لندن تطمح أن تكون عاصمة الصيرفة الإسلامية في الغرب

أصدرت بريطانيا صكوكاً إسلامية لاقى الاكتتاب فيها إقبالاً كبيراً من قبل المستثمرين، لتكون الدولة الأولى في العالم التي يتم طرحها فيها من قبل حكومة غير إسلامية.

وتطمح بريطانيا لجعل لندن عاصمة للصيرفة الإسلامية، في الوقت الذي تتقاطر عليها أعداد كبيرة من المستثمرين العرب والمسلمين، فضلاً عن أنّ سوق الصكوك، أي السندات المتوافقة مع أحكام الشريعة، يشهد انتعاشًا كبيراً على مستوى العالم ويسجل نمواً أكبر بكثير من الأسواق التقليدية الأخرى، خصوصاً بعد أزمة الديون السيادية التي تعصف بالقارة الأوروبية منذ أكثر من أربع سنوات.

وتلقت الحكومة البريطانية طلبات اكتتاب في الصكوك التي طرحتها بأكثر من 11 ضعف الكمية المطروحة، إذ ضخّ مستثمرون من مختلف أنحاء العالم في هذا الاكتتاب، وهو الأول من نوعه، 2.3 مليار جنيه استرليني، ما يعادل 3.9 مليار دولار، فيما كانت الحكومة البريطانية طرحت صكوكاً بقيمة إجمالية تبلغ 200 مليون جنيه استرليني فقط، ما يعادل 340 مليون دولار.

وتتشابه الصكوك التي طرحتها الحكومة البريطانية، وهي لأجل خمس سنوات، مع السندات السيادية التي تطرحها دول العالم، إلا أنها متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تحظر الفوائد التقليدية على الاستثمارات المالية، وتبيح الأرباح التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة.

وأشار بيان وزارة الخزانة البريطانية، إلى أنّ حاملي هذه الصكوك سوف يحصلون على عوائد تأجيرية، مبنية على أساس تأجير ثلاث عقارات مملوكة للحكومة البريطانية، حيث سيتم توزيع عوائد هذه العقارات على حاملي هذه الصكوك، بما يجعلها متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرم الربا، وتجيز العمل التجاري بما فيه تأجير العقارات.

وكانت بريطانيا أعلنت عام 2007 اعتزامها طرح هذه السندات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، إلا أنّ الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في العام التالي عطلت المشروع، كما تعطل مجدداً عام 2010 عندما اندلعت أزمة الديون السيادية في القارة الأوروبية، بدءاً من اليونان ووصولاً إلى أيرلندا، جارة بريطانيا.

ونقلت تقارير صحافية عن محلل مالي قوله أنّ حجم التغطية التي حظي بها هذا الطرح من الصكوك يدل على اهتمام المستثمرين بهذا السوق، كما أنه يمثل نجاحاً كبيراً لبريطانيا في هذا المجال. وأشار إلى أنّ بريطانيا ليست بعيدة من تحقيق حلم التحول إلى عاصمة الاستثمارات الإسلامية، فحجم الاستثمارات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في بريطانيا كبير جداً، بل يتفوق على بعض الدول الإسلامية، بفضل الأعداد الكبيرة من المستثمرين ورجال الأعمال العرب الذين يقصدون المملكة المتحدة.

يذكر أنّ سوق الصكوك الإسلامية في العالم يسجل نمواً كبيراً، حيث تبين من تقرير صدر أخيراً عن شركة «بيتك للأبحاث» التابعة لبيت التمويل الكويتي أنّ إجمالي إصدارات الصكوك الجديدة في العالم خلال الربع الأول من العام الحالي 2014 بلغ 31.14 مليار دولار، ورغم أنّ هذا الرقم يسجل انخفاضاً بنسبة 15 في المئة، عما كان عليه الحال في نفس الفترة من العام الماضي، فإنه يظل أكبر بكثير من حجم الإصدارات التي كانت تتم في العالم خلال السنوات القليلة الماضية، ما يعني أنه يواصل النمو الكبير على رغم تسجيل بعض التباطؤ في الشهور القليلة الماضية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى