرة».
وكشف لافروف أن نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو اتصل به أمس هاتفياً وقدم التعزية في مقتل العسكريين الروسيين وأعرب عن أسفه لما حدث، لكنه حاول تبرير ما ارتكبه سلاح الجو التركي، وقال: «إننا كنا ننتظر إيضاحات من الجانب التركي أمس وعلى مستوى أعلى، ولكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً».
وأوضح لافروف أن نظيره التركي حاول تبرير الهجوم على القاذفة الروسية بأن سلاح الجو التركي لم يكن يعرف تبعيتها، وادعى بأنها اخترقت الأجواء التركية لمدة 17 ثانية، مؤكداً أن وسائل المراقبة الإلكترونية الروسية تظهر بوضوح أن الطائرة الحربية الروسية لم تخترق الأجواء التركية. وشدد على أنه حتى في حال دخلت طائرة حربية أجنبية فعلاً في أجواء دولة لمثل هذه الفترة القصيرة، فإن إطلاق النار عليها وهي فوق أراضي دولة مجاورة، أمر غير مقبول.
وأضاف الوزير الروسي إن موسكو لا تريد حرباً مع تركيا، لكن على الأخيرة أن تدرك أن الهجمات على غرار استهداف القاذفة الروسية مرفوضة تماماً، وذكر أن سلاح الجو التركي نفسه يخرق أجواء جيران تركيا باستمرار، لكن ذلك لا يؤدي إلى أي حوادث من هذا القبيل.
وأوضح لافروف أنه ليس سراً على أحد أن الإرهابيين يستخدمون الأراضي التركية لإعداد هجماتهم في سورية وأعمال إرهابية في مختلف الدول، وقال: «على خلفية حادثة أمس يبدو لنا الوضع حول اتجار «داعش» للنفط وقطاع الإنتاج النفطي غير الشرعي الذي أقامه عناصر التنظيم في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، يبدو تحت ضوء مختلف، وذلك لأن حادثة أمس جاءت بعد أن بدأت طائرتنا في سورية توجيه ضربات دقيقة إلى صهاريج تنقل النفط وإلى حقول نفطية».
ولفت الوزير الروسي أن المنطقة التي عملت فيها القاذفة الروسية والتي تقول أنقرة إن سكانها من التركمان، تعدّ معقلاً لآلاف المتطرفين من حاملي الجنسية الروسية، بالإضافة إلى ما أقيم في أراضيها من مخازن الأسلحة والذخيرة ومراكز القيادة ومرافق الإمداد للإرهابيين.
وقال إنه سأل نظيره التركي: «هل يدل اهتمام أنقرة بهذه المنطقة بالذات، بما في ذلك اقتراحاتها حول إقامة منطقة عازلة، على أنها تسعى لحماية هذه البنية التحتية للإرهابيين والحيلولة دون تدميرها؟». لكن الوزير تشاوش أوغلو امتنع عن الإجابة على هذا السؤال أيضاً.
وفي السياق، نفت وزارة الخارجية الروسية ما نقلته نظيرتها التركية عن موافقة الوزير لافروف على لقاء نظيره تشاوش أوغلو قريباً.
وقالت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم الوزارة: «تدل مثل هذه التصريحات لوزارة الخارجية التركية على أنه ليس لديها أدنى تصور حول الأدب والاحترام، كما أنها تظهر مدى نزاهة التصريحات التي نسمعها من أنقرة».
وقال لافروف نفسه إنه لا خطط للجانب الروسي لزيارة تركيا أو استقبال مسؤولين أتراك في الأراضي الروسية.
وأكد لافروف أن موسكو مستعدة لدراسة اقتراح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حول إغلاق الحدود التركية-السورية بصورة جادة، وقال: «إنني آمل في أن الرئيس هولاند سيكشف لنا عن تفاصيل اقتراحه هذا خلال لقائه المخطط له مع بوتين يوم الخميس . إننا مستعدون للنظر في الإجراءات الضرورية لذلك إغلاق الحدود بصورة جادة».
أما بخصوص المسار السياسي للأزمة السورية، فاعتبر لافروف أن استمرار لقاءات فيينا في الظروف الحالية سابق لأوانه، حتى يتم التوصل الى اتفاق حول تشكيلة وفد المعارضة السورية، وتحديد قائمة المجموعات الإرهابية وقنوات تمويلها ودعمها.
وبين أنه «مع كل أهمية عملية فيينا فإنه من المشكوك جداً استمرار اللقاءات بهذه الصيغة حتى يتم تنفيذ قرار اللقاء الأخير حول التوصل الى اتفاق على تشكيلة وفد المعارضة للمفاوضات مع الحكومة، وكذلك وضع قائمة موحدة للمنظمات الإرهابية».
ميدانياً، تمكنت قوات المشاة في الجيش السوري مع قواته الرديفة، من التقدم في أحياء غوطة دمشق الشرقية، بعد معارك عنيفة مع مسلحي «النصرة» و»جيش الإسلام»، وسيطرت على طريق مرج السلطان- حوش النولة.
وأكد مصدر عسكري سيطرة الجيش على شوارع وكتل سكنية مهمة في مدخل بلدة «مرج السلطان»، وأن اشتباكات شرسة، حصلت في تلك الأحياء، مشيراً إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى في صفوف الإرهابيين في تلك المناطق.