أوباما والعدو المتغيّر
عامر نعيم الياس
اهتمت الصحافة الغربية الصادرة لهذا الأسبوع بالطلب الذي قدمه الرئيس الأميركي باراك أوباما رسمياً إلى الكونغرس من أجل الإفراج عن 500 مليون دولار لدعم «المعارضة المسلحة المعتدلة» في سورية، وجاء في لوموند أن «الرئاسة الأميركية القلقة من هيمنة داعش على سورية والعراق تقول إن هذه الأموال ستساعد السوريين في الدفاع عن أنفسهم وتحقيق الاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وتسهيل تقديم الخدمات الأساسية ومواجهة التهديدات الإرهابية وتسهيل الظروف لتحقيق تسوية عن طريق التفاوض. مشيرةً إلى أن البيت الأبيض لن يسلم هذه المساعدات قبل التأكد من المجموعات المستفيدة منه خوفاً من وصولها إلى المجموعات الجهادية».
المساعدات التي طالب أوباما بالإفراج عنها تأتي متساوقةً مع خطابه الأخير في أكاديمية وست بوينت العسكرية والذي أعلن فيه إنشاء صندوق لمكافحة الإرهاب يشمل العديد من دول الشرق الأوسط، كما أنها تأتي بعد حوالى مرور أسبوع على إعلان الرئيس الأميركي «عدم وجود معارضة معتدلة قادرة على الحلول مكان نظام الرئيس بشار الأسد»، هنا وعند هذه النقطة وجد البعض تناقضاً بين تقديم المساعدات والاعتراف الصريح للرئيس الأميركي بنهاية لعبة قلب النظام في سورية لمصلحة ديمقراطية ليبرالية متسامحة على طريقة الاعتدال الأميركي، فهل هناك تناقض، أم أن تقديم 500 مليون دولار يأتي مكمّلاً لهذا الإعلان؟
داعش سيطر على شمال غربي العراق ويسيطر على المنافذ الحدودية بين سورية والعراق، وأعلنت جبهة النصرة في البوكمال انصهارها في بوتقة جهادية واحدة مع عدو الأمس في الجهاد ضد من يخالف رايتهم السوداء، هذا الإعلان الذي أتى بعد تسليم المو حسن وبعض القرى التي كانت تعتبر معاقل «للجيش الحر» في محافظة دير الزور إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام من دون قتال وإعلان أحد فصائل الحر مبايعته لأمير داعش أبي بكر البغدادي، في ضوء ذلك وبالنظر إلى خريطة الوجود العسكري للمجموعات المقاتلة في المنطقة الشرقية في سورية وفي محافظة دير الزور تحديداً يمكن القول إن المساعدات التي يقدمها أوباما لأتباعه من بقايا الميليشيات المسلحة على أراضي الجمهورية العربية السورية ليست موجهة لضرب الجيش السوري وإدارة المواجهة مع القوات المسلحة وحلفائها، بل هي موجهة لتعزيز شوكة الجماعات المسلحة الموالية للغرب في مواجهة داعش ونموذجه المغري الذي بات يحفّز العديد من الميليشيات المسلحة التكفيرية في سورية على الانضمام إليها، فالمعركة التي تخوضها الولايات المتحدة الأميركية على الأرض السورية تهدف إلى إدارة حرب استنزاف طويلة الأمد لإضعاف الدولة في سورية بانتظار لحظة التفاوض المناسبة بحسب توقيت واشنطن من أجل فتح بازار المشاركة السياسية في صنع القرار أو بالحد الأدنى في بعض مفاصل الحكم تحت ستار حكومة الوحدة الوطنية أو الإنقاذ الوطني كما طالب وزير الخارجية الأميركي جون كيري الحكومة العراقية قبل يومين، وبالتالي فإن إدارة حرب استنزاف من هذا النوع لا يمكن أن تجري سوى بوجود قوات على الأرض قادرة على السيطرة على مناطق محددة ومنضوية تحت الراية الأميركية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهنا باتت داعش المنفلتة من الضوابط والإرادة الأميركية خطراً تجب مواجهته في ساحة الحرب السورية تحديداً فالخيارات تضيق، وعدم مواجهة داعش من جانب وكلاء واشنطن في سورية من شأنه أن يقسّم سورية بين منطقتي نفوذ الأولى لداعش، والثانية للدولة السورية، وهو ما يضع واشنطن في مواجهة خيارين أحلاهما مر وهو التحالف مع الدولة السورية في الحرب على إرهاب داعش.
كاتب سوري