هل يستقرّ العراق في ظلّ المحاصصة العرقية والطائفية؟

حميدي العبدالله

بعد إسقاط الدولة العراقية وإطاحة كل مؤسساتها ولا سيما الجيش، وضع الحاكم الأميركي بول بريمر، بإشراف خبراء يهود، دستور العراق الحالي الذي كرس عرف توزيع المناصب الرفيعة في الدولة على أسس مذهبية وطائفية وعرقية.

كان وجود الاحتلال وهيمنة الولايات المتحدة على الأطراف السياسية تنشئ تعاوناً قسرياً بين هذه الأطراف، على الأقل في حده الأدنى، لأن الاحتلال الأميركي لم يستطع إذابة كل الخلافات بين الأطراف العراقية الفاعلة، ولكن بعد رحيل الاحتلال طغت هذه الاختلافات إلى السطح ولم يعد هناك وجود لقوة قادرة على ضبطها.

وتنذر الصراعات الناجمة عن المحاصصة المذهبية والعرقية والطائفية بتحويل العراق لساحات اضطرابات وحروب دائمة. حيث يخطئ من يعتقد أن هذه الصراعات هي صراعات مذهبية أو عرقية أو طائفية.

في الجانب الكردي هناك صراعات مستمرة بين الحزبين الرئيسيين، حزب البارزاني، وحزب الطالباني، وهناك صراعات بين هذين الحزبين من جهة، وجبهة التغيير و«التحالف الإسلامي» و«أنصار السنة» من جهة أخرى. أما على الجانب الشيعي هناك صراعات حادة بين المالكي ومنافسيه الصدريين و«المجلس الأعلى الإسلامي» وهناك صراع بين «المجلس الأعلى» والصدريين، إضافة إلى التنافس والصراع بين المالكي والجلبي وبين المالكي وبيان جبر. وتمتلك هذه المكونات ميليشيات مسلحة ترشحها لخوض مواجهة مع منافسيها وخصومها إذا تطورت الخلافات السياسية، وقد تم استعراض هذه الميليشيات في الآونة الأخيرة، وتبين أنها أقرب إلى الجيوش منها إلى أي شيء آخر، فهي تمتلك المدفعية الثقيلة والمصفحات وراجمات الصواريخ، إضافةً إلى البنادق الآلية.

في الجانب السني هناك داعش، وهناك «جيش النقشبندية»، و«كتائب العشرين» و«الجيش الإسلامي» وجميع هذه التشكيلات تتنافس في ما بينها على السلطة، بل أكثر من ذلك إن تنظيم داعش بدأ هجوماً على بعض هذه التشكيلات وطالبها بحل نفسها وتسليم أسلحتها ومبايعة التنظيم، حدث هذا بين داعش وجيش النقشبندية القريب من عزة الدوري، ووقعت اشتباكات مسلحة بين الطرفين في قضاء الحويجة، ويتوقع أن تمتد هذه المواجهات إلى كل منطقة سيطرت عليها الجماعات المسلحة في الآونة الأخيرة، أي أن السيناريو الذي تشهده المحافظات الشرقية في سورية بين الفصائل المسلحة يجري تكراره في العراق، ولكن في جميع المناطق، وداخل جميع المذاهب والأعراق الرئيسية المكونة للمجتمع العراقي.

هذا الواقع يشير إلى أن ما ينتظر العراق، حتى لو تم دحر تنظيم داعش في وقت غير بعيد، المزيد من الصراعات المسلحة والدموية والمزيد من حالة الاضطراب واللااستقرار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى