عندما يقع أردوغان ويفكّ رقبته

ناصر قنديل

– توهّم الرئيس التركي رجب أردوغان ورئيس وزرائه داوود أوغلو أنهما أصابا مقتلاً من روسيا ورئيسها بالاستفزاز المبرمج الذي ترتّب عليه إسقاط طائرة روسية، جرحت مهابة الدولة العظمى التي تتصدّى لمهمة تصفية الإرهاب في سورية على الطريقة التي دخلت الحرب العالمية الثانية لتعليم الغرب دروساً في كيفية التخلص من النازية، من ستالينغراد حتى دخول برلين.

– ما فعله أردوغان يشبه ما فعله رئيس حلفه الرئيس الأميركي باراك أوباما، لكن بطريقة أخرى، فأوباما أعلن الحرب على «داعش» التي كانت مولوداً من نسل «القاعدة» التي استولدها الأميركي في الثمانينيات على يد مستشار الأمن القومي زبيغنيو برجينسكي برعاية سعودية، ثم قاتلها في العراق واستنسخ من نسلها «جبهة النصرة» على يد الجنرال ديفيد بترايوس، و«داعش» المولود الثاني من نسل «القاعدة»، لكن بلا رحم، بل في الحاضنة التركية، صار سبباً لإعلان الحرب التي برّرت لأوباما الحضور العسكري على خط الحرب في سورية، بعدما اضطرت أساطيله للانسحاب والاعتراف بالفشل في نشر قوات بذريعة السلاح الكيميائي أو تغيير النظام في سورية.

– جاء أردوغان يخوض التجربة بطريقته ليقول إنه قادر على انتزاع المنطقة العازلة ووضع قدمه في المفاوضات المقبلة حول سورية، من بوابة تحدّي القوات الروسية وفرض تراجع حركة طيرانها عن الحدود الشمالية لسورية لتفادي تكرار الاشتباك الذي خاضته تركيا وأسقطت بحصيلته الطائرة الروسية.

– الذريعة العلنية لأوباما كانت الحرب على «داعش»، وبعد سنة من الإعلان كانت النتيجة الفشل الذريع، وجاء الرئيس بوتين ليقول حسناً فشلتم والحرب قضية إنسانية عالمية، وتحالفكم المغلق بشروطه والمناقض للقوانين الدولية، لا يلبّي رؤيتنا ويعجز عن دخول حرب برية تقولون ونقول إنه بدونها لا نصر في هذه الحرب، فلكم حلفكم ولنا حلفنا، وحلفنا بالتنسيق مع حكومة البلد المعني ومعها جيش برّ يُعتدّ به وبقدراته وحلفاء لا يهابون القتال ولن نتوقف عند حربكم المحدودة على «داعش» بل ستكون حرباً شعواء على كلّ صنوف الإرهاب وفقاً لتعريفات القانون الدولي، فصار التذاكي الذي أراده أوباما سبباً للتقدّم على روسيا في المنطقة وسورية تحديداً، سبباً عكسياً وضع روسيا في المقدّمة وجعلها صاحبة الملف السوري دولياً بقوة دورها في الحرب على الإرهاب التي اخترعها أوباما.

– ذريعة أردوغان المعلنة للاشتباك مع روسيا هي انتهاك المجال الجوي التركي، وسقف ما حصل عليه من حلفائه بيانات تقول بحقه في حماية المجال الجوي لبلده، ويقول الرئيس بوتين اليوم فليضع أردوغان مجاله الجوي في الماء ويشرب نقيعه، فلن يستطيع استخدام الذريعة مرة أخرى، وحساب الطائرة وطيارها المغدور سيبقى مفتوحاً، لكن نحن نعلم وهو يعلم أنه يريد حماية الجماعات المسلحة التابعة له على الحدود، وخصوصاً في جبل التركمان، ولا يجرؤ على قول ذلك، والسوخوي محمية بشبكات دفاع جوي وطائرات حماية تقوم منذ سقوط الطائرة بتمهيد الأرض ليتقدّم الجيش السوري وحلفائه لسحق الجماعات التي يهمّ تركيا أمرها، خصوصاً تنظيف جبل التركمان من أيّ وجود تابع لتركيا واستخباراتها، وذلك قد بدأ وسيتواصل دون تردّد حتى النهاية الكاملة وبلوغ خط الحدود التركية السورية، فماذا عسى أردوغان أن يفعل؟

– وقع أردوغان وسيفكّ رقبته.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى