عون: لتعديل الدستور وانتخاب الرئيس من الشعب

دعا رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون إلى إجراء «تعديل دستوري محدود يهدف إلى جعل انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب».

وخلال مؤتمر صحافي عقده في دارته في الرابيه أمس، اعتبر عون «أنّ الشغور بدأ منذ 24 عاماً وليس فقط منذ 24 أيار، بسبب الخلل الحاصل في تطبيق اتفاق الطائف لناحية تأمين المناصفة الفعلية». وقال: «لا يمكن التوصل إلى أي قانون يحقق المناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين، إلا من خلال انتخاب كلّ طائفة لنوابها في الندوة البرلمانية، ما يؤمّن العدالة المطلقة لجميع الطوائف، ويعزز الشعور بالطمأنينة في ما بينها ويؤمن الاستقرار».

ولفت إلى أنّ قوانين الانتخاب النيابية المتتالية «لم تمنح المسيحيين الحق بانتخاب سوى 17 نائباً في أحسن الحالات، ولم يتمثلوا بقياداتهم في رئاسة الجمهورية منذ 24 عاماً، عبر مجالس نيابية فاقدة للميثاقية، وكلّ ذلك بسبب نصاب كرّس الخلل المتمادي في النظام، وجعل منه قاعدة، يطالبنا بعضهم اليوم بالاستمرار بها لا بل بتكريسها»، متسائلاً: «هل المطلوب الاستمرار بهذا النهج، وإلا فمن يسعى إلى تغييره والخروج عن أعراف بالية يتهم بالتعطيل؟ وهل المطلوب تفادياً لشغور في سدة الرئاسة، نحر الميثاقية وطعن الشراكة والتنازل عن أسس العيش المشترك ومقوماته؟»

وأضاف: «تفادياً لتكرار المشهد الحالي في كلّ انتخابات لا يحوز فيها أي من المرشحين على تأييد ثلثي مجلس النواب، واستطراداً الأكثرية المطلقة مع نصاب الثلثين، ومن أجل إبعاد عملية الانتخاب عن المساومات والصفقات المحلية والخارجية، وإعادتها إلى صاحب الحق الأصلي، أي الشعب مصدر السلطات، أقترح إجراء تعديل دستوري محدود يهدف إلى جعل انتخاب الرئيس الماروني مباشراً من الشعب، وعلى دورتين، أولى تأهيلية تجرى على مستوى الناخبين المسيحيين، وثانية تجرى على المستوى الوطني، وتكون محصورة بين الفائزين الأول والثاني في دورة الاقتراع التأهيلية، من أجل جعل الدور المسيحي وازناً في عملية الانتخاب، وتبديد الخشية من هيمنة الصوت المسلم عليها، علماً أنّ هذه الخشية ليست مبرّرة في ظل التعددية السياسية، والانقسام المتصاعد في الاتجاهات والرؤى في الساحة الإسلامية، ومن غير أن نغفل أنّ استطلاعات الرأي أظهرت تأييد أكثرية ساحقة من المسيحيين خصوصاً واللبنانيين عموماً، انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب».

أما بالنسبة إلى الانتخابات النيابية، دعا عون إلى «الإسراع في إنجاز قانون الانتخابات النيابية، حتى لا تتكرّر المآسي الدورية كل أربع سنوات». وقال: «بما أنّ الدستور يشكل مع وثيقة الوفاق الوطني النصوص الميثاقية، فعلى المشترع أن يلتزم وضع قانون انتخاب يتوافق مع المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ويؤمن صحة التمثيل لمختلف فئات الشعب اللبناني، ويحترم قواعد العيش المشترك بين مكوّناته، أما إذا حدث خلل في هذه النصوص فسنقع في خلل بالميثاق الوطني، وعندها تسقط شرعية السلطة لأنها تكون قد ناقضت ميثاق العيش المشترك».

