آراء ورؤى متقاطعة لمسؤولي «الشباب والرياضة» في الأحزاب اللبنانية الحلّ في وحدة المجتمع… المواطنية أساس لبناء مجتمع رياضي سليم
إبراهيم وزنه
مشتبه من يظنّ بأن الرياضة في بلدنا منزّهة عن التسويات أو بعيدة عن الخلافات، فالمعنيون بها ـ وللأسف ـ غارقون في مستنقع المصالح المتبادلة ودائماً على قاعدة «اعطيني لأعطيك»، وما زاد في غرابة المشهد الرياضي الذي من المفترض أن يكون نظيفاً، تخصيص مواقع رياضية مسؤولة في غالبية الأحزاب والتيّارات اللبنانية، «سياسة ورياضة» في مكان واحد! نعم، لا تعجبوا إن كثرت الإشكالات والمناكفات، وهذا ما سئمنا سماعه ولمسنا نتائجه من وقت إلى آخر، وخصوصاً في عملية تشكيل الاتحادات أو عند انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية اللبنانية.
ثلاثة أسئلة، طرحناها على عدد من مسؤولي المواقع الرياضية الأولى في الأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية، وهم: بيار كاخيا القوات اللبنانية ، جهاد سلامة التيار الوطني الحر ، جهاد عطية حزب الله ، حسام زبيبو تيّار المستقبل وإيهاب المقداد الحزب السوري القومي الاجتماعي .
السؤال الأول: ما دخلت السياسة في أمر إلا أفسدته، فكيف قبلتم بمهمّة محكومة مسبقاً بالفشل؟
السؤال الثاني: ما طبيعة دوركم، وما مدى انعكاس الانقسامات السياسية على تنفيذه بشكلٍ سليم؟
السؤال الثالث: الواقع الرياضي اللبناني مرهون بحجم الطوائف والأحزاب، فكيف السبيل لنزع هذا التوصيف عنه؟
وهكذا جاءت الإجابات:
بيار كاخيا: الخلاص في اللجوء إلى الاحتراف
ج 1ـ عند تسلّمي المهمة طالبت وعملت تحت شعار «إبعاد السياسة عن الرياضة»، فالعمل الرياضي يجب أن يكون لمصلحة الرياضة تطويراً وإنهاضاً، والسياسة يجب أن تخدم الرياضة وتطوّرها وليس العكس، وبصراحة أحاول جاهداً قلب المعادلة مع اعترافي بوجودها.
ج 2- الإنسان هو الذي يصنع الدور، والدور الذي انطلقت منه هو الانفتاح على جميع الأفرقاء بنيّة التعاون الجاد لأجل الرياضة فحسب، ولا شكّ بأن بلداً كلبنان حافل بالانقسامات يفرض علينا بذل الجهود المضاعفة لتخفيف أثقالها ونتائجها عن الجسم الرياضي، والمحاولة في هذا السياق ضرورية.
ج 3- للأسف، الحياة الرياضية في لبنان محكومة بالوضع الطائفي والمذهبي وصولاً إلى السياسي، وهذا ثقل كبير يعيق حركتها نحو الأفضل، ولا خلاص من هذا الداء إلا من خلال اعتماد الرياضة المحترفة، وهذا صعب التحقق في المدى المنظور لأسباب اقتصادية، والاحتراف يجب أن يطال كافة المفاصل الرياضية، الإدارية منها والفنية، وما عدا ذلك سنبقى ندور في دوّامة المحاصصة.
جهاد سلامة: المشكلة بالأشخاص وليست بالسياسة
ج 1- القوانين والأنظمة هي التي تتحكم بإدارة الرياضة والسياسة معاً، والأشخاص هم الذين يصنعون الفرق من خلال التنفيذ والالتزام بها، وفي حال عدم التطبيق أو التجاوز سيحصل الفساد، لذا لا أوافق على «المقولة»، وكثيراً ما دخلت السياسة بشكلٍ إيجابي لمصلحة الرياضة، وهنا أوّكّد بأن المشكلة في الأشخاص وليس بالسياسة، مع دعوتي إلى عدم إدخال السياسة في تفاصيل الحياة الرياضية، فيما لو رأينا بأنها ستؤدي إلى إيجاد الشرخ في شرائحها.
ج 2- دوري متشعّب، داخلي يهدف إلى نشر الرياضة في لبنان 24 قضاء وحيث لتيارنا وجود وشعبية ومؤيّدين، وبذلك نبعد الشباب عن الأمور الضارة، وهناك دور تنظيمي تشريعي، حيث ننظّم اللقاءات والمسابقات ونتساعد مع نوّابنا على إصدار تشريعات تساعد في دفع الحياة الرياضية إلى الأفضل، وبذلك تكون الفائدة لكل المجتمع اللبناني. ومن جانب العلاقة مع المجتمع الرياضي في الأحزاب كافّة فنحن نحرص على نسج علاقات جيّدة وواضحة وفق قاعدة الاحترام المتبادل، مع حرصنا على تمثيل مجتمعنا بما يتناسب مع حضورنا الفاعل في الساحة اللبنانية، كحزب مسيحي هو الأكبر في لبنان. ولا ننكر بأن الانقسامات السياسية الحاصلة غالباً ما تنعكس سلباً على عملنا، لكننا نلجأ كرياضيين إلى تخطّي هذه الانعكاسات عبر تدوير الزوايا متّكلين على علاقاتنا الشخصية.
ج 3- صحيح، وهذا الواقع مفروض علينا منذ قيام البلد وفق تركيبة متداخلة موزاييك طوائفي يضم 18 لوناً ، وهذا ما يميّزنا عن بقية الدول العربية وفي منطقة الشرق الأوسط، ولا مجال لإبعاد هذه «التقسيمات والتوزيعات» التي تطال المناصب والمواقع كافة من قاموسنا اللبناني، وفي هذا المجال ندعو إلى اختيار النخب الرياضية والإدارية لتكون في واجهة العمل والتعاون على المصلحة الرياضية الوطنية المشتركة.
جهاد عطية: الواقع الرياضي انعكاس للواقع السياسي
ج 1- أرفض أن تكون السياسة مفسدة في كل الأمور، فهناك سياسات حكيمة وعادلة، فالسياسة عنوان رئيسي، إما أن تكون صالحة أو أن تكون فاسدة، ولذا تأتي نتائجها إيجابية في حال كانت القيادة حكيمة وسلبية فيما لو كانت القيادة متهوّرة أو جاهلة، وفي الحالتين تعود النتائج بناءً لرغبات وتوجّهات الجهة السياسية منظّمة أو حزب أو تيار .
ج 2- دورنا كوحدة رياضية مركزية أن نقرّب بالعمل الرياضي ما فرّقته التجاذبات السياسية، ونعمل من منطلق ضرورة فصل الأجواء السياسية عن الواقع الرياضي، وجهودنا منكبة على ضخّ الإيجابيات في الحياة الرياضية اللبنانية حتى مع من هم على خلاف مع توجّهاتنا السياسية، فعلاقاتنا مع الآخرين ننسجها تحت سقف رياضة وطنية نظيفة، ولا شكّ بأن العلاقات الشخصية الطيّبة مع مسؤولي الرياضة عند الآخرين ستسهم في تنقية الأجواء الرياضية بشكلٍ عام.
ج 3 : لا ننكر بأن الواقع الرياضي هو انعكاس صريح للواقع السياسي والديموغرافي، فكما للنوّاب انتماءاتهم كذلك للأندية والجمعيات، ومن يظنّ عكس ذلك فهو يكذب على نفسه، فاللعبة المتخمة بغالبية من الأندية المسلمة كرة القدم من الطبيعي أن يكون رئيس اتحادها من المسلمين، واللعبة المتخمة بأندية مسيحية كرة السلة حتماً سيرأس اتحادها مسيحي، لكن المهم في سيادة العدل وحسن التفاهم عند القيادة.
حسام زبيبو: هناك نتائج إيجابية وسلبية للتدخّل السياسي
ج 1- للأسف، الرياضيون هم من استدرجوا أهل السياسة إلى وسطهم الرياضي، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن التدخّلات والتمنيّات السياسية غالباً ما أدّت إلى نتائج إيجابية لصالح الرياضة والرياضيين، وكذلك أنتجت في قليل من المرّات نتائج سلبية، ودائرتنا الراضية في التيار تعمل جاهدة لمساعدة الرياضة والرياضيين بهدف الإنهاض والتطوير.
ج 2- يتمحوّر دورنا الرئيسي على نشر الرياضة وأخلاقياتها بشكل سليم لتصبح مرآة حضارية لمجتمعنا ووطننا، كما نجتهد لإبعاد الشباب عن الموبقات والعادات السيئة وتوجيههم نحو الأفضل. أما بالنسبة إلى حركة تفاعلنا مع الآخرين فهناك سعي دائم لإبعاد الخلافات السياسية عن تفاصيل الحياة الرياضية وخصوصاً الإدارية منها، وكثيرون من الزملاء في الأحزاب يعملون في نفس التوجّه فيما قلّة قليلة تغرّد خارج السرب.
ج 3: ما عساني إلا التأكيد على الآية الكريمة «إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم»، ولرفض الواقع الذي نعيشه المحاصصة علينا كرياضيين أن نتوجّه إلى السياسيين بعقلية جديدة ومنفتحة، وهذا أراه صعب التحقق لأننا ـ في الغالب ـ ارتضينا بالأمر الواقع ولو على مضض.
إيهاب المقداد: نسعى لأمّةٍ واحدة… وللانتصار بمجتمعنا الواحد من خلال الرياضة
ج 1- أولاً، نحن في الحزب لا نتناول الأمور السياسية لأنه في نظامنا الحزبي من غير المسموح تناولها من قبل جميع الأعضاء، فهناك من هم متخصّصين في هذا الفنّ الذي نسعى من خلاله لبلوغ الغرض القومي، إذ يرى زعيمنا أنطون سعاده أن العمل في السياسة هو لبلوغ الغاية القومية.
أمّا العمل الرياضي هو نشاط اجتماعي نسعى من خلاله إشراك أكبر شريحة من أبناء مجتمعنا الواحد الذين نؤمن بهم جميعاً كعناصر فاعلة في متحداتها، ونبغى من خلالها رفع الروح المعنوية والأخلاقية لدى أبناء المجتمع الواحد من خلال إبعادهم عن الموبقات الاجتماعية كالمخدرات وغيرها. الرياضة دليل على الرقي والتطوّر. ونؤكّد أننا مستعدون لمشاركة الجميع باستثناء اليهود في أي عمل رياضي ومن دون خلفيّات سياسية.
يرى المفكّر أنطون سعاده أنّ الرياضة والفنّ مقياس لارتقاء المجتمع، وهنا يؤكّد سعاده على المجتمع كله. ونحن انطلاقاً من هذا الإيمان نسعى لتوحيد المجتمع وما فرقته السياسة بالرياضة، لأن هدفنا وغايتنا الأولى والأخيرة هي الانتصار بوحدة شعبنا ونهضة أمتنا، فما أجمل الرياضة بعيداً عن كل شيء إلا الرياضة.
ج 2- الكيان اللبناني يتميّز بوضعية خاصة، فكل شيء يسيّس حتى لقمة العيش، وكَون الحزب السوري القومي الاجتماعي حزباً مدنياً وعلمانياً خارج قيود الطوائف والمحاصصات الطائفية، ما يخوّله أن يلعب دوراً أساسياً في توحيد الاتحادات والتواصل بين الفرق والأندية بصرف النظر عن الانتماءات والخلفيات السياسية والطائفية. ولأننا حزب يسعى لتوحيد أمتّه والانتصار بشعبه لا عليه، نستطيع أن نوحّد الرياضة والجهود بشكلٍ أفضل، فمعاً لمجتمع رياضي أفضل.
ج 3- الواقع الرياضي اللبناني مرهون بحجم الطوائف، لأنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظام الطائفي السائد في لبنان، فقاعدة 6/6 مكرّر تنسحب على جميع المؤسسات بما فيها الرياضة. لذلك الحلّ بالمواطنية أي بالخروج من الأنظمة الطائفية التي يتعامل بها الناس على أساس رعيّة، الخروج إلى المواطنية الحقيقية التي يقف فيها جميع المواطنين تحت سقف القانون الواحد حقوق وواجبات واحدة ، فنتخطى بالتالي هذه العقبة ونستطيع أن ننتقل إلى مرحلة الاختيار على أساس الكفاءة، وللشباب الدور الأساسي في هذه المهمة. لذا ندعو الجامعة اللبنانية لتحديث مناهجها وتعميم ثقافة الرياضة بين أوساط الشباب مما يزيد من مناعتهم ومناعة مجتمعهم وينمّي الروح الوطنية لديهم فيبتعدون عن الطوائف وموبقاتها، ويصبحون بكل ما تعني الكلمة أبناء المجتمع وهويتهم وطنية، وكل ما هو غير ذلك باطل.