لا بديل لأوروبا من الغاز الروسي

انشغلت أوروبا في الفترة الأخيرة بمسألة تنويع مصادر الطاقة لديها، وذلك بعد توتر العلاقات مع الاتحاد الروسي نتيجة للأزمة الأوكرانية وانضمام شبه جزيرة القرم لتصبح كياناً روسياً بعد استفتاء جماهيري جرى الشهر الماضي.


ووجدت الدول الأوروبية نفسها في مأزق، حين قررت فرض عقوبات على دولة تُعتبر مصدرها الرئيس للغاز، ومع عدم توفر مصادر أخرى سهلة المنال وذات جدوى اقتصادية كهذا المصدر، عاد الأوروبيون مطأطئي الرؤوس إلى عملاق الغاز الروسي «غازبروم» لتأكيد عمق ومتانة العلاقات بينهما.

وصدر عن شركة «غازبروم» الروسية للطاقة أمس بيان جاء فيه، أنه بعد لقاء جمع رئيس الشركة أليكسي ميلر مع مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي غونتر أوتنغر ووزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، قالت فيه إن الشركة والمفوضية الأوروبية ووزارة الخارجية الألمانية معنية بالحفاظ على علاقات التعاون المثمر التي تم بناؤها على مدى عقود عدة.

وأضاف البيان «بوجه خاص تم التركيز على أن «غازبروم» ليست فقط أكبر مورد للغاز للمستهلكين الأوروبيين، فقد أثبتت تاريخياً على مدى أربعين عاماً، أن إمداداتها من الغاز موثوق بها للغاية، لكنها أيضاً تعتبر حالياً المورد الوحيد الذي يوظف المليارات لتطوير البنية التحتية لتوريد الغاز إلى أوروبا».

وعلى الصعيد ذاته اعترفت وزارة الخارجية الأميركية أن عملية تنويع إمدادات الطاقة للاتحاد الأوروبي تتطلب بذل جهود كبيرة. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس خلال اجتماع للمجلس الأوروبي ـ الأميركي للطاقة، إن أمام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الكثير من العمل لتنويع مصادر وطرق إمدادات الطاقة إلى أوروبا، والولايات المتحدة تبذل جهوداً كبيرة في هذا المضمار.

ووفقاً لكيري فإن الهدف النهائي من هذا العمل هو ضمان عدم الاعتماد على مصدر واحد للطاقة، وللوصول إلى هذا الهدف يجب العمل على دعم ممر الغاز الجنوبي لنقل الغاز من أذربيجان عبر تركيا إلى أوروبا. كذلك أشار كيري إلى خيار آخر، ألا وهو بناء محطات للغاز الطبيعي المسال في أوروبا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة مستعدة لتوريد الغاز الطبيعي بكميات أكبر من حاجة أوروبا، وأن توريد الغاز المسال من الولايات المتحدة إلى الأسواق العالمية سيبدأ العام المقبل. وعلى رغم الخيارات التي طرحت وتتم دراستها لتنويع مصادر الطاقة إلى دول الاتحاد الأوروبي، إن كانت عن طريق توريد الغاز من الولايات المتحدة أو عن طريق ممر الغاز الجنوبي، تبقى هذه المشاريع في طور الدراسة وبعيدة المنال ويعتريها الكثير من الشكوك، في وقت وصلت فيه مشاريع توريد الغاز الروسية العملاقة إلى أوروبا كالسيل الشمالي والسيل الجنوبي مراحل متقدمة من الصعب إيجاد بدائل لها أقل كلفة للمستهلك الأوروبي، وتضمن أمن الطاقة على المدى البعيد، وذلك لما تتمتع به روسيا من مكامن غازية عملاقة لا تنفذ.

وفي السياق، ارتفع سعر الغاز الروسي لأوكرانيا أكثر من 43 في المئة اعتباراً من مطلع الشهر الجاري ليبلغ 385 دولاراً، وذلك بسبب إخلال كييف باتفاقها مع «غازبروم» وتخلفها عن سداد مستحقات الشركة الروسية، لتضطر الأخيرة إلى إلغاء التخفيض الممنوح لأوكرانيا بموجب الاتفاق.

وقد رفعت أوكرانيا سعر الغاز منذ مطلع الشهر الجاري للمستهلكين الصناعيين والمؤسسات الحكومية، وتعتزم رفعه للمواطن العادي في بداية الشهر المقبل، ويأتي ذلك استجابة لشروط صندوق النقد الدولي، ولا يرتبط ذلك بزيادة السعر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى