حين يفقد السلطان عقله…
سعدالله الخليل
التفكير الإيجابي الموجه لإيجاد الحلول للمشاكل والشجاعة والعقل المنفتح المحب للمعرفة أهم صفات القائد الناجح، وبالرغم من مضي اثني عشر عاماً على تصدر رجب طيب أردوغان المشهد السياسي في تركيا، إلا أنّ الأزمة السورية كشفت المستور في عالم السلطان العثماني الجديد كما يحلو لأنصاره وصفه وأسقطت الصورة التي لطالما رغب العرب في رؤية أردوغان فيها كرئيس مسلم يضاهي أوروبا من دون أن يتخلى عن إسلامه، ونجح في أكثر من موقف في تعزيز هذه الصورة سواء في منتدى دافوس أو في قضية السفينة «مرمرة» وأشبع مرات عدة عقدة نقص العرب والمسلمين تجاه الغرب المتفوق في كثير من المجالات، حيث سمحت سنوات الرخاء الاقتصادي والانفتاح السياسي التركية لأردوغان بالحفاظ على هيبته كقائد متزن يقطف النجاح تلو النجاح سواء في الداخل التركي أو المحافل الدولية.
كشفت نتائج الانتخابات البرلمانية في مرحلتها الأولى محطة مصيرية في تاريخ أردوغان السياسي وسمحت خسارته للانتخابات بإظهار الوجه الحقيقي لسليل حي «قاسم باشا» الشعبي في «اسطنبول» الذي انطلق منه مغامراً يلعب كرة القدم ويمارس أعمال البلطجة لصالح رجال الدين الذين كان يتبعهم، وليعود إلى موروثه الأخلاقي وعادته في شتم خصومه واستخدام العبارات النابية التي لازمته لسنوات عدة خلال مسيرته السياسية في رئاسته حكومة بلاده.
ولأنّ الأزمات تختبر الرجال وتكشف معادن القادة، فقد رفعت الغارات الروسية منسوب القلق لدى أردوغان وهو يرى مشروع انهيار أحلام السلطنة ووهم المنطقة العازلة، ما دفعه إلى التعاطي بعنتريات قطاع الطرق عقب تصدي الغارات الروسية لقوافل النفط «الداعشي» والذي سرعان ما تحول إلى بلطجة فاقعة بإسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية وبنبرة «القبضاي» الزاجرة وبأسلوبه «العنتري» المثير أخذ يطلق تهديدات لموسكو. كشفت تقارير وزارة الدفاع الروسية زيف ادعاءاته من دون أن يعترف بعمق المعاناة التركية التي عبر عن جزء منها وزير خارجية تركيا الأسبق يشار ياكيش في مقال في صحيفة زمان التركية، أكد فيه أنّ الضرر سيلحق بالاقتصاد التركي أضعاف أضرار الاقتصاد الروسي جراء تبعات إسقاط الطائرة. أما في السياسة، فإنّ تركيا ستواجه مصاعب أكبر، بحسب ياكيش، على اعتبار أنّ إسقاط الطائرة حدّ من حرية تركيا في التحرك ضمن الأراضي السورية، كما أنّ سياسة أردوغان بدعمه التركمان تجعلهم في المستقبل يدفعون الثمن كونهم مواطنون سوريون، لتكون مغامرة تركيا بعدم الموازنة بين الدفاع المشروع والتهجم على دمشق ستجعلهم يدفعون الثمن.
آخر الضربات الروسية لأردوغان كشفت تورطه المباشر في تجارة النفط بين تركيا والتنظيم بعد أيام من الكشف السوري لقوافل الإمداد التركي لـ«داعش» بالسلاح واتهام الرئيس السوري لأردوغان بفقدان أعصابه، تلاه اتهام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقيادة الروسية بفقدان عقلها.
حالة هيسترية تجتاح أردوغان أحدثها انكشاف مشاريعه الفاشلة والتي حاول التغطية عليها بعلو صراخه وتوجيه الشتائم والتهديد لروسيا وسورية، ما يؤكد خسارة السلطان عقله السياسي، بانتظار إحالته إلى المصحّ.
«توب نيوز»