تقرير إخباري التجارة بالسياسة واستعصاء الحروب

محمد محفوض

يبقى المال هو عصب الحرب… يقول ونستون تشرتشل.

تأتي الحرب نتيجة طبيعية لانعدام قدرة المتحاربين على الوصول إلى حل بالحوار السياسي فيما بينهم، فترسم المكتسبات السياسية بالدم والنار… لكن للحروب وجه أسود آخر هو اقتصاد الحرب وفيه تتكاثر الطفيليات التجارية التي تولد وتنمو في كنف الحرب لتكبر وتصبح مبرراً وحيداً لاستمرار الحرب عند إنجاز التسويات السياسية.

مع تقدّم الزمن وندرة الزعامات السياسية والقامات الوطنية التي تحكم دوائر القرار وهيمنة شخصيات سياسية سيرتها حافلة بتجارة السلاح والنفط قبل توجّهها للعمل بالسياسة باتت سلطة مافيات الحروب على القرار أكبر في العالم.

فمثلاً، يكشف لنا تقرير «معهد السياسة الدولية» الذي مقرّه واشنطن أنّه خلال جولة الانتخابات الأميركية في 2004، تصدّر جورج بوش وجون كيري قائمة الحاصلين على دعم من جهات مرتبطة بالصناعات العسكرية الأميركية.

في الحرب السورية اجتمعت في العدو عناصر الاقتصاد الأسود كلها: من غياب الإرادة السياسية للحل كما في المعارضات السورية التي تقف وراءها دول يحكمها تجار سلاح ونفط كأردوغان وهولاند، وصولاً إلى حقد سياسي دفين تمثله السعودية وقطر.

مع فضح روسيا قنوات تجارة النفط بين داعش والعائلة الأردوغانية ووجود تقارير تؤكد ضلوع نتنياهو أيضاً بشراء النفط السوري الآتي من ميناء جيهان التركي بات التفسير منطقياً للجنون التركي الأخير، وبات السبب أكثر منطقية لإدراج بوتين على رأس قائمة اتصالات نتنياهو و أردوغان، تحت عنوان تنسيق خطوط حركة الطيران بينما الهدف الأساس حماية مصدر رزق الأولاد.

كيف لقافلات النفط أن تعبر أكثر من ألفَي كيلومتر براً وبحراً، من دون شراكة الحكومتين والمخابرات التركية و»الإسرائيلية».

كيف للحرب في سورية أن تتوقف وجون كيري ذاته هو بين كبار المستثمرين في شركات سلاح لها اتفاقيات مع وزارة الدفاع الأميركية، وهو أيضاً من بين كبار الرابحين من هذه الاستثمارات.

بلال أردوغان، فرانسوا هولاند، جون كيري ومثلهم الكثير ملوك وأمراء في الخليج، هم طبقات سياسية حاكمة تحكمها المصالح الضيقة للتجارة وتقيس أرباحها بالدولارات قبل المكاسب السياسية لأوطانهم.

مما سبق يمكن تفسير غضب رجب طيب أردوغان من العمليات الروسية الأخيرة التي استهدفت قوافل النفط، خصوصاً إذا ما أخذنا في الحسبان أن نجله بلال يمكن أن يكون قد دفع ثمنها مقدماً لداعش… كما يمكن أيضاً تفسير عدم وجود تحوّل سياسي حقيقي تجاه محاربة الإرهاب في فرنسا والخليج، مع أن الإرهاب ضرب عقر دارهم… لا بل كاد أن يصل مقعد هولاند في استاد رياضي بباريس في فرنسا.

وقف الأزمات الكبرى في العالم تحتاج إرادات سياسية تقف وراءها رجال سياسية حقيقيون من طينة حافظ الأسد وهوغو تشافيز وشارل ديغول وليس تجار حروب كانوا محكومين ومع تطفلهم على السياسة وسطوة المال على السلطة باتوا حاكمين !

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى