جعجع «متفاجئ وحائر ومرتاب»…

يوسف المصري

يتردّد عن إمكانية أن يسافر رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع إلى السعودية في أي وقت.

وتقول المعلومات المستقاة من مصادر قريبة من معراب إن «الحكيم» يعيش حالياً داخل سجن من ثلاث كلمات «متفاجئ وحائر ومرتاب».

.. «المفاجأة» وصلت إليه على نحو صاعق حينما استفاق ذات صباح ووجد فوق وسادته خبر ترشيح النائب سليمان فرنجية من دون أية مقدّمات مسبقة كان يمكن أن تخفف عليه وطأة الصدمة.

.. يصف البعض «وقع الخبر» على الحكيم بأنه يشبه شخصاً ذهب لإجراء فحص اعتياديّ، لكن طبيبه فاجأه بأنّ مرضاً مميتاً يلمّ به، علماً أنه لم يكن قبلاً يشكو من أية عوارض.

قبل فترة وجيزة زار جعجع السعودية ولم يلحظ هناك أية مؤشرات تدلّل على توجه ما سواء دولي أو إقليمي أو حتى داخلي على مستوى بيئة الرئيس سعد الحريري تؤشر إلى إمكانية ترشيح فرنجية.

ويستطيع جعجع أن يقسم بأغلظ يمين أنه لم يسمع باسم فرنجية في السعودية، ولا حتى في كل لقاءاته الكثيرة مع دبلوماسيين عرب أو أجانب يزورون معراب باستمرار أو يتواصل معهم عبر قنوات خاصة به.

سؤال: من أين ولدت الفكرة وكيف ترعرعت من وراء ظهره من دون أن يشعر بأية شبهات عنها، هو مصدر صدمة المفاجأة عليه.

وما يزيد الطين بلّة هو إحراج «الحكيم» من أنه ظهر أمام فريقه الضيّق بأنه لا يعلم، علماً أنه رسم صورة له بعيون أفراده طوال الفترة الماضية، تظهره بأنه واسع الاطلاع والعالِم بما يُحاك في كواليس الداخل والخارج.

وتقع المفاجأة أيضاً في أنه كان لعب مناورة ترشحه للرئاسة لكي يبعد عن شفتيه مذاق كأس وصول الجنرال عون إلى قصر بعبدا، ليكتشف أخيراً أنّ ترشحه خدم بشكل أو بآخر حظوظ فرنجية لنيل لقب فخامة الرئيس.

«جعجع حائر»، لأنه لا يدري كيف يتصرّف. هل يرتمي أكثر في أحضان عون، فيبدو كـ»المستجير من الرمضاء بالنار»، أم يذهب إلى مفاوضة فرنجية وحينها سيبدو كقائد يرفع العلم الأبيض في ساحة المنازلة داخل الساحة المسيحية أم أنه يرفع عقيرته داخل ١٤ آذار، وحينها سيبدو كمن يصرخ في البرية.

لا خيارات لدى جعجع حالياً لصرفها في مواجهة اللحظة الراهنة التي يبدو فيها الحريري على مسافة ساعات من إعلان تأييده لترشيح فرنجية.

وفي هذا الوقت يحاول خوض معركة إشغال لفكرة الترشيح من خلال مهاجمتها والتحريض عليها مسيحياً، ولكنه يواجه إحراجاً كبيراً في هذا المجال. فبالعادة يقول جعجع إنّ حزب الله يصادر قرار المسيحيين بتسمية رئيس الجمهورية الماروني، فيما الواقع الآن يقول إن مَن سمّى الرئيس الماروني من دون استشارته هو حليفه تيار المستقبل.

ثم يستطيع الحريري أن يقول لجعجع: أنا لم أصادر قرار المسيحيين، لقد أيّدت ترشيح واحد من المرشحين الأربعة الذين جرى التوافق عليهم في بكركي بوصفهم الأقوياء داخل نادي مرشحي الرئاسة.

«جعجع مرتاب»، لكونه لا يعرف كيف بدأت فكرة ترشيح فرنجية وإلى أين ستنتهي وعلى حساب مَن بالطبع لن تكون على حساب التيار الوطني الحر، فأخيراً يمكن تجاوز التباين القائم حالياً بينهما من خلال استمرار فرنجية بترشيح الجنرال أو قبول الأخير بترشيح فرنجية، المهمّ أنه في النهاية لا يمكن الرهان على قطيعة بين ثلاثي محور المقاومة حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المردة ، ولكن يمكن الرهان على أنّ جعجع ذاهب للحصار مرة جديدة.

في معراب يقولون إنّ الحكيم يشعر بوطأة مقولة شائعة عنه، وهي أنه لديه مواهب لإعداد المعارك، ولكنه لديه نقص كبير في ربحها حينما تحتدم، وحينما يصبح مطلوباً منه وضع تقدير استراتيجي لاستكشاف الأفق الانتقالي المعقد.

عشية الطائف أساء قراءة الخارطة الجديدة الدولية والخارجية وقاده هذا إلى السجن. والآن يُثار داخل بيئة جعجع القريبة الخوف من «الحكيم» فقد يكرّر خطأ إساءة تقدير تحوّل استراتيجي يُحاك في كواليس دولية وإقليمية ومحلية.

عبارة جعجع مرتاب لا تكفي، بل هو متوجّس وخائف ويخشى أنه أمام انهيار سياسي جديد.

الحلّ الأكثر قبولاً لديه في هذه اللحظة هو الذهاب إلى السعودية ليحصل هناك على أجوبة عن «أسئلته الحائرة والمتفاجئة والمرتابة»!

فهل توجه إليه المملكة السعودية الدعوة؟ هل يوصي رئيس الاستخبارات السعودية الأقرب إليه في المملكة بقبول طلب زيارته الاستثنائية للمملكة؟ وماذا لو حدث أن سفير السعودية علي عواض العسيري قرّر أن ينسى رقم هاتف الحكيم ولم يتصل به لإبلاغه بأنّ طلب الزيارة تمّ قبوله وحدّد له موعداً عاجلاً لها؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى