«فيينا» ينطلق قبل 25 الحالي وكيري يدعو الأطلسي إلى تعزيز التحالف ضد «داعش»
نشرت وزارة الدفاع الروسية صوراً تثبت تهريب النفط بكميات هائلة من مناطق سيطرة تنظيم «داعش» الارهابي في سورية إلى تركيا، مقابل توريدات الأسلحة والذخيرة.
وأوضحت الوزارة في مؤتمر صحافي عقدته أمس أن عائدات «داعش» من الإتجار غير الشرعي بالنفط كانت 3 ملايين دولار يومياً قبل بدء العملية العسكرية الروسية في سورية منذ شهرين، لكنها تراجعت في الآونة الأخيرة إلى 1.5 مليون دولار.
وقـال أناتولي أنطونوف نائــب وزير الدفاع الروسي في المؤتمر: «تعتبر العائـدات من الاتجار بالنــفط من أهم مصادر تمويل أنشطة الإرهابيين في سوريــا. وتبلغ عائداتهم قرابة ملياري دولار سنوياً، إذ يتم إنفاق هذه الأموال على تجنيد المرتزقة في أنحاء العالم كافة، وتسليحهــم وتزويدهم بالمعدات. وهذا هو السبب وراء حرص تنظيم «داعش» الإرهابي على حماية البنية التحتية للإنتــاج النفطي اللصوصي في سورية والعراق».
وكشف أنطونوف أن الغارات الروسية استهدفت منذ شهرين 32 مركزاً و11 معملاً لتكرير النفط و23 محطة ضخ، بالإضافة إلى تدمير 1080 شاحنة كانت تقل النفط، وأدت إلى تراجع حجم تداول النفط في الأراضي الخاضعة لسيطرة الإرهابيين إلى النصف.
وتابع أنه على الرغم من فعالية الغارات الروسية على منشآت إنتاج النفط التابعة للإرهابيين، إلا أنهم ما زالوا يحصلون على مبالغ مالية كبيرة، بالإضافة إلى الأسلحة والذخيرة ومساعدات مادية أخرى من تركيا.
وشدد على أن القيادة التركية العليا والرئيس رجب طيب أردوغان متورطون شخصياً في الاستخراج غير الشرعي للنفط السوري والعراقي وتهريبه إلى أراضي تركيا، وقال: «إن التدفقات المالية الناتجة من الاتجار بالمشتقات النفطية موجهة ليس إلى زيادة ثروة القيادة السياسية والعسكرية في تركيا فحسب، بل يعود جزء كبير من تلك الأموال بشكل أسلحة وذخيرة ومرتزقة جدد من مختلف الألوان».
واستغرب من صمت المجتمع الدولي حيال هذه القضية، مشيراً إلى أن نجل أردوغان يترأس إحدى كبرى شركات الطاقة في البلاد، فيما تم تعيين صهره مؤخراً في منصب وزير الطاقة.
كما دعا أنطونوف القيادة التركية إلى السماح بتفتيش المناطق التركية التي تشير بيانات وزارة الدفاع الروسية إلى وجود عقد لتهريب النفط الداعشي فيها.
وتوقع أن يزعم الجانب التركي أن جميع المواد التي عرضتها وزارة الدفاع الروسية مفبركة، وتحدى أنقرة أن تسمح أولاً بتفتيش المناطق التي جرى الحديث عنها. وذكر أن الجيش الروسي كشف عن جزء فقط من المعلومات التي بحوزته «حول جرائم مروعة ترتكبها النخب التركية التي تمول الإرهاب الدولي بصورة مباشرة».
وقال: «نحن نعرف قيمة كلمات أردوغان. إحدى المرات فضح الصحافيون الأتراك كذبه، عندما كشفوا كيف تسلم تركيا أسلحة للمسلحين تحت غطاء المساعدات الإنسانية. فقام بسجن هؤلاء الصحافيين. القادة لا يستقيلون، وبخاصة السيد أردوغان، ولا يعترفون بشيء، حتى لو تلطخت وجوههم بالنفط المسروق».
وأكد المسؤول الروسي أن الاتجار بالنفط يمثل المصدر الرئيس لتمويل الإرهابيين في سورية، وشدد على أنه لإلحاق الهزيمة بـ «داعش» يجب توجيه ضربة صارمة إلى مصادر تمويله. لكنه قال إن الجانب الروسي لا يلاحظ أي غارات من جانب التحالف الغربي على قوافل «داعش» النفطية في سورية والعراق.
وأضاف أنطونوف أن وزارة الدفاع الروسية ستواصل الكشف عن معلوماتها حول الطرق التي تعتمدها تركيا لسرقة الثروات الطبيعية من جيرانها. وأضاف أن الوزارة ستعقد الأسبوع المقبل مؤتمراً صحافياً جديداً ستقدم خلاله معلومات عن الأسلحة والمواد المتفجرة التي يجرى إرسالها من تركيا إلى سورية وعن تدريب الإرهابيين في الأراضي التركية.
من جانب آخر، كشف ميخائيل ميزينتسيف رئيس المركز الوطني لإدارة العمليات التابع لوزارة الدفاع الروسية أن قرابة ألفي إرهابي دخلوا سورية من الأراضي التركية خلال الأسبوع الماضي للانضمام إلى صفوف تنظيمي «داعش» و»جبهة النصرة»، بالإضافة إلى إرسال ما يربو على 120 طناً من الذخيرة ونحو 250 عربة، وقال: «وبحسب معلومات استطلاعية موثوقة بحوزتنا، ينخرط الجانب التركي في تدبير مثل هذه التحركات بشكل نظامي ومنذ وقت طويل».