وأكد عون «أنّ أي قانون يحقق المناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين، لا يمكن التوصل إليه إلا من خلال انتخاب كلّ طائفة لنوابها في الندوة البرلمانية، وهذا ما يشكل العدالة المطلقة لجميع الطوائف، فيعزز الشعور بالطمأنينة في ما بينها ويؤمن الاستقرار».

ورأى: «أن الادعاء بأنّ مثل هذا القانون يرسّخ الطائفية في المجتمع اللبناني هو ادّعاء خاطئ، إذ أنّ الطائفية هي في أساس تكوين مختلف الفئات اللبنانية، وقد انعكس ذلك نظاماً طائفياً منذ أمد طويل وما زال قائماً حالياً، وتطبيق العدالة في هذا النظام يمنع الهيمنة والطغيان بين الطوائف، ويخلق مناخاً مواتياً للبحث الجدي والواقعي في آن، لإلغاء الطائفية السياسية والوصول للمرحلة الثانية من تطبيق اتفاق الطائف، ومن ثم إجراء انتخابات على أساس وطني لا طائفي، واستحداث مجلس للشيوخ المادة 22 من الدستور اللبناني ».

واعتبر عون أنّ «الفرصة السانحة اليوم للعودة إلى وثيقة الوفاق الوطني والدستور قد لا تتكرر»، واضعاً ما سمّاه بـ«المبادرة الإنقاذية» أمام مختلف الأطراف السياسية والرأي العام اللبناني، داعياً إلى «مناقشتها بعيداً من السجالات العقيمة، واعتماد مضمونها وفقاً للأصول الديمقراطية والبرلمانية».

مواقف

وقد أثار اقتراح عون جملة من المواقف وردود الفعل، وفي هذا السياق، رأى وزير الاتصالات بطرس حرب أنّ «الهم الوحيد للعماد عون هو ألا ينتخب رئيس إلا هو، وإذا لم ينتخب هو فهدفه تعطيل الانتخابات».

واعتبر الرئيس نجيب ميقاتي أنّ الطرح «يشكل انقلاباً فعلياً، ليس فقط على الدستور اللبناني واتفاق الطائف، بل أيضاً على المسيرة السياسية التي قام بها العماد عون منذ عودته إلى لبنان ومشاركته الفعلية في كلّ الحكومات والانتخابات النيابية».

وقال: «ندعو الجنرال عون إلى العودة إلى شعاره «أيها اللبنانيون» بدلاً من أن ينادي «أيها المسيحيون»، فيقوم المسلمون بدورهم بالمنادة «أيها المسلمون»، ونكون من حيث لا ندري، استحضرنا الغرائز التي أضرت بلبنان».

وأشار نائب رئيس الحكومة السابق اللواء عصام أبو جمرة إلى «أنّ طرح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ليس في محله، لأنه تغيير للنظام، فلا الوقت ولا الظرف يسمحان بذلك».

من جهته، قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب كامل الرفاعي: «إنّ اقتراح العماد عون يحتاج إلى قراءة متأنية وبناء عليها نعلن موقفنا منه».

أما عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار، فقد رأى في طرح عون «تغييراً للنظام اللبناني البرلماني إلى نظام رئاسي وهذا يتناقض مع الدستور ومع اتفاق «الطائف»، مشيراً إلى «أنّ إعطاء موقف واضح من هذا الطرح يحتاج إلى الوقت والتفكير ملياً بانعكاساته على النظام اللبناني».

ورأى الوزير والنائب السابق مخايل الضاهر «أن عون استعجل في طرحه، وفي هذه الحال وبما أنّ مجلس النواب ليس في دورة عادية، يمكن للحكومة وحدها، وبوكالتها عن رئيس الجمهورية أن تتقدم بطلب تعديل دستوري في الاتجاه الذي طلبه عون لكن ذلك يتطلب موافقة ثلثي الوزراء، وبعد ذلك يعرض الطرح على مجلس النواب الذي يوافق عليه أو لا يوافق».

ورأى منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد أنّ هذا الاقتراح «يدعو إلى قيام «مارون ستان»، وما طرحه عون مغامرة ومجازفة غير محسوبة تهدّد كل الوجود المسيحي في المنطقة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى