جدال حول صلتها بخصوصيات الأقليات تطلقها مبادرة عون
يوسف المصري ـ خاص
…مبادرة الجنرال ميشال عون الإنقاذية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من مأزقه وأيضاً لتصحيح مجمل التمثيل المسيحي، لم تكن موفقة في توقيتها انطلاقاً من ما قالته مصادر مقربة من بكركي والسفارات الغربية في بيروت.
وترى هذه المصادر أن توقيت مبادرة عون في هذه اللحظة، جعلت التعاطي معها يتم على أساس صلتها، ولو شكلياً، بما يحدث من تطورات في المنطقة.
صحيح أن عون لديه توقيت داخلي لمبادرته، ولكن إطلاقها سيسمح لخصومه بوضعها في نصاب الزمن في لحظة يوجد فيها اعتمال مكثف للهويات الأقلوية في المنطقة وسجال تناغمي يهودي إسرائيلي – كردي بخصوصه، إنما يأخذ مبادرة عون – بحسب ما يتم النظر إليها خارجياً وإقليمياً – إلى حيث لا يقصد الجنرال ولم يقصد، وربما إلى حيث لم يلتفت إلى حقيقة أنه يتكلم باسم مسيحيي لبنان في لحظة يتمّ فيها تقسيم أوطان على أساس طائفي وعرقي ومذهبي، ويتمّ فيها أيضاً إعادة رسم سايكس – بيكو على أساس تقسيم المقسم.
نصيحة تأجيل إعلان المبادرة
وبنظر هذه المصادر، كان يمكن لعون أن يؤجل إعلان مبادرته إلى وقت أكثر ملاءمة إقليمياً، أو أن يمهد لها بمواقف تشرح موجبات مبادرته الداخلية وأنها تقصد تطوير التمثيل المسيحي ضمن النظام اللبناني، توصلاً لإعلان إدانته لمخططات تقسيم دول المنطقة السائدة حالياً، وتأكيد المؤكد حول أن رفع صوته لتحسين تمثيل المسيحيين لا ينتمي للأصوات الانفصالية المرتفعة في المنطقة.
والواقع أن ظروف إعلان أن ينتخب المواطن المسيحي نوابه المسيحيين كما تم عرضها في إطار القانون الأرثوذكسي العام الماضي، كان يمكن إدراجها أنها تأتي في إطار تحصين الوجود المسيحي في الشرق، أما طرح هذا القانون الآن وفي لحظة إعلان الانفصال الكردي، فإنما ستفسر على أنها صدى لحيويات انفصالية وتقسيمية تسود المنطقة.
وتسأل هذه المصادر كيف يستدرك عون كل هذه المعاني غير المقصودة التي أثارها عبر طرح مبادرة إنقاذية مفهومة داخلياً ولكنها خارجياً توحي بأنها جزء من تدحرج كرة انتهاء مرحلة الدول الوطنية في المشرق لمصلحة كونفيديراليات وحتى إنفصاليون.
وبعيداً عن إمكانية أخذ مبادرة عون إلى تأويلات تقتات اشتبهاتها من الوضع الإقليمي، فإن مصادر قريبة من بكركي كشفت أن هناك شبه توحد للرؤية المسيحية من بيروت إلى الفاتيكان حول سبب إعلان عون مبادرته. إذ يرى جميع هؤلاء أن هذه المبادرة هي نوع من إعلان يأس الجنرال من أية نتائج مثمرة يمكن أن يفضي إليها حوار التيار الوطني الحر مع حزب المستقبل.
وبحسب مصدر مقرب من عون والحريري، فانه ثبت أن حوارهما لن يصل إلى أي اتفاق على رئاسة الجمهورية، أما البنود النقاشية الأخرى الموجودة تحت سقف التوافق على فخامة الرئيس فإن الطرفين لا يحتاجان لبعضهما البعض بخصوصها.
والسؤال الآن مسيحياً هو ماذا بعد انتهاء حوار عون الحريري على نتيجة «صفر»؟
واضح أن عون قال عبر إطلاق مبادرته ما هي طبيعة مرحلة ما بعد فشل الحوار العوني – الحريري، وهو إعادة كل ملف الانتخابات الرئاسية والنيابية إلى مربع الأزمة الأول مع 14 آذار وبخاصة مع التكتل السني بداخله… وضمن هذا المسار فإن عون ينفذ تلميحه السابق: فشل توافقي مع الحريري يساوي فشل الاستمرار في الطائف.
لكن المصادر المقربة من الجنرال ترد بسرعة معتبرة أن هذا التشكيك بالمبادرة وموقعها من المشاريع التقسيمية لا يكشف فقط جهل أصحابة بأن طمأنة الأقليات لدورها المؤثر في صناعة مستقبل الكيانات الوطنية التي تنتسب إليها هو الرد الوحيد على صيحات التقسيم التي تتعالى في المنطقة لدى الأقليات تحت شعر رفض التهميش والإقصاء وهو مصدر المناعة والحصانة لمخاطبة جمهور مسيحي يشكك بفرص البقاء في شرق تجتاحه الأصوليات، بل إن هذا الرد التأويلي على المبادرة يكشف أنها أصابت نقاط وجع من كانت تستهدف القول لهم أنتم لا ترفضون العماد ميشال عون بل ترفضون الشراكة مع المسيحيين، ولذلك فأنتم شركاء في عمليات التهجير وصيحات التقسيم من حيث تعلمون أو لا تعلمون لأن ما تشهده المنطقة هو عموماً وليد عدم اتساع الأطر السياسية والدستورية لكيانات المنطقة لاستيعاب مخاوف الأقليات وتطلعاتها للمشاركة الفاعلة.