وذكر سيرغي رودسكوي رئيس مديرية العمليات العامة التابعة لهيئة الأركان الروسية أن وزارة الدفاع حللت الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية الروسية وكشفت عن 3 مسارات رئيسية لتهريب النفط إلى تركيا.
وذكر أن المسار الغربي يؤدي إلى الموانئ التركية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، أما المسار الشمالي فنقطة الوصول النهائية عليه هي مصفاة «بإتمان» في تركيا، فيما يؤدي المسار الشرقي إلى مدينة جزيرة بن عمر التركية.
وأوضح رودسكوي أن النفط الذي يجرى استخراجه من حقول بمحيط الرقة السورية، ينقل ليلاً بصهاريج إلى شمال غربي سورية، ومن ثم إلى بلدة إعزاز السورية ومنها إلى الريحانية التركية، ليتم توريد النفط لاحقاً إلى مينائي ديورتيول واسكندورنة، حيث يتم شحن جزء من النفط على متن سفن وإرساله إلى الخارج للتكرير، أما كميات النفط المتبقية، فيجرى تسويقها في السوق التركية الداخلية.
ولإثبات هذه المعلومات، عرض الجنرال صوراً فضائية تظهر قافلات من شاحنات الوقود في المينائين في انتظار شحن محتوياتها على السفن، بالإضافة إلى شريط فيديو يظهر تحرك الشاحنات بصورة غير مقيدة عبر الحدود السورية-التركية في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم «جبهة النصرة» في ريف حلب. وأشار إلى أن هذه الشاحنات تعبر الحدود بالمئات على الرغم من العمليات القتالية الدائرة في المنطقة، وتظهر اللقطات أنه لا يجري تفتيش تلك الشحنات في الجانب التركي من الحدود.
وعبر المسار الشمالي يتم تهريب النفط المستخرج في حقول النفط الواقعة على الضفة اليمنى للفرات، حيث أصبح ريف دير الزور من أكبر مراكز «داعش» لاستخراج النفط وتكريره. وتابع أن الصور الملتقطة من الأقمار الصناعية تظهر وجوداً دائماً لقوافل الشاحنات في تلك المنطقة بانتظار شحن النفط.
وعبر المسار الثالث تنطلق الشاحنات من الحقول النفطية في شمال شرقي سورية في ريف الحسكة قره جوخ وشمال غربي العراق في محيط زاخو .
وتظهر صور ملتقطة يوم 14 تشرين الثاني وجود ما يربو على 1.1 ألف شاحنة في محيط زاخو العراقية، فيما تبرز صورة أخرى التقطت يوم 28 تشرين الثاني في قره جوخ 50 شاحنة في محيط معمل تكرير نفط.
وكشف رودسكوي أن تنظيم «داعش» يستخدم 8500 شاحنة لتهريب 200 ألف برميل من النفط يوميا، مؤكداً أن الغارات الروسية أدت إلى تقليص عدد تلك الشاحنات إلى حد كبير.
كما حذر الجنرال الروسي من عواقب بيئية وخيمة تؤدي إليها «الطرق الهمجية» التي يعتمد عليه الإرهابيون لاستخراج النفط. وأشار في هذا السياق إلى تخزين النفط في أحواض تم حفرها في الرمال مباشرة. وعرض رودسكوي لإثبات كلامه صورة لمخازن نفط أنشأها «داعش» في محيط الرقة.
وفي شأن متصل، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن الإرهاب هو مشكلة للإنسانية جمعاء، وأن التعامل معه، لا يمكن أن يكون ضمن أي شرطٍ من الشروط.
وقال لافروف، في حفل استقباله في السفارة الروسية في قبرص أمس «إن الإرهاب هو مشكلة مشتركة لجميع الدول، وبالتعامل معها لا يمكن أن يكون هناك أي استعمال لكلمة إذا ، نحن ممتنون للجانب القبرصي لموقفه بشأن محاربة الإرهاب الدولي، والإرهاب الدولي يجب أن يهزم».
وكان لافروف، قد أعلن في وقتٍ سابقٍ من اليوم، أن المهمة الرئيسية للتدابير المتخذة من قبل موسكو بحقِّ أنقرة، بعد وقوع حادث طائرة «سو- 24» الروسية، هي منع انتقال التهديدات الإرهابية من سورية إلى أراضي روسيا.
وأضاف بأن روسيا تعتبر أن بعض القوى أرادت بقوة، إفشال عملية التسوية السياسية في سورية، مشيراً إلى أن الجانب الروسي ملتزم بعملية فيينا، وأن موسكو تتوقع من المشاركين ضمن المجموعة الدولية لدعم سورية، ومن دون استثناء، مراقبة الاتفاقيات التي تمَّ التوصل إليها بدقة ووضوح، من أجل إعداد قائمة المنظمات الإرهابية، وتشكيل وفد يمثل المعارضة في المحادثات مع الحكومة السورية.
جاء ذلك في وقت أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس أن بلاده طلبت من دول حلف شمال الأطلسي «تعزيز دعمها للائتلاف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم داعش في العراق وسورية».
وقال كيري خلال اجتماع وزاري للحلف في بروكسيل إن «عدداً من الحلفاء يشارك في المعركة أو يعتزم زيادة مساهمته»، مشيراً إلى «ضرورة مساعدة دول مجاورة لسورية مثل الأردن ولبنان». ولفت إلى أن «داعش يشكل تهديداً في كل أنحاء العالم»، مندداً «بالتنظيم العدمي والإجرامي الذي تتحدى أعماله المجتمع المدني»، على حدّ تعبيره.
الى ذلك، أعلن مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في فيينا أن الاجتماع المقبل حول الأزمة في سورية يمكن أن يعقد في العاصمة النمساوية قبل تاريخ 25 كانون الأول الحالي.