رئيس الحرس الوطني في معركة الاستقلال في بشامون الرفيق أديب البعيني

ل. ن.

الحديث عن الرفيق أديب البعيني وعما كُتب عنه يطول. نعمّم هذه النبذة التعريفية، وننشر عنه لاحقاً نبذة غنيّة… هذا بعض من كثير.

تميّز الرفيق أديب البعيني بقوّته البدنية الفائقة وبجرأته النادرة.

كان شاعراً زجلياً وقد نَظَم عدداً من القصائد، وكانت له مساجلات مع شعراء آخرين. رثاه عدد من شعراء الزجل، كان من بينهم الأمين عجاج المهتار، الرفيق قاسم نجد من العبادية والرفيق وليم صعب صاحب مجلة «البيدر» وأمير الزجل اللبناني.

يقول السفير السابق المرحوم الشيخ حليم أبو عزّ الدين من العبادية بعد أن يتحدث عن الصِّلات القديمة والتي وُثّقت مع الأيام بين عائلتَي البعيني وأبي عزّ الدين، يشرح أن الرفيق أديب «حضر عندنا وعاش بيننا ومعنا في بيتنا لسنوات عدّة كأحد أفراد عائلتنا. أذكر عنه ذكاءه الحاد ومروءته وإقدامه وشجاعته، وكان محبوباً من جميع أقرانه وقد ذهب إلى المدرسة في العبادية وأنشأ علاقات طيبة مع أبناء جيله الذين ظلّوا يذكرونه بالتقدير والإعجاب».

ويقول السفير أبو عزّ الدين أن شقيقه نجيب كان تولى إدارة شؤون مشروع حمّامات الحمة المعدنية على الحدود الشامية الفلسطينية، لصاحبها سليمان ناصيف من المختارة ومن اللبنانيين الذين أنشأوا لهم مركزاً أدبياً ومادياً في مصر، ولأن منشآت الشركة كانت محاطة بمئات البدو الذين يريدون العمل فيها بالقوّة، فقد تولى الرفيق أديب بين السنوات 1933 1936 حراسة منشآت الشركة وأشرف على الأمن فيها. «ذات يوم، هجم رجال البدو علينا وكانوا حوالى 30 بدوياً وأرادوا تحطيم المنشآت، وفي لمحة البصر رأينا أديب يأتي بعصا غليظة ويهجم بسرعة البرق على هؤلاء فجرح منهم ثلاثة وولّى الباقون الأدبار».

– مجلة «بلبل الأرز» كتبت عنه تقول: «في الخامسة والعشرين من عمره. لا يخاف الموت، جبار، عملاق، شديد العضلات، مفتول الساعدين، مخلص وكريم وشجاع لدرجة الجنون الأهوج الذي لا يوصف. يبيع راحته ليكون وفياً، ويبيع ثيابه ليهب، ويبيع روحه في أسواق المعارك ومعامع شرف النفس».

عندما وصلته الانباء عن بدء التحركات في سبيل الاستقلال، ترك مركزه في جرود عكار وكان رئيس مخفر، وأتى إلى بيروت ليصطحب الوزيرين مجيد أرسلان وحبيب أبي شهلا إلى بشامون 1 حيث تولّى فيها قيادة الحرس الوطني.

يقول الأديب نجيب البعيني في كتابه «رجالات من بلادي» إن الرفيق أديب عُيّن رئيساً للحرس الوطني في بشامون نظراً إلى ما تمتع به من شجاعة وجرأة وحنكة، وقضى ثلاثة عشر يوماً ساهراً ينظّم الصفوف، يفترش الأرض ويلتحف السماء، يسند رأسه إلى الحجارة ويده على «المتروليوز» الرشاش لا يتركه لحظة متعطشاً في كل وقت إلى القتال.

ـ يروي الشيخ خليل تقيّ الدين في مذكراته بعنوان «مذكرات سفير»: «كان أديب لا يفارق رشيشه، لا في الليل ولا في النهار وكان يتحرّق للقتال. فلما هوجمت بشامون رأيناه حركة دائمة يطلق النار من هنا، وهناك، وينتقل بسرعة فائقة من مكان إلى مكان كي يوهم المهاجمين أن عشرات الرشاشات مصوّبة بين أشجار الزيتون. فلما انجلت المعركة عن مقتل الشهيد سعيد فخر الدين وانسحاب المهاجمين، رأيته يبكي. فسألته ما بك يا أديب؟ قال: كيف يموت سعيد فخر الدين وأبقى أنا حيّاً؟ لقد وضعتُ دمي على كفّي فأبى الموت أن يأخذني».

كافأت الدولة اللبنانية الرفيق أديب البعيني بأن نقلته إلى رئاسة الحرس الجمهوري في القصر الجمهوري في القنطاري، وفيه قُتل غدراً مساء 31 كانون الأول 1943.

هوامش:

1 وتفصيل الحادثة أن رئيس الجمهورية بشارة الخوري كان عائداً مشياً من سهرة قرب منزله وبرفقته أحد أزلامه من بلدة رشميا يدعى سليم الحران. ولما طرق هذا، الباب الخارجي، أبطأ الحرس في فتحه، فأخذ سليم يشتم ويصيح، فخرج إليه الرفيق أديب رئيس الحرس وانتهره بأن يكفّ عن إهانة الحرس، ولما أدار ظهره أطلق عليه النار غدراً.

كنّا قد نشرنا أكثر من مرة عن موضوع الاستقلال اللبناني. لمن يرغب الاطلاع، الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى