التنسيق والتكامل بين كيانات المشرق العربي لمواجهة الإرهاب
عامر التل
لم يكن ما حصل في العراق صدفة أو طارئاً، بل جاء ضمن سياق المشروع الأميركي لتفتيت المنطقة وإشعال الحروب الفتنوية، تنفيذاً لما قاله وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر من أنه سيتمّ إشعال المنطقة بحرب طائفية ومذهبية لمئة عام ليسهل على «إسرائيل» وأميركا تقسيمها، لأنه وكما يعتقد العجوز الأميركي اليهودي، فإنّ سايكس ـ بيكو لم يعد كافياً ويجب تقسيم المقسّم.
المؤسف أنّ أحزاباً تعتبر نفسها «قومية» انخرطت بهذا المشروع التفتيتي وتحوّل خطابها السياسي من الوحدوي إلى الطائفي والمذهبي والتحالف مع نظام آل سعود، وتحوّل هذا الحزب إلى ميليشيا عند أجهزة استخبارات السعودية وغيرها، وخرج علينا «قائده» عزت الدوري بالإشادة وقصائد المديح والغزل لملك السعودية، منقذ الأمة وحامي حمى الشعوب العربية… الخ، وتوجيه النقد اللاذع لقائده السابق صدام حسين والاعتذار عما قام به العراق أيام حكم صدام للعراق. والمصيبة أنّ هذا الحزب انخرط بمشروع حرف البوصلة عن العدو الوجودي لأمتنا، العدو الصهيوني، ليصوّبها نحو عدوّ وهمي هو إيران بشعارات وحجج طائفية، وبأنه مستعدّ للتعامل مع الشيطان من أجل الثأر، والوهم بأنه يمكن أن يعود إلى حكم العراق.
المشكلة في العراق الآن أنّ الاستهداف الأساسي هو لوحدته الجغرافية والاجتماعية، فالعمل جار على تثبيت تقسيم العراق إلى كانتونات طائفية وإثنية وتصوير ما يجري على أنه صراع بين مذهبين، على رغم أن إرهابيّي داعش قتلوا المئات من أبناء مذهبهم لأنهم رفضوا مبايعتهم، وها هم «الثوار الجدد» يصدّرون النفط إلى العدو الصهيوني من دون خجل، وهذا ليس مستغرباً من هؤلاء، ويتساوق مع ارتباطاتهم مع آل سعود والولايات المتحدة الأميركية و»إسرائيل»، فهم تحولوا إلى اداة أميركية صهيونية بوساطة من آل سعود وغيرهم من الشركاء الإقليميين.
لقد كان المستغرب هو كيفية مواجهة هذا السرطان أردنياً، فكيف نواجه الإرهاب بإطلاق سراح قيادات متشدّدة تختلف مع داعش ببعض التفسيرات، فهل نواجه الإرهاب بإطلاق سراح إرهابيين؟ وهل نواجه الإرهاب باستقدام أكثر من 200 خبير عسكري «إسرائيلي» للأردن كما ذكرت وسائل إعلام «إسرائيلية»؟
قلنا منذ بداية الحرب الكونية على سورية أن لا مصلحة أردنية في التورّط بالحرب من خلال تدريب الإرهابيين وتهريب السلاح لهم من الأردن، ولكن الأردن الرسمي لم يلتفت إلى كلّ هذه الدعوات، بل قام بتدريب إرهابيين من ضمنهم «داعش»، وتهريب السلاح وفتح الساحة الأردنية لأجهزة استخبارات إقليمية ودولية لإسقاط الدولة السورية، وقامت هذه الأجهزة بدعم جهات تكفيرية بالمال وتشكيل خلايا نائمة في الأردن.
إنّ الخطر على الأردن ليس فقط من الحدود، فالجيش الأردني البطل قادر على حماية حدودنا من العصابات الإرهابية، الخطر في هذه الخلايا التي شكلتها أجهزة استخبارات إقليمية ودولية، وفي معاناة الأردني من الفقر المدقع، ما يوفر بيئة حاضنة لفكر هذه التنظيمات وانخراط البعض للقتال معها. المهم الآن كيف يمكن مواجهة هذا السرطان المتمثل بالتنظيمات الإرهابية التي تتغطى بالإسلام شعاراً لإرهابها، وتثير الفتنة من خلال وسائل الإعلام والخطابات السياسية. المطلوب أردنياً أن يتمّ تحصين الجبهة الداخلية بإجراءات عملية ومنع الكتبة في بعض الصحف من إثارة الغرائز المذهبية والطائفية ووقف التنسيق بكافة أشكاله مع الدول والجهات الداعمة لهذه التنظيمات الإرهابية والإسراع بالتنسيق والتكامل مع محيطنا القومي في سورية والعراق والمقاومة في لبنان وعموم المشرق العربي، حيث أنهم اكتسبوا الخبرة ويملكون المعلومات عن هذه التنظيمات ويحرصون على أمن واستقرار الأردن، فهذه التنظيمات الإرهابية لا تميّز بين بلد وآخر إلا بمقدار ما يأمرها به مشغلوها من أعداء الأردن والأمة.
رئيس تحرير شبكة الوحدة الاخبارية في الاردن